السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أبلغ من العمر 20 عاما، طالب في السنة الثانية من الجامعة، أعاني من مشاكل نفسية تؤثر على حياتي ودراستي، ومن هذه المشاكل أني عندما أقابل شخصا فوق مستواي في الجامعة أو في عائلتي أشعر بالخوف، ثم يبدأ قلبي في النبض وأحس بصعوبة في التنفس، ثم يرافق ذلك حركات لا إرادية لليدين، ورعشة في جسمي، وتلعثم في الكلام، وعندما أبتسم في وجهه يتغير وجهي لاإراديا ولا أستطيع التحكم فيه، وأحس بألم في عضلات وجهي.
وأعاني أيضا من الخجل إلى حد كبير منذ صغري، وتطورت المشكلة حتى أصبحت أخجل من عائلتي وأصدقائي، فلا أستطيع الوقوف أمام أصدقائي كثيرا، وعندما يمازحوني لا أستطيع أن أضحك، ويتغير وجهي ويحمر، ويرتعش صوتي وأصابع يدي، وتزداد ضربات قلبي، وأشعر بأنني سوف أسقط على الأرض.
ورغم كل ذلك فإني أحاول أن أواجه الخجل، فأذهب إلى المناسبات وأخالط الناس قدر الإمكان، ومع كل ذلك فخجلي وقلقي لم يزل مستمرا، علما بأني لا أعاني من أي مرض عضوي - ولله الحمد - وحريص على الصلاة وتلاوة القرآن الكريم، فما هو العلاج والدواء اللازم والكامل؟ وقد سمعت أن الزيروكسات مفيد لمن هم في مثل حالتي، فهل هذا صحيح؟ وبماذا يسمى في المغرب؟ وما هي الجرعة المناسبة؟!
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنك قد شرحت حالتك بصورة واضحة وجيدة، وأطمئنك تماما أنها من الحالات النفسية البسيطة، وتعرف باسم (القلق الاجتماعي) أو (الرهاب الاجتماعي)، وهي عادة أو حالة سلوكية مكتسبة، ويظهر أنك حساس بعض الشيء أو أنك ربما يكون لديك تجارب سلبية في الطفولة أدت إلى أن تكون في موضع سيطر فيه عليك الخوف، وبعد ذلك ظهر هذا الخوف لديك في هذه السن.
وأرجو أن أوضح لك أن الرهاب الاجتماعي ما هو إلا قلق نفسي، وهذه الأعراض الجسدية والنفسية التي تنتابك هي أعراض مبالغ فيها، بمعنى أن ما تشعر به لا يمثل الحجم الحقيقي أو الشدة الحقيقية التي تظهر بها هذه الأعراض، فإن صاحب القلق الاجتماعي يكون حساسا ويراقب نفسه بصورة لصيقة، مما يجعله يستشعر أعراضه بصورة مضخمة وصورة مجسمة، والكثير يشعر بأنه سوف يسقط أو أنه سوف يفشل أمام الآخرين، أو أن الناس يراقبونه ويرصدونه، وهذا ليس حقيقيا أبدا، فهذه حقيقة علمية واضحة ومعروفة لدينا، فأرجو أن تطمئن أن أعراضك ليست بالضخامة أو بالجسامة أو المبالغة التي تستشعرها.
وبعد ذلك عليك أن تحاور نفسك حوارا إيجابيا وتعيد تقييم نفسك، وتتذكر أن هذا مجرد قلق، ولا شيء يجعلك تقلق أو تخاف أو ترهب المواقف الاجتماعية، فأنت لا تقل عن الآخرين بشيء، أنت من لحم ودم وهم كذلك، والكل له مشاعره ولا أحد يعلو عليك في أي شيء، تذكر ذلك جيدا، وتذكر أنك تعلو على الكثيرين؛ لأن الله قد أكرمك بنعمة الإسلام ونعمة المحافظة على صلواتك وعباداتك وتلاوة القرآن، فأنت أكرم عند الله من أناس من الكثير من خلقه، وهذا يجب أن يعطيك القوة ويعطيك الدافعية.
وحتى لا تحس بالذنب أرجو أن أوضح لك أن الرهاب الاجتماعي ليس دليلا على ضعف شخصيتك أو قلة إيمانك، بل على العكس تماما أنت لديك الحياء - الذي سميته خجلا – والحياء من الإيمان، فأرجو أن تصحح مفاهيمك وأرجو أن تسعى بأنه تواجه هذا الخوف من خلال المفاهيم الجديدة لديك.
وهناك تطبيقات سلوكية تقوم على المواجهة، والرهاب والخوف يعالج بالمواجهة، والمواجهة يمكن أن تكون أولا في الخيال، بمعنى أن تتخيل وتتأمل أنك في مواقف اجتماعية معينة، فعلى سبيل المثال تصور أنك تصلي بالناس صلاة الجماعة في المسجد والمسجد ممتلئ بالناس، وأنت تقرأ جهرا في صلاة المغرب أو العشاء، عش هذا الموقف بكل تأمل وبكل جدية، وكرر هذه المشاهدات في الخيال عدة مرات.
تخيل خيالا آخر وهو أنك تقوم بإلقاء محاضرة أو تقدم عرضا لدرس معين في الجامعة أمام الأساتذة وزملائك الطلاب.. وهكذا، وخيالا آخر بأن يكون لديكم مناسبة اجتماعية كبيرة وكان لابد لك من الحضور واستقبال الضيوف.. وهكذا، فعش هذه الخيالات بكل قوة، وبعد ذلك عليك بالتطبيق، وأنت تطبق المواجهة ولله الحمد ولكني أريدك أن تكثر من هذا التطبيق.
ويوجد أيضا أنواع من العلاجات السلوكية مفيدة مثل ممارسة كرة القدم مع مجموعة من زملائك وأصدقائك، أو أي رياضة جماعية أخرى، حيث إن الرياضة الجماعية يتفاعل فيها الإنسان إراديا ولا إراديا، وهذا يجعله يختلط بالآخرين ولا يشعر بالخوف والرهبة، وأيضا حضور حلقات التلاوة والمشاركة فيها وجد أيضا أنه يؤدي إلى الشفاء من الرهاب الاجتماعي.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وتوجد - بحمد الله تعالى - علاجات دوائية، فالـ(زيروكسات Seroxat) يعتبر من أفضل الأدوية، ويعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine) ويوجد في المغرب تحت اسم (ديروكسات Deroxat)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة عشرة مليجرام (نصف حبة ليلا) لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة كاملة ليلا، وبعد شهر من ذلك التاريخ ارفع الجرعة إلى حبتين ليلا، واستمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة بمقدار نصف حبة كل ثلاثة أشهر حتى تتوقف عن الدواء.
هذا الدواء من الأدوية السليمة وليس له آثار جانبية كثيرة، وربما يؤدي إلى زيادة في الوزن، فعليك أن تكون حريصا بعض الشيء إذا حصل لك ذلك، وبأن تكثر من الرياضة وتتحكم في نوع وكمية الطعام التي تتناولها، وقد يؤدي أيضا إلى تأخير القذف عند بعض الرجال، ولكنه لا يؤدي إلى أي خلل أو عجز في الذكورة والخصوبة، فهذا هو الدواء المناسب، فتناوله بالجرعة الصحيحة والتزم به، وعليك بتطبيق الإرشادات السابقة.
ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على علاج قلة الثقة بالنفس سلوكيا في الاستشارات التالية: (265851-259418-269678-254892)، والخجل: (267019-1193- 226256)، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
وبالله التوفيق.