السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا رجل متزوج - ولله الحمد - وكنت أحب فتاة أثناء دراستي في الجامعة، ولم أقدم على شيء لعدم وجود الوقت المناسب، ولم نرتكب محرما - ولله الحمد - وكنت أراعي الله في ذلك واكتفيت بالصمت.
وبعد تخرجي مباشرة تزوجت من أخرى ظنا مني أن تلك الفتاة خطبت لآخر، ورغم مرور ست سنوات إلا أني لا زلت مهتما بأمرها وأتصل بأهلها، وقد علمت أنها تزوجت مؤخرا، ولا أدري سبب انشغالي بها، وأظن أنني سأسعد إن انفصلت عن زوجها إن لم تكن تحبه، وأتخيل دائما أن الله سيجمعني بها، علما بأن زوجتي تحبني، ولنا ولد وبنت ولله الحمد، فماذا أفعل؟!
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو علياء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وأن يبارك لك في أهلك وفي أولادك، وأن يجعلك من صالح المؤمنين وأن يحبب إليك الإيمان وأن يزينه في قلبك، وأن يكره إليك الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يطهر قلبك مما لا يرضيه سبحانه.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإننا ندعوك إلى نسيان ذلك الماضي ما دمت قد تزوجت، وما دامت تلك الفتاة قد تزوجت بغيرك، فأصبحت ليست لك، وقد تزوجت وصار لديك أبناء وزوجة تحبك، وكلامك يدل على أن زوجتك لم تصل محبتها في قلبك إلى درجة المحبة القديمة.
وسبب ذلك أن تفكيرك في تلك الفتاة يجعل الحب لا يموت، فكلما مرت بخاطرك تحاول أن تستسلم لهذه الخواطر، وكأنك تستمتع بها، وهذا هو سبب عدم خروجها من قلبك؛ لأن المرء ينسى إذا لم يعط فرصة لهذه العواطف أو الخواطر أن تظل في قلبه بهذه القوة التي عندك، ولذلك يبقى الأمر عندك هو خلل فيك وليس أمرا شرعيا، فينبغي عليك أن تطارد هذه الفكرة ولا تستسلم لها.
واتصالك بأهلها من عوامل بقاء هذه العاطفة في قلبك، فعليك أن لا تتصل بهم، وإذا جاءتك ذكراها في قلبك فاطرد هذه الفكرة بقوة، فكلما طاردتها وحاولت التخلص منها سوف يضعف تعلقك بها.
وأما قولك أنك تتخيل أن يجمعك الله بها وأنك ستسعد إذا انفصلت عن زوجها فهذا أمر لا ينبغي ولا يجوز لك شرعا بحال من الأحوال؛ فطارد تلك الفكرة، وكلما مرت بخاطرك فحاول أن تقاومها، فإذا كنت جالسا فقم، وإذا كنت قائما فتحرك، وإذا كنت وحدك فتكلم مع أحد، أو أشغل نفسك بشيء واستعذ بالله عز وجل، وحاول أن تقاوم وبإذن الله تعالى سوف تنجح.
واستغفر الله وتب إليه واترك هذه الأمور، وعليك بالدعاء واسأل الله عز وجل أن يبارك لك في زوجتك وأن يبارك لك في ولدك وأن يبارك لك في ابنتك، ولا تتمنى شيئا في يد غيرك؛ لأنه لو كان لك لما حرمت منه، واعلم أنها لو كانت من نصيبك لما أخذها أحد سواك، ولكن قد تحب شيئا ولكنه لا يكون من نصيبك، وكثيرا ما نحب أشياء ولكنها ليست لنا، فأنت تحب الوردة الجميلة وهي على شجرتها في البستان وتحب المنظر الجميل وهو عند صاحبه، وقد تحب شخصا جميلا أو ترى منظرا جميلا ولكنك لا تملكه، فالمحبة شيء والاستفادة الشرعية شيء آخر.
وأبشرك أنها بعد فترة ستصبح مجرد ذكريات وسوف تستريح من هذه العاطفة وتوجهها إلى زوجتك الحلال الطيبة التي أعطتك عمرها ونفسها، والتي اختارتك واخترتها بنفسك ورزقك الله منها ولدا وبنتا، نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يرزقنا وإياك محبته ملء قلوبنا ومحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ومحبة الصالحين من عباده، وكم أتمنى أن تقول: (اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلى حبك).
وبالله التوفيق.