السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
ولدي عمره ثلاث سنوات، وعندما رزقنا به كانت فرحتنا كبيرة لأنه أول طفل لي ولزوجي، ثم أنجبت أخت زوجي طفلا فأحبه أهل زوجي أكثر من طفلي، وتغيرت معاملتهم له فصاروا ينفعلون عليه ويعنفونه، ولكني كنت ألاعبه وأعطيه كل ما يريد -ولله الحمد- وكان يحب الضحك واللعب.
وبعد أن أنجبت أخا له منذ خمسة أشهر بدأت شخصيته تتغير، ورغم أني لا أحمل طفلي الثاني كثيرا، وأترك خادمتي تهتم به، إلا أنه أصبح عصبيا جدا، وفي فترة الأربعين من ولادتي كان يبكي يوميا صباحا فقط، ومهما حملته وتكلمت معه لا يسكت.
وقد تغيرت طباعه، فعندما أرفض له طلبا فإنه يصرخ ويرمي كل شيء موجود بالغرفة ويصبح وجهه أحمر ويحك بأسنانه، وقد حاولت معه كثيرا ولم أستطع أن أهدئ نفسه، وأصبح يخاف كثيرا، خاصة إذا ناديته بصوت مرتفع، فماذا أفعل في هذه الفترة، وما توجيهكم؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم فهد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الظاهرة التي تتحدثين عنها وهي ظاهرة الغيرة بين الأطفال تعتبر ظاهرة طبيعية إلى حد كبير، فابنك البكر تعود وتطبع على وضع معين، وحين ولدت أخاه أصبح من الطبيعي أن لا يعطى له نفس الانتباه، أو حتى لو أعطي له نفس الانتباه السابق فإنه يشعر في داخلة نفسه أن هناك قادم جديد، وهذا القادم الجديد سوف يكون منافسا له في أشياء كثيرة.
وتحدث هذه الظاهرة أكثر إذا تمتع الطفل الأول بنوع زائد من التدليل والاهتمام، فإذا تحقق للطفل كل رغباته وزيادة فسوف يكون ديدنه وطريقته أنه دائما يتوقع أن يعطى أكثر، حتى ولو كان هو محط الاهتمام إلا أنه سيطلب المزيد.
فأنصحك بأن تقومي بشيء من التجاهل لتصرفاته، وأعرف أن ذلك ربما يكون صعبا وقاسيا عليك، ولكن النصيحة التربوية الصحيحة هي أن تتجاهلي صراخه وأن تتجاهلي عصبيته قدر المستطاع، ولا أقول أن تحرميه، ولكن يجب أن توضع حدود فيما يخص تحفيزه وتشجعيه، فإذا قام بأي فعل إيجابي فيحفز ويشجع، وأما إذا كانت أفعاله تتسم بالسلبية والصراخ ومحاولة شد الانتباه فيكون التجاهل هو الأفضل، وهذه هي الطريقة التربوية الصحيحة.
ويجب أن يعامل الطفل من جانب والده والآخرين أيضا بنفس المستوى، فإذا لجأت للتجاهل فيجب أن يتعاون الآخرون معك في هذا السياق ولا يقومون بالإغداق على الطفل وتحقيق كل ما يريد، فلابد أن يكون نمط المعاملة التربوية واحدا.
ولابد أن يكافأ الطفل دون أن يتوقع، فإذا قام بأي تصرف إيجابي فنكافئه باحتضانه وتقبيله وبالابتسامة في وجهه وباللعب معه وإعطائه الهدايا البسيطة، وهكذا.
وأما حركة الأسنان ليلا فقد تكون هي دليلا على بعض القلق البسيط، وهذا يسمى بعصاب الطفولة، ولكنه ينتهي تلقائيا -إن شاء الله-، فأرجو أن تطمئني أن ابنك سوف يكون طبيعيا.
وعليك أن تتيحي لابنك الفرصة للعب والاختلاط بأطفال آخرين في عمره أو أكبر منه قليلا، فهذا أيضا سوف ينمي قدراته ومهاراته، وسوف يقارن نفسه بالأطفال الآخرين وسوف يكون أقل في مطالبه ولا يحاول أن يشد انتباهكم نحوه.
والشيء الأخير هو أن تجعلوا له نصيبا في العناية بأخيه الصغير، فحاولوا أن تقربوا بينه وبين أخيه الأصغر، فيطلب منه على سبيل المثال إحضار ملابس أخيه أو أي أمر يتعلق بأخيه الأصغر، فحين يشعر أنه أصبح جزءا من عملية الاهتمام بشقيقه الأصغر فهذا سوف يعطيه نوعا من الاعتبار النفسي الذاتي، وقد وجد أيضا أنه يقلل من الغيرة ويجعل الطفل أكثر هدوءا.
وأما بالنسبة للاحمرار في الوجه فهذا يدل على تدفق الدم في الوجه بصورة أكبر، وهذا تعبير جسدي ناتج عن الانفعال، وهي عملية فسيولوجية طبيعية في مثل هذه الأحوال.
فهذه هي الخطوات التربوية السلوكية المطلوبة في مثل هذه الأحوال، فلا تنزعجي لصراخه، فهذا ينتهي بتجاهل هذا السلوك -إن شاء الله-، نسأل الله تعالى لك الحفظ والنجاح لذريتك.
وبالله التوفيق.