كيفية إدارة الوقت من أجل التحصيل الكافي لدخول الامتحانات والتميز فيها

0 479

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأساتذة المستشارون: إن مكانتكم في قلوبنا كآبائنا وإخوتنا، بل ونعتبر أنفسنا بين يدي أهلينا، فجزاكم الله خيرا.

أنا طالب في كلية الهندسة وأجد في نفسي ذكاء وتحصيلا ممتازا في حال لو درست ولو قليلا، ولكني أدرس كل المواد ليلة الامتحان، فأجد نفسي لا أنهي المناهج بالشكل الصحيح، فهذا يؤثر سلبا على التحصيل، فأرجو منكم تقديم بعض الإرشادات، لعل تحصيلي يكون أفضل كتنظيم للوقت والتعامل معه.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صادق حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

كل عام وأنتم بخير وتقبل الله طاعتكم..

فإنا لا نستطيع أن نقول أن هنالك منهجا واحدا يمكن أن يتبعه الإنسان من أجل تطوير ذاته وإدارتها بصورة جيدة، وكذلك التعامل مع الوقت والزمن والاستفادة منه، ولكن توجد عدة مناهج يستطيع الإنسان أن يتخير منها ما يشاء حسب ظروفه وحسب مقدراته، وعموما جميع هذه الأطر أو الأسس تلتقي في أشياء معينة وإن اختلفت في بعض التفاصيل، ولكن من المهم جدا أن يقيم الإنسان نفسه بصورة صحيحة.

إذن أنت الآن مطالب بأن تقيم نفسك التقييم الصحيح: ما هي مقدراتك؟ وما هي أهدافك في الحياة؟ وما هي الآليات التي يجب أن تطبقها لتصل إلى هذه الأهداف؟ وما هي السلبيات التي تعاني منها – وهذا أمر ضروري جدا - ؟ وفي حالتك لا شك أن السلبية واضحة وهي أنك لا تذاكر ولا تحرص على دروسك بالصورة المطلوبة، فالأمر يتطلب منك التجرد ويتطلب منك الصدق مع النفس ويتطلب منك الانتقاد الإيجابي الفعال للنفس...هذه هي الأسس الأولى والمهمة جدا..

بعد ذلك تكون قد أوضحت هدفك، وهدفك هنا هو أن تذاكر وأن تنجح وأن تتميز، ولابد أن يكون تفكيرك تفكيرا جادا، والجدية هي شعور شخصي جدا لا يستطيع أحد أن يغرسه في أحد ولا يستطيع أحد أن ينزعه، ولكن الشعور الجاد يجب أن يوصلك إلى ما تريد أن تصل إليه، وهذا هو لب الموضوع، فعليك أن تتخذ النموذج الذي يناسبك، بمعنى أن تدرس لوقت معين ولساعات معينة وتترك بقية الوقت للنشاطات الأخرى، ولابد أن تأخذ نماذج وقدوة تقتدي بها وتتمثل بها، هذه القدوة يمكن أن تكون من زملائك الطلاب أو من المعلمين أو من شخصيات اجتماعية وتاريخية وهكذا، فاتخاذ القدوة والتعلم من القدوة وانتهاج نهج القدوة هو وسيلة من وسائل النجاح.

بعد ذلك يجب أن يكون هنالك الصبر والثبات، فكل شيء في الدنيا يتطلب الصبر ويتطلب الثبات ويتطلب رفع الهمة ويتطلب المثابرة والإصرار.

يأتي بعد ذلك المرحلة الأخيرة وهي الاستمتاع بما تعمل حتى القراءة وحتى المذاكرة، أي عمل تقوم به لابد أن تحس أنك مستمتع بهذا العمل، وهذه أيضا مشاعر داخلية يبنيها الإنسان لئن يكون جادا مع نفسه.

وهنالك أيضا أطر عامة لتنمية الذات وهي أن أعرف مقدراتي الحقيقية وأن أقيسها بكل دقة وبكل تمعن، وأقبل ما هو إيجابي وأقبل ما هو سلبي، وألا يكون هنالك فارغ كبير بين ذاتي الحقيقية وذاتي التي أتمناها، فإن هنالك بعض الناس يكون لهم تفكير خيالي جدا، فلابد أن يكون هنالك معقولية ما بين ما تراه في ذاتك الآن وما تتمناه لنفسك أن تكون.

إذن أولا يجب أن تفهم ذاتك ومقدراتك، ثم بعد ذلك يجب أن تقبل ذاتك، ثم بعد ذلك تسعى لتطوير ذاتك، وهذا يأتي بالأسس التي تكلمنا عنها سابقا – أي تطوير الذات -.

