السؤال
السلام عليكم.
مشكلتي أنني لا يعجبني أي رجل لأجعله شريك حياتي، حيث إنني أريد إنسانا مثاليا، والمثالية في نظري هي الرجولة والتدين والأخلاق والحالة الاجتماعية، والوجه الحسن المقبول، والحالة المادية المتوسطة، ومشكلتي أنني أريد هذه الشروط بالرغم أنني أعلم أنه من الصعب توافر هذه الشروط، وهناك شيء آخر هو أنني أخاف كثيرا من الزواج ومسئوليته، وأخاف من الفشل في الارتباط، ويرجع ذلك الخوف إلى نفسي ذاتها، فما توجيهكم بارك الله فيكم؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة المهندسة /H.h حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فإنه ليسرنا بداية أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، ونسأله جل جلاله أن يمن عليك بالزوج المناسب الذي يكون عونا لك على طاعة الله تعالى، ويحقق لك السعادة الزوجية المطلوبة، وتنعمين معه بعز الدنيا وسعادة الآخرة.
وأما بخصوص ما ورد بسؤالك: فالإسلام يحث دائما على طلب العلى وأعالي الأمور، وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتم الله فسلوه الفردوس الأعلى)، وقال: (سددوا وقاربوا)، وقال: (لا يكن أحدكم إمعة يقول: أنا مع الناس..)، فهذه النصوص وأمثالها تحض على طلب معالي الأمور وعدم الرضا بالسفاسف أو الأشياء الدونية، وضابط الأمور العالية العظيمة هي ما حث عليه الشرع ورغب فيه، ولذلك لما مر منافق حسن الهيئة جميل الثياب معتدل القامة، عليه سمات الجلال والوقار، سأل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه قائلا: (ما تقولون في هذا؟ فقالوا: هذا أحرى إذا خطب أن يخطب، وإذا نكح أن ينكح، وإذا شفع أن يشفع إلى آخر كلامهم رضي الله عنهم، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مر رجل آخر متواضع الثياب، تبدو عليه علامات الخشونة، وشظف العيش، فقال لهم: ما تقولون في هذا؟ قالوا: هذا إذا خطب لم يخطب، وإذا نكح لم ينكح، وإذا شفع لم يشفع، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا خير من ملء الأرض من أمثال هذا) أي: أن هذا الرجل المؤمن البسيط أفضل ملايين المرات من هذا المنافق الحسن الهيئة الذي يغتر الناس بمظهره، وهذه هي القاعدة التي ينبغي أن نحرص عليها لما فيها من عوامل استقرار الأسرة وسادتها، وماذا ستستفيد المرأة من رجل جميل الهيئة حسن المنظر كثير المال، ولكنه لا يعاملها بشرع الله، ولا يحترمها، ولا يقيم لها وزنا، ولا يحرص على مشاعرها، أو يحترم أهلها، أو يحفظ سرها ويستر عيبها؟
إن الشرع عندما اشترط الخلق والدين اشترطهما لما لهما من أثر بليغ في إنجاح الحياة الزوجية، فالمرأة تحتاج إلى الخلق الحسن؛ لأن الحياة الزوجية شركة طويلة الأمد تحتاج إلى حسن الخلق لبقائها واستقرارها، وأما الدين فلحسن العلاقة مع الله؛ حتى يكون أهلا لإكرام الله وإحسانه، وبالتالي زيادة الرزق والبركة فيه، ونزول الرحمة، وزيارات الملائكة، وإذهاب كيد شياطين الإنس والجن، وغير ذلك من الخير والبر، وأما مسألة المال والغنى، فرغم أهميتهما إلا أن الشارع لم يعتبرهما من الأمور الأساسية التي لابد من توافرها؛ لأن الحياة مع الخلق والدين يمكن أن تقوم ولو مع شيء من ضيق الأرزاق، في حين أنها لا تقوم مع الغنى واليسار وانعدام الدين أو الخلق، ومسألة خوفك من الزواج ومسؤولياته فهذه روح انهزامية لا تليق بمثلك؛ لأن التي استطاعت أن تواصل تعليمها لأعلى مستواه لديها من القدرة العزيمة ما يعينها على النجاح الأسري إن أخذت بأسباب السعادة الزوجية الحقيقة، وتعلمت ما يجب عليها وما يجب لها، وأعطت لك ذي حق حقه، فإنها بذلك ستكون من أسعد الناس، فالحياة الزوجية مهارة من المهارات التي يمكن اكتسابها، ومعرفة أسرارها بسهولة ويسر، خاصة إذا كانت الشريعة هي الدستور الذي تحتكم إليه الأسرة.
فأرجو ألا تعطي لنفسك هذا الإحساس السلبي، وإنما أدخلي بدله الإحساس الإيجابي؛ لأننا نحن الذين نعطي الأوامر لأنفسنا، فإن وضعنا في اعتبارنا الفشل من أول الأمر فهذا هذا الذي سيحدث، وإن برمجنا أنفسنا إيجابيا ووضعنا في اعتبارنا النجاح فسننجح حتما بإذن الله، فضعي بإذن الله هذا في اعتبارك، وستكونين من أسعد النساء وأنجح الزوجات وأفضل الأمهات بإذن الله رب العالمين، فاتركي عنك هذه المثالية، وعليك بالواقعية الشرعية، وسترين ما يسرك، وبالله التوفيق.