السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيرا على ما تقدمون لنا وجعلها الله لكم في ميزان حسناتكم إن شاء الله.
لدي طفلة تبلغ من العمر 8 سنوات، أريد أن أوعيها عن الجنس حيث إنها تختلط مع زميلاتها في المدرسة وحياتنا الاجتماعية، وتجتمع مع فتيات أكبر منها سنا ويتكلمن في الدورة الشهرية والحب والغرام وعن العلاقات الجنسية، حيث إنهن يبلغن من الأعمار الـ10 والـ11، ومنها أختي، أريد الأسلوب الصحيح لكي لا تصغي لكل ما يقال، وأخاف أن أخبرها بحقيقة الأمر وتخبر من لا تعلم أو من أصغر منها سنا وتحدث مشكلة كبيرة، وكيف أجعلها تخبرني بأسرارها؟ لأن هناك أسرارا يخبرنها الفتيات تكون خطيرة كالجنس، وابنتي كتومة، فلا تخبرني عن الأسرار أبدا.
مع العلم أني اكتشفتها 3 مرات مع أخي الذي هو في نفس عمرها بدون ملابس ويداعبان بعضهما بأعضائهم بالملامسة والمص، وقد أخبرتها أنه حرام وسوف يغضب الله منهما لكن لم يجد نفعا.
أفيدوني، جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رناس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يفرج كربتك وأن يقضي حاجتك، وأن يذهب عنك هذا التفكير في شأن ابنتك، وأن يرزقها الهدى والتقى والعفاف والغنى، وأن يعينك على تربيتها تربية صالحة طيبة مباركة، كما نسأله تبارك وتعالى أن يوفقك للذي هو خير، وأن يعينك على أن تأخذي بيد ابنتك إلى الخير والصلاح والتقى والاستقامة، وأن يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فيبدو أن المجتمع الذي تعيشون فيه مجتمع إباحي، يختلف عن المجتمعات الإسلامية المحافظة، حيث إن هذه التصرفات التي شاهدتها ما بين ابنتك وما بين أخيك وهم صغار في هذه المرحلة من السن تدل دلالة واضحة على أن هذه الأمور منتشرة، وأنهم يشاهدونها لعلها في أجهزة الإعلام أو في بعض وسائل الإعلام كالجرائد والمجلات، أو لأنها تمارس أمامهم ويرونها بأعينهم في المجتمع الذي يعيشون فيه.
وترتب على ذلك أنهما يتعريان من الملابس ويداعب بعضهم البعض بالأعضاء الحساسة – كما ذكرت – بالملامسة وغيرها، فهذا يدل على أن هذا الأمر قد تكرر منهما أكثر من مرة، وهذا يدل أيضا في نفس الوقت على أنك ترغبين في التربية ولكن في وقت متأخر، ففي مثل هذه البيئة كان الأولى أن تبدئي بابنتك قبل أن تتفتح أعينها على مثل هذه التصرفات، لأنها الآن إذا كانت بهذا المستوى وهي مازالت في هذا السن فمعنى ذلك أن القطار قد فاتك فعلا إلى مرحلة بعيدة، ثمان سنوات، وهي ترى هذه الأشياء وتلاحظ هذه التصرفات ولعلها تراها في أماكن كثيرة ومتعددة مما جعلها ترغب في اكتشاف هذا العالم الغريب، وبدأت تمارس تلك التصرفات مع هذا الفتى الذي هو أخيك في مثل سنها، ولذلك أقول:
مع الأسف الشديد لقد فاتك القطار، إلا أنه من الممكن تدارك هذه المرحلة بضرورة بيان الأمور الشرعية التي بينها الإسلام وحدود العلاقات الجنسية التي وضعها الشرع، فيلزم بداية أن تحددي لابنتك مفهوم العورة، وأن تبيني لها أن الفتاة المسلمة لا يجوز لها أن تكشف عن عورتها أمام أي أحد كائنا من كان، حتى ولو كان أبوها أو أخوها؛ لأن هذه مسئوليتها يوم القيامة والله سائلها عن ذلك.
وتجتهدي - بارك الله فيك – في أن تجعليها ترتدي البناطيل تحت الملابس حتى يكون من الصعب عليها أن تكشف عن عورتها، وتبينين لها أن الفتاة المسلمة الفاضلة هي التي تلبس هذه البناطيل تحت ملابسها وفساتينها، فهذا نوع من أنواع الحد.
ثم بعد ذلك تبينين لها أيضا أن هذه الأعضاء لا يجوز للمسلمة ولا للمسلم أن يكشفها، والدليل على ذلك أنت شخصيا، فقولي لها: (هل رأيتني يوما وأنا أكشف عن عورتي؟!) قطعا ستقول لك لا، فتقولين لها: طيب لماذا؟ ستقول: لا أدري. تقولين: لأن الإسلام منع ذلك، فهذه العورة لا تكشف إلا في حالات الضرورة فقط وبضوابط شرعية، وأنت مسلمة صالحة تحبين الله ورسوله، فلا ينبغي لك أبدا أن تكشفي عن عورتك أمام أي أحد.
ولا تخبريها بما دار بينها وبين أخيك، وإنما كلميها كما لو كان كلاما عاما، ثم بعد ذلك أيضا بالنسبة للاختلاط فضعي ضوابط لهذا الأمر، يعني اجعلي عينك عليها كلما غابت عن عينيك تتبعيها، ولا تسمحي لها أن تغلق عليها باب غرفتها وحدها لفترة طويلة، ولا أن تمكث في دورة المياه أيضا فترة طويلة أكثر من اللازم، لأنها بذلك قد تقع فريسة للشيطان الذي يزين لها ما يعرف بالعادة السرية وغيرها.
واجتهدي أيضا بأن تكون المواقع التي تدخل عليها في النت مواقع نظيفة، واجتهدي في متابعتها، وكذلك أيضا في البحث في كتبها وحقيبتها المدرسية فقد تكون هناك بعض الصور الفاضحة التي تفسد عليك وظيفتك وتجعل التربية شاقة وعسيرة.
بيني لها أيضا آداب الاستئذان وأن الإسلام بين الاستئذان وجعله أمرا شرعيا؛ بأن لا يجوز ألا تدخلي على أحد إلا بعد طرق الباب وإلقاء السلام كما هو معلوم، وبيني لها أنه لا يجوز للفتاة المسلمة أن تختلط أو تختلي بشاب وحدهما أبدا؛ لأن هذا الكلام نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وأن هذا النهي لمصلحتنا نحن، وتبيني لها بعض العلل من ذلك أيضا.
بيني لها - بارك الله فيك – حدود العلاقة ما بينها وبين الشاب، وأنه يحرم على الفتاة المسلمة أن تمكن أحدا مثلا من تقبيلها أو ضمها حتى وإن كان بعض الفتيات غير المسلمات يفعلن ذلك، إلا أن المسلمة بطبيعتها عفيفة ونظيفة وطيبة وفاضلة لا يجوز لها أن تفعل ذلك أبدا.
بيني لها قضية الصداقة ما بين الفتى والفتاة ليست من دين الله في شيء، وأن الإسلام لا يعرف علاقة بين الرجل والمرأة إلا في الإطار الزوجي الصحيح وفقط، أما بعيدا عن ذلك فلا يجوز، والدليل على ذلك قولي لها: أنا وأبوك فنحن لسنا إخوة، يعني هو ليس أخي وأنا لست أخته ولكن ارتبطنا ببعض بشرع الله تعالى ولذلك أنا أجلس معه براحتي وهو يجلس معي براحته، وأنتجنا الحمد لله هذه الذرية الصالحة الطيبة المباركة، وقولي لها: هكذا الحياة الأسرية في الإسلام، فلو أن أباك لم يكن زوجي فإنه لا يجوز لي أن أتكلم معه ولا أن أختلط به.
وقولي لها: عندك مثلا عمك فلان وعمك فلان كلهم أصدقاء لوالدك ولكن أنا لا أجالسهم ولا يعرفون عني شيئا؛ لأن المرأة المسلمة لها نظام آخر يختلف عن المرأة غير المسلمة.
اجتهدي - بارك الله فيك – أيضا في بيان أسرارها نتيجة إثارة بعض القضايا التي عادة قد تكون قد حدثت ولكنها لم تخبرك بها، فحاولي أن تكوني صديقة لها وتتقربي منها، وأخبريها أنت عن بعض أسرارك العامة التي لا تكون سرا مهما، ولكنك كأنك تأتمنينها على ذلك، وقولي لها: أتمنى أن نكون صديقات كل ما حدث لواحدة منا شيء أخبرت الأخرى، وأنا أستفيد من آرائك ومشورتك، ثم بعد ذلك كل يوم تبدئين تقولين لها: من منا اليوم عنده سر من الأسرار، وتبدئين تتكلمين عن قضية وهي تتكلم حتى تجرينها إلى أن تتكلم وتنقل هذه الأشياء التي قد تحدث بعيدا عنك.
أعطها الثقة في نفسها والثقة فيك أيضا وما علمته من تصرفات لها فلا تخبري به أي أحد كائنا من كان حتى تطمئن إليك وتفضي إليك ما في قلبها.
حاولي قدر الاستطاعة أن تذكريها بضوابط الاختلاط ومعاملة الرجال سواء كان في المدرسة أو في الأسواق أو في غير ذلك وأن الإسلام وضع إطارا عاما ينبغي علينا أن نلتزم به.
اجتهدي في ذلك - بارك الله فيك – وضعي مع ذلك سلاح الدعاء، واعلمي أنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وأن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، كما أوصانا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله لك الإعانة على تربية ابنتك تربية صالحة، كما أسأله أن يمن عليها بالستر والعفاف والهدى والتقى في الدنيا والآخرة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
هذا وبالله التوفيق.