أنت الحمد لله تعالى تتمتع بدرجة عالية من الذكاء وبمقدرات عالية، وهذه نعمة كبيرة من الواجب عليك أن تشكرها ((واذكروا نعمة الله عليكم))[البقرة:231]، ((واشكروا نعمة الله إن كنتم إياه تعبدون))[النحل:114]..

إذن كل المطلوب منك هو الشعور بالمسئولية حيال الحصول على الدرجة العلمية المتميزة باتخاذ القدوة والمقارنة مع الآخرين، وهذا لا يأتي بالطبع إلا إذا كنت جادا مع نفسك ونظرت إلى المستقبل بأنه مستقبل تنافسي وأن سلاح العلم من الأسلحة التي يستطيع الإنسان أن يثبت ذاته من خلالها، وهذا بالطبع قوي الثقة في النفس ويرفع من المقدرات، وعليك أن تبني المشاعر التنافسية التي تأتي أيضا باتخاذ القدوة والمقارنة مع الآخرين، ولا مانع أن يكون هنالك نوع من الغبطة فهذا مطلوب لئن ينجح الإنسان.

يأتي بعد ذلك تقسيم الزمن، فلابد أولا أن تعرف أن الإنسان يضيع ثلث يومه نوما، ولكن لا نقول أن النوم مضيعة للوقت؛ لأن النوم يجب أن يتخذ وسيلة لإراحة الجسد وإنعاشه من أجل أن يؤدي نشاطاته الحياتية بصورة صحيحة، فالذي يعيش ستين عاما يقضي على الأقل في هذه الحياة عشرين عاما نائما، فهذه الموتة الصغرى تأخذ من أوقاتنا كثيرا، ولكنها أيضا هامة وضرورية ولا يمكن للإنسان بدونها أن يكون نشطا ومنتجا وفعالا.

الذي أنصحك به هو أولا أن تكون حريصا على حضور جميع المحاضرات وجميع الأنشطة الدراسية .. هذا أمر ضروري.

ثانيا: ضع لنفسك هدفا، والهدف هو النجاح والسمو والتفوق.

ثالثا: تأتي بعد ذلك الوسائل، وأهم شيء ألا تساوم نفسك، فضع الجدول، والجدول واضح جدا وهو معلوم: تأخذ قسطا من الراحة، وتحدد وقتا للمذاكرة، ويمكن أن يكون هذا الوقت لساعة أو ساعتين أو ثلاث ساعات في بدايات العام ثم بعد ذلك ترفع المعدل، ومن الضروري أن تشعر بالاستمتاع حينما تقرأ وحينما تذاكر دروسك، خصص وقتا للترفيه عن النفس المنضبط المطلوب، ومارس الرياضة لتحسن لديك من الدافعية وتعطي الطاقات الجديدة، وعليك بالتواصل الاجتماعي، وعليك ببعض القراءات غير الأكاديمية الغير مطلوبة.

فيمكنك أن تضع جدولا زمنيا وتكتبه فهذا لا مانع، ولكن يفضل أن يكون هذا الجدول خارطة في ذاكرتك فقط، فضع هذه الخارطة الزمنية واعرف أهدافك وصمم أن تصل إليها..

هذه هي الوسيلة الوحيدة ولا توجد أي وسيلة أخرى، ويمكنك أيضا أن تستفيد من زملائك، فلا مانع من الدراسة في مجموعة على الأقل في مرة أو مرتين خلال الأسبوع، فيكون هنالك اتفاق مع بعض الأصدقاء لئن تقرؤوا لساعات معينة، وبعد ذلك لا مانع أن تروحوا عن أنفسكم.

ولا شك أن حرصك على العبادات وأداء الصلوات في وقتها في المسجد يمكن أن تكون نقاطا أساسية لإدارة الزمن: ماذا سأفعل قبل الصلاة؟ وماذا سأفعل بعد الصلاة؟ مرتكزات أساسية، فمثلا دراسة ساعة أو نصف ساعة بعد صلاة الفجر توازي ثلاث أو أربع ساعات في بقية اليوم، فإن هذه كلها يمكنك أن تستفيد منها.

وعليك أيضا أن تسترشد برأي أساتذتك، فالمعلم المتميز يعرف مقدرات الطالب ويستطيع من خلاله أن يوجهه كيف يستفيد من وقته.

عموما وختاما أذكرك بأمر واحد، وهو أن الموضوع واضح جدا: كيف يدير الإنسان وقته؟ فهذا ليس صعبا، ولكن إذا حدد الهدف وسعي للوصول إلى الهدف، وأوقف مساومة النفس والتكاسل وسعي لعلو الهمة، وتذكر أن يوم الحصول على الدرجة الجامعية هو يوم فرح كبير.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والتفوق والسداد، وكل عام وأنتم بخير، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات