الأسباب النفسية والعضوية للرعشة في الجسم وعلاج ذلك

0 708

السؤال

أنا فتاة عمري 23 سنة، عانيت منذ حوالي سنتين من رعشة شديدة أقل من ثانية، وبمعنى أصح رجفة تبدأ من الدماغ ثم تنتقل للوجه والأطراف في أقل من ثانية، لا أستطيع السيطرة على نفسي خلالها.

خاصة إذا صحوت من النوم فجأة، وأكون لم أكتف من النوم أو إذا زعلت من شيء ولم أستطع التنفيس أو إذا أعصابي انشدت لأي شيء، وأطول مدة لزمتني كانت حوالي ربع ساعة، أنتفض وأعود، وأحسها وسط رأسي، بعدها أحس أن أعصاب جسمي تنتفض، أحاول السيطرة والتهدئة على نفسي لكنني لا أستطيع، وهذا كان بسبب خبر مفزع أخبروني عنه وأنا نائمة فقمت مضطربة وجاءتني هذه الحالة.

بعض الأحيان تأتيتي الحالة إذا كنت أفكر في أمر، ثم أنتقل لفكرة أخرى بسرعة، أنا لم أذهب إلى الآن إلى طبيب، ولم أكن أحسب لها حسابا، ولكنني الآن أصبحت خائفة من تطور الأمر، خاصة وأنا أشعر بالخجل إذا ظهر هذا الأمر أمام أشخاص آخرين.

أرجو إفادتي عن ما هو هذا المرض؟ وما أسبابه؟ وما علاجه؟ وبماذا تنصحونني؟

أرجو إفادتي قريبا فأنا في حالة نفسية بسبب هذا الأمر لا يعلم بها إلا الله!

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مجرد انسانة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحركة اللا إرادية أو الرعشة التي تحدث في الجسم لها أسباب عضوية وأسباب نفسية، وأكبر سبب عضوي بالطبع هو التشنجات الصرعية أو ما يسميه البعض بزيادة كهرباء الدماغ.

هذه حالات معروفة وهي تصيب واحدا في كل مائتي شخص، وهنالك أسباب معروفة لها، ولكن في بعض الأحيان تكون الأسباب غير معروفة.

يأتي بعد ذلك ما يعرف بالتشنجات النفسية أو التشنجات العصبية أو البعض يسميها: (التشنجات الهستريا) وإن كنت لا أفضل هذه التسمية.

هذا النوع من التشنجات – التشنجات النفسية – غالبا لا يفقد الإنسان فيه الوعي – وهذا أمر ضروري جدا – وهو يحدث دائما بعد نوبة من القلق أو بعد أن يكون الإنسان قد تعرض لأي ضغط نفسي أو دخل في نوع من الأحزان أو الكرب الحياتية، أو في حالات إذا كان الإنسان يريد أن يتهرب من مسئولية اجتماعية، أو يريد أن يلفت نظر الآخرين له استدرارا لعطفهم.

هذه الجزئية الأخيرة مهمة ولابد أن أشرح ما الذي أقصد به، والذي أقصده أن بعض الناس يحاول استدرار عطف الآخرين ولفت النظر إليهم خاصة وسط الفتيات، ولكن اتضح أن هذا ليس تصنعا وليس تمثيلا، إنما هو نوع من الهروب النفسي وهو يكون على مستوى العقل الباطني ولا يكون على مستوى الشعور الكامل.

أرجو أن أكون قد أوضحت بعض الخلفيات العلمية لحالات الرعشة والتشنج، والذي استطعت أن أستخلصه من رسالتك أنك - إن شاء الله تعالى – لا تعانين من مرض الصرع أو ما يعرف بالصرع العضوي أو ما يسميه البعض بـ: (زيادة التشنجات الكهربائية)، فأعتقد أن الذي يأتيك هو نوع من الرعشة العصبية أو الرعشة العصابية، فربما تكونين إنسانة حساسة ودرجة تحملك للضغوط النفسية قليلة بعض الشيء؛ ولذا يحدث هذا التحول العصابي الذي يسميه البعض بـ (التحول الانشقاقي)، بمعنى أن الأعراض النفسية تحولت إلى أعراض جسدية، وهذا يعتبره البعض أيضا نوعا من التفريغ النفسي.

