اليأس من الحياة وتمني الموت

0 956

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب يائس من الحياة، لا أريد أي شيء، أريد شيئا واحدا، الموت! فكيف أموت بدون انتحار رغم أني حاولت كثيرا لكن -الحمد لله- لم أفعلها، أريد أن أعيش وحدي في مكان لا أرى أي إنسان فيه، لكن أهلي منعوني وهربت مرة من البيت لكنهم أمسكوا بي أريد أن أموت، سوف أدفع الذي فوقي والذي تحتي من أجل الموت ماذا أعمل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، فنحن هنا سعداء لاتصالك بنا، ونسعد أكثر إذا تواصلت أكثر وأكثر معنا، ونسأله تبارك وتعالى أن يصرف عنك السوء، وأن يعافيك من البلاء، وأن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يطيل في عمرك حتى تخدم الإسلام وتحقق الإنجازات العظام.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنني أولا: حزين لأنك تفكر هذا التفكير، ثمانية عشر عاما، فأنت لم تر شيئا من هموم الدنيا حتى تفكر أن تخرج منها.

ثانيا: أنت تفكر في الموت حتى وإن كان بدون انتحار، هل تدري إلى أين سيذهب بك؟ هل ستدري يقينا أنك ستكون من أهل الجنة؟ ثمانية عشر عاما أنت لم تتحملها، فكيف بك تتحمل – والعياذ بالله – عذابا في نار تلظى لا يصلها إلا الأشقى؟!

أتمنى أن تضع يدك الآن على قطعة من النار بجوار اللهب وانظر هل تتحمل أو لا تتحمل، هل تظن أن الموت أمر هين - يا ولدي – الموت ينقلك من هذه الدار التي فيها سعة إلى قبر إما روضة من رياض الجنة وإما حفرة من حفر النار، وهناك يكون كلام آخر، ثم بعد ذلك هناك القيامة.

أنسيت – يا ولدي – أن الله تبارك وتعالى قال عن فرعون وقومه: (( النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب ))[غافر:46]؟! أنسيت – يا ولدي – أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا أن أهل القبور يصب عليهم من العذاب ما لو سمعه الإنسان لمات كمدا؟!.. أنسيت أن أخف أهل النار عذابا لو صاح صيحة في النار وسمعه أهل الأرض لماتوا جميعا.

كيف تفكر في الموت وأنت ليس عندك رصيد، أنا أقول فكر في الموت نعم لو أن عندك رصيد من الإيمان والصلاح والاستقامة وأنك رجل من علماء الإسلام الكبار الذين خدموا هذا الدين، ولكن أنت رجل مسكين ما عندك شيء، كيف تقبل على الله وأنت فقير؟ من أخبرك أن الله سيدخلك الجنة بهذا الرصيد الضعيف جدا، تلقى الله عز وجل منتحرا! كيف تفكر في الموت بدون انتحار؟!

الموت ليس لي ولا لك يا رجل، الله تبارك وتعالى هو الذي حدد (( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ))[لقمان:34]، الله تبارك وتعالى وحده هو الذي يعلم ما هي الساعة التي سيخرج فيها الإنسان إلى الحياة وما هي الساعة التي سيخرج فيها الإنسان من الحياة؟
فأنا أرى أن هذا تفكير شيطاني وليس صحيحا، وأنا أتمنى أن تعيد النظر لأنك الآن تقبل على الهاوية، أنت قد تموت نعم ولكن ظنك أنك تستريح، ولكن والله لن تستريح - يا ولدي -.

يا ولدي! كان عثمان رضي الله تعالى عنه إذا ذكر القبر أمامه بكى حتى خر مغشيا عليه، فإذا ذكرت النار ما حدث له ذلك، فقالوا له: يا عثمان، يا أمير المؤمنين لم تبكي هذا البكاء عند ذكر القبر ولا تبكي عند ذكر النار؟ قال: القبر هو أول منازل الآخرة).

الموت خطير، فأسأل الله لك السلامة والعافية، ثم إن الموت – كما ورد في كلام علي – أشد من مائة ضربة بالسيف، وتقطيع، أشد من تمزيق المناشير في جسم الإنسان – يا ولدي – فأنت كيف تفكر هذا التفكير يا ؟! هذا تفكير سلبي وأنت تستطيع أن تغير حياتك إلى الأحسن.

ثم بعد ذلك أتمنى - بارك الله فيك – بعمل رقية شرعية، أتمنى أن أحدا يرقيك رقية شرعية، اذهب لبعض العلماء الصالحين عندك، واطلب منهم الرقية الشرعية، أو أطلب من أبيك أن يرقيك، أو من أمك، أو من أحد الصالحين عندكم أن يرقيك، أو أن ترقي نفسك بنفسك؛ لأن هذا قطعا من الشيطان – يا ولدي – فالشيطان استحوذ عليك ويريد أن يخرجك من الحياة وأنت فقير، ما عندك شيء حتى تأتي يوم القيامة وقد اسود وجهك – والعياذ بالله تعالى – بسبب المعاصي.

فأتمنى أن تفكر في الرقية، ضرورة جدا أن تذهب لأحد يرقيك، وثق وتأكد بأنك سوف تذهب عنك هذه الأشياء، حتى وإن قدر الله ولم تنفع معك الرقية فإياك أن تفكر في الموت؛ لأن هذا يا ولدي أعظم من الانتحار، فمجرد التفكير في الموت أخطر من الانتحار، والنبي عليه الصلاة والسلام علمك فقال: (لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان ولابد فاعلا فليقل: اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرا لي، وتوفني ما كان الموت خيرا لي).

أنت ما ذكرت سببا معينا لتفكيرك في الموت، لا يوجد هناك سبب واضح حتى نتكلم معك فيه، وإنما هذه مجرد رغبة، وأنا واثق أنها من الشيطان، وأن الشيطان يضحك عليك – يا ولدي – وأن الشيطان يريدك أن تموت كافرا، ولذلك أقول: قاوم هذه الفكرة - يا ولدي – خاصة هروبك من البيت ورغبتك أن تحيا وحدك لا ترى أحدا من الناس، ولكن هذه كلها تدل على أنك غير طبيعي، ولذلك أسألك بالله أن تتوجه الآن بمجرد قراءتك كلامي هذا إلى أحد المعالجين ليقرأ عليك وأنا واثق أنك ستكون طيبا - بإذن الله تعالى - .

عدني – يا ولدي – أن تفعل ذلك، وأرجو أن تبشرنا - بإذن الله تعالى – بالخير لأني واثق - إن شاء الله تعالى – أنك ستكون في أحسن حال ولن تفكر في الموت بعد ذلك أبدا.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، والهداية والرشاد وصلاح الحال وهدوء البال.

والله الموفق.

مواد ذات صلة

الاستشارات