السؤال
السلام عليكم.
منذ أن كنت مراهقة كانت تظهر على وجهي حبوب أتلذذ بفقعها، وعندما تتحول إلى جروح أتلذذ بتقشيرها، وبعد أن تزوجت نسيت هذه العادة السيئة.
لكن بعد مرور خمس سنوات تقريبا عادت إلي الحبوب مع الحمل وعدت لعادتي السيئة وصرت أفقعها وأجرحها بشدة وأتلذذ بذلك.
مضت خمس عشرة سنة وأنا أعاني من هذه العادة التي تزيد حدتها قبل الدورة الشهرية.
حاولت التخلص منها لكن دون جدوى، حتى أنني قصصت أظافري تارة ولبست قفازات تارة أخرى، لكن المشكلة ما زالت موجودة.
أرجوكم ساعدوني، وأتمنى أن تنصحوني إذا كنت محتاجة إلى طبيب نفسي أو علاج.
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجلاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
هذه الظاهرة التي تحدثت عنها من الحالات النادرة، ولكننا نشاهدها من وقت لآخر، وقد فسرها بعض علماء النفس بأنها هي فقط عادة مكتسبة وليست أكثر من ذلك، وفسرها آخرون بأنها نوع من الوساوس القهرية الطقوسية، بمعنى أن الإنسان يؤمن أن هذه العادة عادة سيئة، ولكن بالرغم من ذلك يجد نفسه قلقا أو غير مرتاحا أو يشعر بالارتياح إذا قام بما تقومين به الآن من إزالة القشرة وإيقاع الجروح بنفسك والإحساس بالتلذذ لذلك..
هذا التفسير لا شك أنه تفسير تحليلي، والذي يقول أنه نوع من إيقاع الأذى والعقوبة على النفس، قد لا أتفق معه، ولكنه طرح موجود، وحقيقة أنا من أنصار أنها عادة مكتسبة أخذت بعد ذلك الطابع الوسواسي.
ربما يسأل سائل: هل هنالك أي علاقة للتغيرات الهرمونية بهذه العادة؛ لأن حدة العادة تظهر قبل الدورة الشهرية؟
فأقول: يعرف أن هنالك متغيرات نفسية وبيولوجية كثيرة جدا تحدث لبعض النساء قبل الدورة الشهرية، ويعرف أيضا أن الوساوس والقلق قد يزداد في فترة ما قبل الدورة الشهرية، فهنالك بعض النساء يقمن بنزع شعر الرأس مثلا قبل الدورة الشهرية، وهذه أيضا شخصت من أنواع الوساوس القلقية.
إذن نحن نعتبرها عادة مكتسبة، وهي عادة وسواسية قلقية وليست أكثر من ذلك.
الأمر - إن شاء الله تعالى – بسيط، وأنت الحمد لله مستوعبة تماما سوء هذه العادة وأنها لا تليق بك، وهذا سوف يكون المنطلق الرئيسي في المقاومة والعلاج، وبالطبع الشيء المنطقي هو أنك في كامل إرادتك وفي كامل وعيك وتستطيعين أن تغيري من هذه العادة، هذا يجب أن يرسخ في ذهنك ويجب أن تسعي سعيا كاملا لذلك.
أحد العلاجات السلوكية التي سوف تفيدك أيضا، حين تقومين بتلمس هذه الحبوب قبل أن تقومي بتقشيرها أرجو أن تنزعي يدك فجأة وتقومي بضرب يدك على جسم صلب، ولمزيد من التوضيح: ضعي يدك على الحبيبة التي في وجهك وتحكمي في نفسك ولا تقومي بفتحها أو تقشيرها، بل قومي بنزع يدك فجأة واضربي على يدك على جسم صلب – كالطاولة مثلا – حتى تحسين بالألم.
فقد اتضح أن ما يعرف بـ (الارتباط الشرطي) وهو مصطلح سلوكي يستعمله علماء النفس - يمكن أن يفك إذا أدخل تفاعل أو فعل مضاد على الفعل السلوكي الذي يمارسه الإنسان، فأنت الآن الفعل السلوكي الذي تمارسينه هو عادة تقشير أو فقع الحبوب التي في الوجه، والسلوك المضاد الذي نود منك أن تتعلميه وتمارسيه هو أن توقعي أو تدخلي على نفسك الإحساس بالألم، ولتطبيق ذلك ضعي يدك على الحبيبة وتأملي أنك تودين فقعها أو تقشيرها الآن – لكن لا تقومي بذلك – مجرد تأمل فقط، وبدل أن تقومي بفقع أو تقشير الحبوب قومي بنزع يدك بسرعة شديدة وبعد ذلك اضربي على يدك على جسم صلب - كالطاولة مثلا كما ذكرنا – بشدة حتى تحسي بالألم.
إذن المقصود هو الربط بين العادة الوسواسية التي تحسين بالارتياح معها وبين استشعار أو إحساس آخر، وفي هذه الحالة هو الألم، فقد وجد أن الربط أو الاقتران ما بين هذين الإحساسين المتضادين يؤدي إلى ضعف السلوك الأول، وضعف السلوك بالطبع سوف يؤدي إلى زواله.
إذن يكون هنا الفعل السلوكي هو لديك الوساوس – وسواس نزع الشعر – نربط بين هذه الوساوس وبين سلوك أو فعل مخالف وهو إدخال الألم على النفس.. يجب أن يكرر هذا التمرين عشر مرات على الأقل بمعدل ثلاث مرات في اليوم، أي تكون لك جلسات علاجية، ويجب أن تأخذي الأمر بجدية، وبعد فترة - ليست طويلة - من الزمن سوف تلاحظين أن السلوك الوسواسي بدأ في الضعف وبدأ مستوى مقاومتك له وتجاهلك له قد تحسن كثيرا، فأرجو الحرص على هذا التمرين.
هذا التمرين – كما ذكرت - يحتاج إلى تكرار ويحتاج أيضا إلى قناعة ذاتية بأنه إن شاء الله سوف يفيدك... هذا أحد التمارين الضرورية كما ذكرت لك.
الأمر الآخر هو حين تقومين بتلمس هذه الحبيبات قولي لنفسك (لن أقوم بفقعها أو تقشيرها ولكنني سوف أقوم بفعل آخر، سوف أقوم بأخذ نفس عميق في هذا الوقت، فبدل أن أفقع هذه الحبيبة سوف آخذ نفسا عميقا)، هذا يعرف بالعلاج الاستبدالي، يتم استبدال شيء يؤدي إلى الارتياح بالرغم أنه سلوك مرفوض إلى سلوك آخر مقبول، وهذا التحول أو العلاج الاستبدالي إذا طبق بصورة صحيحة يعتبر أمرا جيدا جدا.
تلمسي الحبيبة ولا تقومي بفقعها، ولكن قومي بأخذ نفس عميق، وكرري هذا التمرين أيضا عدة مرات.
سيكون أيضا من المفيد لك أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للقلق وللوساوس القلقية، فهنالك عقار يعرف تجاريا باسم (فافرين Faverin) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine) يفيد كثيرا وجيد جدا في علاج هوس نزع الشعر الوسواسي، وفي رأيي سوف يفيد في حالتك إذا تناولته بصورة منتظمة مع تطبيق الإرشادات السلوكية السابقة.
وهذا الدواء هو في الأصل من الأدوية التي أدخلت في أسواق الدواء عام 1983م، وتم تقديمه أولا كمضاد للقلق وبعد ذلك اتضح أنه مفيد جدا في علاج الوساوس القهرية خاصة هذا النوع من الوساوس، فأرجو أن تبدئي في تناول هذا الدواء بجرعة خمسين مليجرام ليلا - ويفضل تناوله بعد الأكل – يوميا وبانتظام لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام ليلا واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفضيها بمعدل خمسين مليجرام يوميا لمدة شهرين.. هذا سوف يكون كافيا.
هذا الدواء من الأدوية المفيدة والسليمة جدا وهو عقار غير إدماني وغير تعودي.
أيضا لابد أن تركزي على الأمور والأشياء المهمة في حياتك، فأنت ربة منزل وعليك مسئوليات، فدائما اجر حوارات مفيدة مع نفسك (لماذا أنا أكون أسيرة لهذه العادة السيئة، فيجب أن أحرر نفسي، فأنا لدي ما هو أفضل وأجمل في الحياة من هذه العادة)، بمعنى آخر: أن تحقري العادة، والتحقير للعادة يعطي التحفيز لمقاومتها.
أسأل الله لك العافية، ولا أعتقد أنك في حاجة لطبيب نفسي، ولكن تطبيق الإرشاد السابق والعلاج الذي ذكرته لك سوف يساعدك - إن شاء الله تعالى – كثيرا، ولابد أن تكون لك القدرة والإصرار على مقاومة هذه العادة، فأنت الحمد لله لديك الإرادة ولديك القوة ويجب أن تستفيدي من ذلك.
والله الموفق.