يأتي بعد ذلك العلاج، والعلاج حقيقة أن تفهمي ما شرحته سابقا فأعتقد أن ذلك مهم جدا بالنسبة لك، هذا أولا.

ثانيا: أرجو أن تتجاهلي هذه الحالات، فأنا لا أعتقد أنها نوبات صرعية، وأعتقد أنها نوع من النوبات العصابية كما ذكرت لك.

ثالثا: عليك أن تعبري عن ذاتك، فأرجو ألا تكتمي، فهنالك بعض الأشخاص يميلون إلى الكتمان ونسبة لحساسيتهم الشديدة يحدث لهم احتقان نفسي داخلي، أي تحملهم قليل جدا، وهذا يؤدي إلى هذه النوبات، فأرجو إذن أن تعبري عن نفسك وما بداخلك أولا بأول، خاصة الأمور التي لا ترضيك، وأرجو أن تحاوري الآخرين في حدود الذوق وما يتطلبه الموقف، هذا سوف يفيدك كثيرا ويقلل من هذه النوبات التي بالطبع ليست تحت إرادتك الكاملة.

رابعا: سيكون أيضا من الجميل أن تتعلمي ممارسة تمارين الاسترخاء، فهنالك تمارين تعرف بتمارين الاسترخاء السلوكية، وتوجد كتيبات وأشرطة فيديو و(CD) توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، وإذا كانت هذه الكتيبات غير متوفرة بالنسبة لك فيمكنك تطبيق التمرين الآتي، وهي تعرف: (طريقة جاكبسون Roman jackobson)، فأرجو أن تستلقي في الغرفة على السرير أو الكرسي ويكون المكان هادئا ولا توجد أي ضوضاء، وأن يكون الجو هادئا ومهيأ لذلك، وفي ذات الوقت يجب أن تتأملي حدثا سعيدا حدث في حياتك، وتكونين مسترخية وطيبة الخاطر في هذه اللحظات، وبعد ذلك أغمضي عينيك وافتحي فمك قليلا، ثم ضعي يديك على صدرك أو على الأجناب، وقومي بعد ذلك بأخذ نفس هواء عميق عن طريق الأنف، ويجب أن يمتلأ صدرك بالهواء وترتفع البطن قليلا، وبعد ذلك أمسكي قليلا على النفس في الصدر، ثم أخرجي الهواء عن طريق الفم، ويجب أن يكون أيضا بكل قوة وبكل بطء، كرري هذا التمرين خمس مرات متتالية بمعدل مرة صباحا ومرة مساء، هذا التمرين تمرين استرخائي جيد جدا ومفيد جدا.

نصيحتي الأخرى لك هي أن تكوني فعالة في حياتك، فالإنسان حين لا يعيش حياته بفعالية ويكون له حضور تأتيه هذه الحالات النفسية البسيطة، فأرجو أن تبرزي نفسك اجتماعيا، وأن تكون لك مشاركات فعالة، وإذا لم يكن لك عمل فيمكنك أن تنخرطي في أي عمل من أعمال البر، كالانضمام للجمعيات التطوعية، فهذه كلها أمور مفيدة أو مشاركتك في التجمعات الثقافية ومراكز تحفيظ القرآن أيضا، هذه كلها تعطي الإنسان قيمة نفسية وقيمة اجتماعية؛ مما يقلل أو يؤدي إلى اختفاء هذه الأعراض.

أود حقيقة أن أنصحك بتناول أحد الأدوية البسيطة المضادة للقلق، فهنالك عقار يعرف تجاريا وعلميا باسم (موتيفال Motival) وهو عقار بسيط وغير إدماني وغير تعودي، ننصح باستعماله في حالات القلق والتوتر، وكذلك في مثل هذه الحالات التي تعتبر نفسوجسدية لدرجة كبيرة.

تناولي هذا الدواء بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك تناوليه بمعدل حبة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.

إذا لم يكن الموتيفال متوفرا فهنالك بديل آخر له وهو العقار الذي يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، يمكنك أن تتناوليه بجرعة حبة واحدة (نصف مليجرام) في اليوم لمدة أربعة أشهر، ثم توقفي عن تناوله.

أرجو اتباع هذه الإرشادات وتناول أحد الأدوية التي وصفتها لك، وإن شاء الله سوف تجدين أنك في وضع أفضل.

أسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك على ثقتك فيما تقدمه الشبكة الإسلامية.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات