السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
مشكلتي هي أنني أعاني من مشاكل نفسية وأوهام، وخاصة في أيام الفرح، عندما أكون أنا وأهلي في نعمة وخير أحس بأنه ينتهي، وعندما نكون في مشاكل أحس بأنه طبيعة الدنيا، وعندما أتعلق بشخص بحيث أحبه أخاف عليه، وتأتيني أوهام بأنه سيموت، وكيف يكون حالي من غيره، وأنا متبرمجة بأن الرجل الطيب والذي فيه جميع الصفات الرجولية يموت بسرعة، والرجل الذي فيه عيوب يعيش طويلا.
ومشكلة أخرى أن البنت التي تكون في بيت أبيها سعيدة تكون في بيت زوجها شقية، والعكس بالعكس، ومشكلتي الأكبر هي أنني عاطفية جدا، وأحب الحياة الأسرية، ولكنني أخاف جدا من الزواج ومن الزوج، أحس بأنه يظلمني ويحقرني الخ.
وهذا نتيجة المشاكل الزوجية التي رأيتها من أختي وعماتي ووو.. فساعدوني في مشكلتي ولا تنسونا من صالح دعواتكم!
وفي سؤال آخر مرتبط:
أعاني من عدم الثقة بنفسي، وأنني أتأثر بكلام الناس بسرعة وبآرائهم، وأعاني بأن لي طموحات ورغبة في الأعمال المنزلية، ولكنني أتكاسل، وأن زوجي حساس جدا، وأيضا أهله، وعندهم ملاحظات جدا، فكيف أتصرف معهم هل أتأثر أو أتجاهل؟
وأعاني من الخوف من أهل زوجي، أي من انتقاداتهم وملاحظاتهم، وكيف أشغل نفسي حيث أعاني من أوهام بسبب الفراغ؟
وأنا تعليمي ابتدائي.
أرجو الحل لمشكلتي ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لولو كاتي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الأفكار التي تنتابك هي حقيقة ليست أوهاما، فلا تأتي تحت نطاق الأوهام؛ لأن الأوهام تكون أفكارا متسلطة على الإنسان ومفروضة عليه، والإنسان يعاملها كحقائق ولا يقبل مطلقا أنها غير واقعية، وحين يقال له أنك تتخيل أو تتوهم وأن هذه أوهام تثور ثائرته ولا يقبل ذلك.
حقيقة الذي تعانين منه هي وساوس قهرية، هذه نسميها بالوساوس القهرية، وهي وساوس فكرية، وهي أفكار متسلطة، وعليك أن تؤمني بالطبع بسخفها وبعدم ارتباطها بالواقع، ولديك عدة أنواع من الوساوس حقيقة، ولكنها - الحمد لله - ليست وساوس أفعال؛ لأن وساوس الأفعال كثيرا ما تكون أكثر مقاومة للعلاج ولا تستجيب بسرعة، ولكن وساوس الأفكار تستجيب بسرعة.
بصفة عامة الوساوس القهرية هي نوع من القلق النفسي، والكثير من أصحاب الوساوس يعانون أيضا من الإحباط وشعور بالكرب وشعور بالكدر وعسر المزاج، وأعتقد أنك تعانين من درجة من هذه الأعراض، ولكنها - الحمد لله - ليست لدرجة شديدة.
طريقة علاج هذه الوساوس تبدأ أولا بتحقيرها، فهذه الأفكار أرجو أن تحقريها، جميع هذه الأفكار خذيها واحدة تلو الأخرى ثم بعد ذلك حقريها ولا تلتفتي إليها مطلقا، وقولي: (لن ألتفت لهذه الأفكار، فهذه أفكار حقيرة فلن أشغل نفسي بها مطلقا)، إذن الرفض التام ومقاومة الأفكار هو العلاج الأساسي لهذه الأفكار.
ثم بعد ذلك أرجو أن تدخلي على نفسك أفكارا مضادة، فأي فكرة وسواسية تنتابك تخيري الفكرة المضادة وكرري الفكرة المضادة عدة مرات، حتى تثبت هذه الفكرة في كيانك الوجداني وكيانك النفسي، وهذا بالطبع سوف يزيل الفكرة الوسواسية.
أيضا حين تنتابك فكرة وسواسية يمكنك أن تكرري هذه الفكرة السالبة وتفكري فيها، ثم بعد ذلك قولي بقوة وبشدة: (قف، قف، قف)، وكرري هذه الكلمة عدة مرات وأنت تتذكرين الفكرة الوسواسية، فكرري كلمة (قف) حتى تحسين بالإجهاد، هذا أيضا وجد أنه يضعف هذه الوساوس - بإذن الله تعالى -.
أنت قد ذكرت أن لديك مخاوف من الزواج، وأنا ظننت للوهلة الأولى أنك غير متزوجة، ولكن من الإضافة التي وردت في رسالتك أستطيع أن أستنتج أنك متزوجة، وأقول لك: هذه المخاوف هي أيضا وسواسية، فعليك بتحقيرها وعليك باستبدالها بأفكار إيجابية.
أما ما ذكرته من عدم الثقة في نفسك، فإن عدم الثقة في النفس يتأتى من أن الإنسان يقيم نفسه بصورة خاطئة، فالذي أرجوه منك هو أن تعيدي تقييم نفسك، وسوف تجدين أنك قد ظلمت نفسك كثيرا، وذلك بأنك ألصقت بها سمات غير موجودة فيها أو أن تقديرك لتقدير الذات خطأ، فأرجو أن تعيدي تقدير وتقييم ذاتك، وأن تحاولي الوصول إلى ما هو إيجابي لديك، فأنت - الحمد لله - طالبة جامعية، ووصلت لهذه المرحلة بالطبع نسبة لمقدراتك المعرفية والعلمية، ولديك - إن شاء الله تعالى – الاستقرار الأسري، وهكذا، فهذه الأشياء الإيجابية في حياة الإنسان عليه أن يتذكرها، والثقة في النفس تتأتى بأن أفصل ما بين مشاعري وأفعالي، فعلى سبيل المثال أقول: (أنا أود الآن أن أصلي الصلاة في وقتها) هذا عمل، حين أنجزه يجب أن أبني ثقة في نفسي وأحفز نفسي؛ لأني قد أنجزت عملا عظيما، ولكن إذا تكاسلت هنا يمكن أن أفقد الثقة في نفسي لأني لم أنجز، وهكذا، إذا الأفعال هي التي تقوي ثقة الإنسان بنفسه.
ثانيا: إدارة الوقت بصورة ممتازة ترفع جدا من معدل ثقة الإنسان في نفسه، فالإنسان الذي يدير وقته بصورة صحيحة ويستثمر وقته وذلك بأن يقسم الوقت ما بين النشاطات الحياتية المختلفة، وقت للراحة، ووقت للدراسة، ووقت للترفيه المنضبط، ووقت للتواصل الاجتماعي وصلة الأرحام، ووقت للعبادة، ووقت للرياضة، فحين يقوم الإنسان بهذه الفعاليات يشعر أنه صاحب همة وأن وجوده حقا لغرض.
ثالثا: الشيء الآخر الذي وجد أنه يعيد الثقة بالنفس هو الانضمام للجمعيات الخيرية التي تقوم بنشاطات اجتماعية وأعمال البر، فالإنسان حينما يساعد من هو أضعف منه يشعر بقيمة حقيقية ويعيد الثقة لنفسه.
رابعا: عليك أيضا أن ترفعي من مقدراتك المعرفية، فإن القراءة والاطلاع تجعل الإنسان محاورا جيدا ويسمع له الآخرون ويستمعون إليه ويشيرون إليه، وهذا يقوي من المهارات الاجتماعية ويجعل الإنسان أكثر ثقة بنفسه.
يأتي بعد ذلك أنه - بفضل الله تعالى - توجد أدوية فعالة جدا وممتازة جدا لعلاج هذه الوساوس والقلق الذي تعانين منه، فهنالك دواء ممتاز يعرف علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويسمى تجاريا باسم (بروزاك Prozac)، فأرجو أن تبدئي في تناوله، وهو دواء فعال جدا وممتاز جدا وسليم ولا يسبب إدمانا أو آثارا جانبية مضرة، فابدئي بجرعة عشرين مليجرام (كبسولة واحدة) في اليوم - يفضل أن تتناوليها بعد تناول الأكل - واستمري على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى أربعين مليجراما (كبسولتين) في اليوم، واستمري عليها لمدة سبعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم، واستمري عليها لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقفي عن الدواء.
إن شاء الله تعالى باتباعك للإرشادات السابقة وتطبيقها بكل جدية ومثابرة، وتناول الدواء الذي وصفته لك، سوف تزول عنك هذه الأعراض - بإذن الله تعالى – وسوف تشعرين بالراحة والابتهاج والثقة بالنفس.
أسأل الله لك التوفيق والصحة والعافية.
وبالله التوفيق.