غياب الهدف وقلة الثقة بالنفس والانتماء لها

0 481

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كل عام وأنتم بخير.
مشكلتي تتلخص في أنني في أحيان كثيرة أشعر أن حياتي بلا هدف، خاصة أنني أريد أن أثق في نفسي، ولا أستطيع ولا أعرف حتى أحب نفسي وأتقبلها.
أنا فعلا أريد أن أحب نفسي وأثق فيها؛ لأنني أشعر أني أستحق أن أحبها؛ لأن من حولي يحبونني ويقدرونني، ولكن المشكلة تبقى في ذاتي، فأفيدوني كيف أحب نفسي وأثق فيها وأحبها حتى أنهي ما أنا فيه من الضعف وعدم الثقة؟
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Eman حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إن هذا أحد الأسئلة المطروحة بين الكثير من الشباب الآن وهو غياب الهدف وغياب حتى الانتماء للنفس وللأسرة وللمجتمع عامة.

المبدأ العام في علاج مثل حالتك هو أولا: أن تنظري إلى الأمور بدقة أكثر، وأول ما تقومين به هو أنه يجب أن تعيدي تقييم أحكامك على نفسك، فأنت ترين أن حياتك بدون هدف وترين أنك لا تحبين نفسك، وهنالك عدم ثقة موجود حيال نفسك.

أول ما تقومين به هو أن تعيدي تقييم هذه المفاهيم، فكثيرا من الناس يتحيز ضد نفسه بصورة قاسية جدا، فالإنسان يفعل الأفعال الجيدة ويقوم بواجباته ويكون متواصلا وتكون مشاعره لدرجة كبيرة حيال نفسه والآخرين، ولكنه لأسباب غير واضحة يقلل من قيمة نفسه ويحقرها ويضعها في الموضع غير الصحيح؛ مما يجعله لا يحس بمشاعر إيجابية حيال نفسه.

إذن: العلاج الأساسي هو إعادة تقييم الذات، ويجب أن تتم إعادة تقييم الذات بمسئولية وبواقعية وبعدم نكران لما هو إيجابي، فانظري إلى نفسك فسوف تجدين أن هنالك إيجابيات كثيرة في حياتك، ابدئي بأصغر الإنجازات وبأصغر ما أنجزته في حياتك، ثم بعد ذلك حاولي أن تستكشفي كل عمل إيجابي وطيب قمت به في حياتك، فأنت قد قلت إن الآخرين يحبونك ويقدرونك، فهذا موقف عظيم جدا وهذا لا يتاح لكثير من الناس، وما دمت أنت محبوبة ومقدرة من جانب الآخرين فهذا في حد ذاته يشير أنك أنت أهل لهذا الحب ولهذا التقدير، فمن الأولى أنت أيضا أن تحبي نفسك ولا يوجد سبب أبدا يجعلك تكرهين نفسك.

إعادة التقييم ضروري جدا، وتصحيح المفاهيم يعتبر هو الوسيلة الفاعلة، ولا يستطيع أي إنسان أن يغير إنسانا آخر، فنحن لا ندعو لتغيير الذات ولكننا ندعو للتغيير في الذات، بمعنى أن ما نراه سلبا فينا نحاول أن نغيره ويمكن أن نغيره، وذلك بطرح البدائل الإيجابية والخيارات الأخرى، وكما نعلم لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.

إذن عملية التغيير تبدأ من الإنسان -من ذاته- وهذا هو العلاج الفعال.
الخطوة الثانية والمهمة جدا: هي إدارة الوقت وإدارة الزمن، فالإنسان الذي لا يدير وقته يحس بنوع من الضياع ومن التوهان، وأن حياته ليست ذات قيمة، فإذن أرجو أن تضعي جداول يومية لإدارة وقتك ولإدارة زمنك بصورة مثمرة، وزعي وقتك ما بين النشاطات الحياتية المختلفة من وقت للدارسة ووقت للنشاط الاجتماعي ووقت للترفيه عن الذات ووقت للعبادة ووقت للرياضة، وهكذا هنالك أمور كثيرة جدا إذا قام الإنسان بتطبيقها وتنفيذها واستفاد من الزمن بالصورة الصحيحة فسوف يحس أن لحياته معنى، وهذا الشعور في حد ذاته يعتبر شعورا إيجابيا ومحفزا جدا لمزيد من الإنجاز.

الخطوة الثالثة: هي اتخاذ القدوة، والحمد لله توجد في حياتنا وفي تاريخنا الإسلامي الكثير من القدوات الطيبة والحسنة، والتمثل بالأخيار وبالصالحين وبالمنجزين وبالمتفوقين هو قيمة إنسانية طيبة جدا تعطي الإنسان الثقة في نفسه، فعليك أيضا اتخاذ القدوة، واتباع القدوة، وبناء علاقات اجتماعية فاعلة مع المتفوقين والمتميزين وأصحاب الخلق الرفيعة، فإن هذا النوع من التفاعل الاجتماعي يؤدي إلى نوع من التوحد النفسي، أي أن تنتقل نفس الإنسان وتتوحد مع نفس الإنسان الفعال والمتفوق، وهذا بالطبع يعطي قيمة علاجية نفسية كبيرة.

رابعا: عليك أن تضعي هدفا لحياتك، فلا يمكن للإنسان أن يعيش في فراغ ويدخل نفسه في فراغ ويجد أن حياته دون معنى، فمن الطبيعي أن الإنسان الذي في سنك وأنت في نضارة الشباب ووقت الطاقات الجسدية والنفسية ضعي أهدافا في حياتك، وأعتقد أن الهدف الآني هو التفوق الدراسي، والتفوق الدراسي يفتح لك مستقبلا باهرا، إذن وضع أهداف في الحياة مهم جدا.

خامسا: الفعالية الاجتماعية، ومن أفضلها الانخراط في أعمال البر والأعمال التطوعية، هذه وجد أنها ذات قيمة ممتازة وتعطي الإنسان الشعور بقيمة ذاته، فأرجو ألا تتجاهلي هذا.

هذا هو الذي أود أن أقوله لك، وأنا على ثقة كاملة إذا أخذت هذه الإرشادات بجدية وحاولت تطبيقها سوف تجدين أنك أصبحت أكثر محبة لذاتك وثقة في نفسك، وبدأت مفاهيمك في التغير وفي التصحيح.

أسأل الله لك التوفيق والسداد.

مواد ذات صلة

الاستشارات