المخاوف الوسواسية من الإصابة بالأمراض السرطانية

0 356

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أنا عمري 20 سنة، أعاني من مشكلة الوساوس القهرية منذ 5 سنين، مشكلتي باختصار أني دائم الشك في أني مريض بالأورام السرطانية، وأفرط في البحث في جسدي وعنقي ورأسي عن أي ورم أو انتفاخ ولو كان بسيطا، غير ذلك أنني أفرط في التفكير لدرجة أنني أفكر أثناء النوم، وأحملق في الناس بشدة، وأخاف من أشياء غريبة وساذجة.

أعلم أن هذا اضطراب نفسي شديد، ولا أرغب في تعاطي عقاقير العلاج النفسي؛ لأني سمعت أنها تؤثر على خصوبة الرجل، مع العلم أنني ارتكبت الكثير من السيئات والذنوب في الدنيا.

الآن أنا تائب إلى الله، وأواظب على تأدية الصلاة، وأحاول قدر الإمكان تجنب المعاصي.

الرجاء أريد حلا لرعبي من لا شيء!

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الخوف من الأمراض هو نوع من القلق النفسي، ونقصد بالقلق النفسي إذا كان الخوف خوفا غير مبرر أو خوفا لا يتناسب مع الموقف، وهذا النوع من الخوف والقلق يأخذ الطابع الوسواسي – كما ذكرت – وهنا نفضل أن نسمي الحالة بـ (المخاوف الوسواسية) وليس الوسواس القهري؛ لأن هناك اختلافا بين الحالتين.

هذه المخاوف في الغالب تكون مكتسبة نسبة لحادثة معينة تعرضت لها أو لاكتسابك لخبرات عن الأمراض خاصة أمراض السرطان، وهذه الخبرات غالبا تكتسب بأن يسمع الإنسان عن مريض أصيب بهذا المرض، وكذلك إذا أكثر الإنسان من اطلاعاته حول هذه الأمراض ولكثرة المحاذير وما يثار عن السرطان وأسبابه وصعوبة علاجه، هذه التجارب تبنى في داخل النفوس وتجعل بعض الناس أكثر قلقا وخوفا من هذه الأمراض.

الطريقة المثلى للتخلص من نوع هذا القلق هو أولا أن يكون الإنسان ملتزما التزاما قاطعا بواجباته الدينية، فالمحافظة على العبادات وعلى رأسها الصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن بتؤدة وتمعن هي من أكبر بواعث الطمأنينة على النفس، ولا شك أن الأذكار والأدعية المأثورة هي أيضا من الحافظات والواقيات - إن شاء الله تعالى – من هذه الأمراض، والإنسان الذي يدرك ذلك ويدرك أهمية هذه الأذكار وفعاليتها وما تبعثه من طمأنينة إذا اقتنع بها...أعتقد أن ذلك جزء أساسي في علاج مثل هذه الحالة.

الأدعية كثيرة وقد وجدت من أفضلها الدعاء المأثور، والذي يشتمل على: (اللهم إني أعوذ بك من البرص والجذام والجنون وسيئ الأسقام)، وسيئ الأسقام لا شك أنه يشمل أمراض السرطان وما شابهه، فكن حريصا على هذا الدعاء، واجعله سياجا واقيا وباعثا على الطمأنينة بالنسبة لك.

وقد (سأل العباس رضي الله عنه النبي صلى عليه وسلم فقال: علمني شيئا أسأل الله عز وجل. قال: سل الله العافية. قال: فمكث أياما ثم سأله. فقال: يا عباس يا عم رسول الله سل الله العافية في الدنيا والآخرة). وقال صلى الله عليه وسلم: (سلوا الله اليقين والمعافاة فما أوتي أحد بعد اليقين خيرا من المعافاة).

وقد أنعم الله عليك بالتوبة وهذه نعمة عظيمة، وأسأل الله أن يغفر لك ولنا ولجميع المسلمين، وعليك بالالتزام القاطع، وهذا بالطبع من شروط التوبة ألا يرجع الإنسان إلى ما اقترف وأن يحس بالندم، وأحسبك - إن شاء الله – أنك تسير على هذا الطريق.

ثانيا: سيكون من المفيد لك أن تحقر فكرة القلق نحو هذا المرض، فقل لنفسك: (لماذا أشغل نفسي بهذه الدرجة، فأنا الحمد لله ليس هناك ما يشير أو يدل على أني مصاب بالسرطان) هذا التحقير للفكرة المرضية إن استطعت أن تركز عليه سوف يفيدك كثيرا.

ثالثا: سيكون من المفيد لك أيضا أن تذهب إلى طبيب الأسرة – طبيب الأمراض الباطنية – مرة كل سنة وتقوم بإجراء فحوصات روتينية عمومية، فهذه - إن شاء الله - أيضا سوف تجعلك لا تتردد على الأطباء وسوف تقلل من هذه الوساوس القلقية.

رابعا: أرجو أن تمارس الرياضة؛ لأن الرياضة تبعث طاقات جسدية ونفسية جديدة في الإنسان، والإنسان حين يحس بقوته وعنفوانه يعرف أنه ليس بمريض.

يبقى بعد ذلك أمر العلاج الدوائي، والأدوية الحديثة حقيقة تساعد مساعدة كبيرة في إزالة هذه الأعراض التي تعاني منها، مع أنك ذكرت أنك لا تريد استعمال العقاقير؛ لأنك سمعت أنها تؤثر على خصوبة الرجل، فهذا الكلام ليس صحيحا، ونحن هنا في الشبكة الإسلامية حريصون كل الحرص ألا نصف إلا الدواء الذي نرى أنه سليم في المقام الأول، ثم بعد ذلك ذا فعالية معروفة، إذن السلامة قبل الفعالية هي المبدأ الذي نلتزم به.

وأقترح عليك أحد الأدوية التي أعرف أنها - إن شاء الله – سليمة ومفيدة جدا، وبعد ذلك سيكون الخيار لك، ولكن كنصيحة أوجهها لك أرجو ألا تحرم نفسك من نعمة الدواء، والعقار الذي أثبت جدارته في علاج مثل حالتك يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram) والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة بسيطة وليست الجرعة الكبيرة أو الجرعة القصوى، فابدأ في تناول هذا الدواء بمعدل خمسة مليجرام – نصف حبة من فئة العشرة مليجرام – تناول هذه الجرعة الصغيرة يوميا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى عشرة مليجرام (حبة واحدة) ليلا واستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم خفض الجرعة بعد ذلك إلى خمسة مليجرام (نصف حبة) ليلا لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذن هذه هي المدة العلاجية الدوائية، وإن شاء الله بتناولك هذا الدواء - والذي كما ذكرت لك أنه سليم ولا يؤثر مطلقا على الخصوبة بأي حال من الأحوال – واتباع الإرشادات السابقة - إن شاء الله - سوف تحس بأن هذا القلق الوسواسي قد انخفض وسوف يزول تماما.

وعليك بالاجتهاد في دراستك حتى تكون من المتميزين ومن المتفوقين، والتركيز على الدراسة والاجتهاد فيها سوف يصرف إن شاء الله فكرك عن الانشغال بهذه الوسوسة المرضية.

أسأل الله لك ولنا ولجميع المسلمين الشفاء والعافية والمعافاة في الدين والدنيا والآخرة، وأن يحفظك الله من كل مكروه، وأن يوفقك وأن يسدد خطاك، وأسأل الله لك الصحة والعافية.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات