السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سمعت أن الإنسان عندما يموت ويدفن يأكل الدود جسده، وهو يحس بذلك، وقد خفت كثيرا من ذلك، ورغم علمي وإيماني بعذاب القبر وتعوذي منه إلا أني أريد التأكد مما سمعت، فهل يحس الإنسان ويتأذى عندما يأكل الدود جسده؟ وكيف أنجو من ذلك؟!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عمار حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد أسعدني سؤالك عن كيفية النجاة، وهذا هو المهم في هذه الدنيا، فتعوذي بالله من عذاب القبر وفتنته، وتعوذي بالله من النار، ومرحبا بك في موقعك، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد.
واعلمي أن القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النيران، وفتنة القبر وعذابه من الأمور التي جاءت بها كافة الأديان السماوية، كما جاء في قصة اليهودية مع عائشة - رضي الله عنها - وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم لما أخبرت به اليهودية، ولعذاب القبر أسباب، والفلاح في تفادي كل ما يغضب رب العباد.
وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: (إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير؛ أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله)، والتقصير في الطهارة من أسباب عذاب القبر، وفي المقابل فهناك أشياء تقي صاحبها - بإذن الله - من عذاب القبر، فالقرآن والصلاة يشفعان لصاحبهما، كما أن المواظبة على قراءة سورة الملك سبب للنجاة بحول الله وقوته.
ولا شك أن الخوف مطلوب، ومن خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل، لكن الخوف المطلوب هو الذي يبعث على الجد والاجتهاد والمراجعة والمحاسبة للنفس.
وقد ثبت أن جسد الإنسان يبلى إلا عجب الذنب، ومنه ينبت الإنسان، والله سبحانه يحفظ من حفظه، كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (احفظ الله يحفظك).
ولا شك أن الإنسان يشعر بعذاب القبر؛ لأن الروح تتصل بالجسد وتنفصل عنه، وكان ابن عفان رضي الله عنه إذا جلس عند القبور يبكي، فقيل له في ذلك، فقال: لأني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (القبر أول منازل الآخرة، فمن نجا منه كان ما بعده أيسر ومن لم ينج منه كان ما بعده أشد).
ولذا قال القائل:
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة *** وإلا فـإنـي لا إخـالك نـاجيــا
وأما كون الميت يتعذب بالدود أو لا، فهذا من أمر الغيب، غير أنه لم يرد به نص شرعي يمكن أن نعتمد عليه، وقد ثبت في النصوص أن الروح ترجع إلى البدن للسؤال والنعيم والعذاب، وأنها تفارقه كذلك، فمسألة الدود أمر هين جدا بالنسبة لما سواه من العذاب، فلا تشغلي بالك بها، ولا تفكري في الدود لأن الروح في الغالب تكون منفصلة عن جسدها في هذه المرحلة، والعذاب والنعيم يقع في هذه الحالة على الروح وحدها، فلا علاقة للدود إذن.
وهذه وصيتي لك بتقوى الله ثم بكثرة اللجوء إليه، واعلمي أن المؤمنة تعيش بين الخوف والرجاء، وهما كالجناحين للطائر، فلا تجعلي الخوف وحده في قلبك ولكن تذكري مع ذلك مغفرة الله وعفوه، وترجمي ذلك إلى طاعات وقربات.
نسأل الله لنا ولك النجاة والفلاح.
وبالله التوفيق والسداد.