تلعثم في الكلام وسوء حال أمام المعلمين والطلبة

0 310

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عندما كنت صغيرا عانيت من الاضطهاد من الوالدين دون قصد منهم، حيث كانا يريدان مني تحقيق ما فشلا فيه في الحياة، وكأنهم ربطوا مستقبلهم بمستقبلي، فنتج عن ذلك الضغط علي في التعليم وتحريض المعلمين ضدي.

وتسببت قسوة المعلمين ضدي في تذليل كياني الضعيف، وجعلتني فاشلا في التعليم، وهذا ما زاد من ضغوط الوالدين علي، فكان أقرب إلى الاضطهاد منه إلى الشفقه علي، وقد أدى ذلك لكرهي للتعليم والمدرسة والحياة، وجعلني متقوقعا على نفسي ففوت ذلك علي كثيرا من الأشياء النافعة.

ورغم أني كنت ذكيا إلا أنه لابد من صقل المواهب بالعلم، وقد نتج عن ذلك تلعثم واضح في كلامي، وصار في نفسي شيء من الوالدين -أسأل الله أن يغفر لهما ويرحمهما- لأنهما سبب رئيسي في ذلي أمام المعلمين والطلبة، وأثر ذلك في حياتي سيظل إلى الأبد، فدلوني على علاج نفسي يريحني من هذه المعاناة.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ذكر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك تنسب كل صعوباتك النفسية الحالية إلى طريقة معاملة الوالدين وتنشئة الوالدين، وما وصفته بتسلط المعلمين وقسوتهم عليك - ومع احترامي الشديد لما ذكرته - إلا أني قد أختلف معك أن المعلمين لا يمكن أن يكونوا بهذه القسوة، ونحن دائما ربما نقيس بميزاننا الخاص، وهذا يجعلنا نجد المبررات لأنفسنا في بعض الأحيان.

وقد ذكرت أن تصرف الوالدين كان من منطلق حسن النية، وأرجو أيضا أن تعتبر تصرف المعلمين كان من منطلق حسن النية، وإن كنت لا أتفق معك أنه بهذه القسوة وبهذه الشدة.

وهذه طاقات نفسية سلبية قد بنيت في داخلك، ونحن في علم النفس الحديث لا نعطي أي فرصة لمثل هذا النوع من التفكير السلبي، في الماضي كان يتحدث بعض علماء النفس عن التربية وعن المشقة في الطفولة وهكذا، فأصبحت هذه شماعة يعلق عليها كل ما يتأتى من صعوبات نفسية مستقبلية واضطرابات في الشخصية وعدم فعاليتها، ولكن علم النفس الحديث يقول أن الماضي هو تجارب وليس أكثر من ذلك، وأن الماضي يجب أن يكون وسيلة لتطوير الحاضر والمستقبل، فأدعوك لأخذ هذا المبدأ، فلا تجعل لنفسك فرصة للاسترسال في التفكير السلبي الذي يقوم على تبعات الماضي.

وعليك أن تتذكر أن هناك من يعيشون في بيوت الأيتام، وهناك من يعيشون وهم مجهولي الأبوين، وبالرغم من ذلك نجدهم قد وفقوا وقد أثبتوا ذواتهم، فلا أريدك أبدا أن تجتر الماضي بسلبياته أو بإيجابياته، فالماضي مجرد تجربة للاستفادة منه لتطوير المستقبل.

وأما التلعثم الذي تعاني منه فهو جزء من القلق النفسي وفقدان الفعالية النفسية، وهذه الشحنات السلبية النفسية المتمركزة جعلتك تفتقد الانطلاقة.

فعليك أن تعيد الثقة بنفسك، وعليك أن تقيم نفسك تقييما جديدا، فابحث في مصادر القوة في نفسك وسوف تجدها كثيرة، وكن نافعا لنفسك ونافعا لغيرك، فهذا أيضا يعطيك القوة ويعطيك القدرة على الانطلاقة.

وهناك تمارين سلوكية خاصة تساعد في زوال التلعثم:
أولها: قراءة القرآن الكريم بتؤدة وتمعن.
وثانيا: عليك أن تتعلم البطء في الكلام، هذا أيضا جيد.
وثالثا: إذا كنت تتلعثم في حروف معينة فعليك أن تتخير مائة كلمة تبدأ بالحرف الذي ترى أنك تتلعثم في نطقه، ثم قم بنطقها بصوت عال بل سجلها وبعد ذلك قم بالاستماع إلى ما سجلته، وبعد ذلك تخير مائة كلمة أخرى يكون الحرف الذي تتلعثم فيه يكون في منتصف هذه الكلمة، وقم بنفس الشيء بتسجيلها بصوت مرتفع ثم الاستماع إليها، وبعد ذلك تخير مائة كلمة أيضا تنتهي الكلمة بالحرف الذي تتلعثم فيه، وكرر النطق بالحرف بصوت مرتفع وتسجيله.

رابعا: من الضروري أن تتعلم أيضا التنفس الصحيح، فحاول أن تكون مسترخيا وتأخذ نفسا عميقا وبطيئا، ثم تحتفظ بالهواء في صدرك قليلا، ثم تخرج الهواء أيضا بعمق وبطء، وكرر هذا التمرين عدة مرات.

يأتي بعد ذلك أن أصف لك بعض الأدوية البسيطة التي تساعدك - إن شاء الله - في الانطلاقة وإزالة القلق وهذا المزاج المتعسر قليلا، فهناك عقار بسيط يعرف تجاريا وعلميا باسم (موتيفال Motival) فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلا لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة صباحا ومساء لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة مساء لمدة شهرين، ثم توقف عن تناوله.

وأرجو أن تثق في نفسك وأن تثق في مقدراتك وأن ترفع من همتك، وسوف تجد - إن شاء الله - أنك أصبحت أكثر فعالية وأكثر انطلاقة، نسأل الله تعالى أن يحل هذه العقدة التي في لسانك، وأن يوفقك ويسددك.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات