الوساوس القهرية والأفكار السيئة عن الله والعقيدة

0 307

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت ملتزما دينيا، ولكن المغريات كانت تدفعني لممارسة العادة السرية وتسببت لي في وسواس قهري شديد مصحوب باكتئاب وأفكار سيئة تتعلق بالله عز وجل لا تتركني طوال اليوم، وأيضا قلق، وبعد ثلاثة أشهر من المعاناة أخذت زيروكسات حبة 20ملج لليوم مدة ثلاثة أشهر، وانخفضت الوساوس لكنها لم تزل، بل صاحبها قلق شديد من الانتكاسة، واستمريت أربعة أشهر أخرى عل نفس الجرعة حبة في اليوم، وكنت أجد نوبات قلق وأعراض اكتئابية وفقدان الثقة في الدواء، فحاولت أن أخفف الجرعة مستغلا شهر رمضان حيث آخذ حبة كل يومين، وتدهورت حالتي جدا، ثم رجعت لجرعة 20 ملج في اليوم ولكن الوساوس في العقيدة لا زالت تنتابني، ثم إني أعاني منذ فترة طويلة من أعراض الرهاب الاجتماعي؛ حيث أني إذا تكلمت أمام الطلبة في المدرج أشعر باضطراب شديد ورعشة، حتى أني لا أستطيع مزاولة الدعوة إلى الله في المسجد بسبب خوفي من الكلام أمام الناس.

أنا تبت من العادة السيئة ومقبل على الزواج، ولكن لدي مشكلة أخرى أيضا وهي سرعة القذف بسبب العادة، فأريدك أن تطمئنني يا دكتور محمد: هل تعرف أشخاصا استخدموا الدواء وشفاهم الله من هذه الوساوس والقلق وأعراض الرهاب وتحسنت سرعة القذف لديهم واستغنوا عن الدواء بعد فترة؟ وما هي الجرعات التي تقترح علي من زيروكسات؟ وما هي المدة اللازمة لكل جرعة؟
وجزاكم الله ألف خير.
حفظكم الله ونصركم وأيدكم يا أهل هذا الموقع الطيب.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك وجزاك الله خيرا على تواصلك مع الشبكة الإسلامية وثقتك فيما تقدمه.
فأبدأ وأقول لك: الحمد لله الذي هداك لأن تتوقف عن العادة السرية، فهي مضرة بالصحة ولا شك أنها إثم بليغ، فجزاك الله خيرا وبارك الله فيك، وأسأل الله تعالى أن يتم لك الزواج وأن ترزق بالذرية الصالحة.

قبل أن أشرع في موضوع الدواء أقول لك: إن القلق النفسي وما يتبعه من وساوس يجب أن يتفهم الإنسان أنها ليست أمراضا ذهانية أو أمراضا عقلية، هي مجرد أمراض عصابية، والمرض العصابي يعالج بمقاومته وبتحقيره وبعدم اتباعه، بمعنى أن أي وسواس يأتيك يجب أن تنظر لها بحقارة وتجري حوارا إيجابيا مع نفسك وسوف تصل للقناعة أن هذه الفكرة سخيفة، ويجب ألا يكون لها أي مكان في عقلك أو في تفكيرك.. هذا يعتبر أمرا ضروريا جدا.

يأتي بعد ذلك ضرورة ممارسة التمارين الرياضية، فالرياضة تساعد كثيرا في امتصاص القلق وفي التوتر وتؤدي -إن شاء الله تعالى – إلى الشعور بالانشراح وتحسن المزاج.

الرهاب الاجتماعي يعالج دائما بالمواجهة وعدم التجنب، والمواجهة يمكن أن تكون أولا في الخيال ثم بعد ذلك التطبيق العملي، والمواجهة في الخيال تتمثل في أن تتخيل أنك أمام جمع كبير من الناس وطلب منك أن تلقي حديثا، فأنت الحمد لله مهتم بأمر الدعوة، فتصور أنك أمام حشد كبير من الناس قمت بتقديم محاضرة إسلامية، وهذا ليس صعبا؛ لأن الحمد لله الدعاة والمشايخ يقومون بذلك بصفة دائمة، فأنت - إن شاء الله تعالى – لديك القوة، ولديك المقدرة، ولديك العزيمة، فما الذي يؤخرك وما الذي يعطلك عن ذلك؟!

لابد أن تعيش هذا الخيال بدقة وكأنه واقع، وتصور أيضا أنك تصلي بالناس في المسجد، وتصور أن لديك مناسبة اجتماعية كبيرة ولابد أن تقابل الضيوف، وتذكر يوم الزواج - إن شاء الله تعالى - عش هذه الخيالات بجدية وانقلها إلى أرض الواقع ومن ثم عليك التطبيق، ولا أعتقد أنك تعاني من درجة عالية من الرهاب الاجتماعي، فهي درجة بسيطة بهذه العلاجات السلوكية وتصحيح المفاهيم وإقناع الذات يمكنك أن تتخلص منها.

وأود أن أضيف لك أن معظم مرضى القلق والمخاوف الاجتماعية دائما يحكمون على أنفسهم أحكاما قاسية، بمعنى أن يتصوروا أن الآخرين يقومون بمراقبتهم وأنهم سوف يفشلون أمام الناس وأنهم يتلعثمون ويرتعشون، وهذا ليس حقيقة، فهنالك مبالغة كبيرة جدا في هذه الأحاسيس وهذه المشاعر.. هذا أيضا جزء من العلاج السلوكي الذي ينبغي أن تستوعبه.

تمارين الاسترخاء هي تمارين مفيدة أيضا ومن خلال هذه التمارين سوف تحس أنك أصبحت أقل قلقا، ويمكنك أن تمارس هذه التمارين بأن تخصص لها وقتا، ويجب ألا يقل عن خمس عشرة إلى عشرين دقيقة، استلق في مكان هادئ –في الغرفة– وبعد ذلك أغمض عينيك وتأمل في أمر جميل، وخذ نفسا عميقا وبطيئا عن طريق الأنف، واملأ صدرك بالهواء حتى ترتفع البطن قليلا، ثم بعد ذلك أمسك على الهواء قليلا في صدرك، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم، ولابد أن يكون إخراج الهواء بنفس القوة والشدة والبطء الذي أدخلت به الهواء..كرر هذا التمرين ست مرات صباحا وست مرات مساء، وسوف تجد -إن شاء الله تعالى- فيه خيرا كثيرا.

أيضا لابد أن تتواصل اجتماعيا، وكن حريصا على حلقات التلاوة فهي تزيل القلق والخوف الاجتماعي، ومارس الرياضة الجماعية مثل كرة القدم فقد وجد أيضا أنها تساعد كثيرا في علاج هذه الحالات.

يأتي بعد ذلك الدواء، ومن فضل الله تعالى أن الزيروكسات Seroxat من أفضل الأدوية التي تعالج الخوف والقلق والوساوس، وهو في الأصل دواء مضاد للاكتئاب، بمعنى أنه يحسن المزاج، والبشرى الأخرى أن الزيروكسات هو أفضل دواء الآن لعلاج سرعة القذف، فإن شاء الله سوف تصطاد أكثر من عصفور بحجر واحد.

حقيقة: الخطأ البسيط الذي ارتكبته سابقا هو أنك لم تنتظم على علاج الزيروكسات وربما أيضا لم تتناوله بالجرعة الصحيحة، والذي أرجوه منك أن تتناول الزيروكسات الآن بجرعة نصف حبة يوميا، ويفضل أن تتناوله ليلا بعد الأكل، تناول هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة (عشرين مليجرام)، وبعد شهر من ذلك ارفع الجرعة إلى أربعين مليجراما (حبتين).. وهذه هي الجرعة المعقولة جدا في حالتك، علما بأن الجرعة القصوى للزيروكسات هي أربع حبات (ثمانين مليجرام) في اليوم، ولكن لا أعتقد أنك في حاجة لهذه الجرعة.

استمر على حبتين في اليوم لمدة ثمانية أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة بمعدل نصف حبة كل ثلاثة أشهر.. هذه هي الطريقة الأفضل وهي الطريقة المثلى في مثل حالتك.

هذا الدواء دواء سليم ودواء فعال، فأرجو أن تنتبه للإرشادات السابقة التي ذكرتها لك وأن تتناول الدواء بالصورة وبالجرعة وبالطريقة التي فصلتها لك والتي احتوت على كل التفاصيل التي سألت عنها.

وهناك إرشادات نبوية لعلاج الأمراض النفسية ستجدها في هذه الاستشارات:
( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 ).

نسأل الله أن يحفظك، وأن ينصرك، وأن يؤيدك، ونسأل الله تعالى العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ولجميع المسلمين، وبارك الله فيك ونشكرك على ثقتك فيما تقدمه الشبكة الإسلامية.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات