الصفات المعتبرة في قبول الخاطب

0 601

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نسأل الله تعالى أن يجعل جهودكم في ميزان حسناتكم.
كيف يمكن التعرف على شخصية الزوج خلال فترة الخطوبة؟ وكما تعلمون هي فترة قصيرة قد لا تمكن من معرفة شخصيته، أنا لا أتحدث عن الدين والخلق
والسؤال عنه، فهده ضروريات.
بل أتحدث عن: هل هو عصبي، غير متفهم، يثور لأتفه الأسباب، هل مساعدة الزوجة في أشغال البيت يعتبرها انتقاصا من رجولته؟ هل لديه أسلوب لبق في الحوار؟ هل الحنو والعطف اتجاه زوجته وكلمة الشكر والكلمة الطيبة يعتبرها انتقاصا من رجولته كذلك؟

لا أخفي عليكم أنني عندي حساسية شديدة من هذا النوع من الشخصيات فلا أتحمل وليس عندي استعداد لأن أتحمل هذا النوع من الأشخاص، قد تقـولون لي إن الدين والخلق كافيان وأنا لا أنكر هذا بما أنه جاء في حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

لكن أنا أقول إن أخي يصلي ويصوم لا يسرق لا يزني، يحرم الربا، لا يظلم أحدا، ماله حلال، لا ينافق، تعامله مع أصدقائه على ما يبدو لي جيد وبالتالي إذا سأل أحدهم عن سمعته سيجدها حسنة، لكنه عصبي، متوتر، لا يمتلك حسن التفاهم والتعامل والاستماع والحوار، يحب أن يسمع له ولا يحب الاستماع للآخر (في العائلة)، مزاحه هو الاستهزاء والتنابز بالألقاب، غير منظم، ملابسه مرمية في كل مكان في البيت يأكل في صحن ويتركه فوق الطاولة!
بالنسبة له المرأة هي التي تقوم بكل الأشغال، وهذا الطبع أخذه عن أبي، غير أن أبي عصبيته أشد، يبحث دائما عن الشيء البسيط لينتقـد، يفـتقـد للحكمة.

والرزانة، شيء بسيط يكبره ويجعله مشكلا كبيرا! السب والشتم، الأنانية، حواره هو الصراخ، لم نخرج معه يوما بنتيجة مفيدة من خلال حوارنا معه، دائما يحب أن يظهر أن رأيه هو الصواب مع أنه غالبا ما يكون هو الخطأ، أنا لا أقول إنه شرير أو قاسي، لكن التفاهم والحوار معه لا يطاق.

ومع ذلك تحملته أمي 30 سنة أو أكثر، لكن النتيجة أن صحتها وهنت ومع ذلك لا يقـدر لها ذلك، دائما يحب أن يعامل كالطفل المدلل وأن يحس بـقـيمته كرجل بهذه التصرفات.

فما هي الحدود الشرعية للتعارف بين المخطوبين وكيف يتم؟ وأنا أركز على معرفة الشخصية، فكم من زوجة تفاجأت بشخصية مغايرة لزوجها على عكس ما كان عليه أيام الخطوبة فقد يظهر شخصية مغايرة عن شخصيته.

أنا بالنسبة لي، التفاهم والعطاء المتبادل هو كل شيء في الحياة الزوجية، وطبعا الشخص العصبي مستحيل التفاهم معه.
سؤال آخر: إذا أحسست باهـتمام من شخص وأراد أن يتعرف عـلي، فكيف أتصرف؟ طبعا هو سيكون في نيته الزواج، وأنا أيضا، والحمد لله أنا أحافظ على الحجاب الشرعي وعلى التزامي بديني، فهل أدله على عـنوان بيتنا، أم أطلب منه مهلة لكي أخبر والدي وأعـطيه رقم الهاتف لكي يعرف الرد أم ماذا؟

لأني في هذه الأيام كلما خرجت، أصادف شابا، كلما رآني يمر من أمامي وينظر إلي، يحاول ويعاود الكرة لكي أنظر إليه، فلا أفعل وكأنه غير موجود أضبط نفسي وأتجاهله تجاهلا تاما، أنا أميل إليه وقد سبق وأن جاءت عـيني في عـينيه بالصدفة، نظر إلي باحترام لكن أنزلت بصري بسرعة كبيرة ولم أتماد في النظر، أنا في الحقيقة لا أدري ما مراده ،هل يريد إشارة قبول تشجعه لكي يتقدم أم ماذا؟

هل الخطبة يستحسن فيها الإشهار لكي يعرف أنه الخاطب ولا يعتبر شخصا غريبا يتردد عـلى البيت ونحن عندنا الإشهار في الخطوبة في بلدنا لهذا السبب.
لكم جزيل الشكر والتقدير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مسلمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام وب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله -تبارك وتعالى- أن يبارك فيك وأن يكثر من أمثالك، وأن يزيدك حياء وعفافا وفضلا وتقى وصلاحا واستقامة، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعته ورضاه، ويحسن التفاهم معك والتصرف معك، وترين فيه ما تحبين من زوج صالح تسعدين به في الدنيا والآخرة.

بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإن الزواج كما تعلمين من أرزاق الله تبارك وتعالى حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله قدر المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة)، ومن هذه المقادير كل الأرزاق، فالأموال أرزاق، والأولاد أرزاق، والأزواج أيضا أرزاق، والصحة أرزاق، والجمال أرزاق، كل هذه أرزاق، فمن هذه الأرزاق الزواج، فالله -تبارك وتعالى – كما قسم للناس أرزاقهم وجعل هذا رزقه موسعا، بينما هذا رزقه متوسط وهذا رزقه مضيق، كذلك أيضا قسم بين الناس أزواجهم، فجعل هذه ترزق بزوج صالح مستقيم على منهج الله تعالى يعاملها معاملة الصالحين وتسعد معه سعادة ما بعدها من سعادة في الدنيا، وهذه قد ترزق بزوج شديد وعصبي المزاج ويرزقها الله تبارك وتعالى الصبر عليه؛ لأنه يكون من الشدة بمكان ولكن الله تبارك وتعالى شاء أن يجعل صبرها عليه من عوامل دخولها الجنة؛ لأن الإنسان عموما يدخل الجنة بالصبر ويدخلها بالشكر.

هذه الأخت التي من الله عليها بزوج متفاهم ودود لطيف معين لها على طاعة الله تدخل الجنة إذا شكرت الله على هذه النعمة، والأخت التي ابتليت بزوج - كما ذكرت أنت – عصبي المزاج وغير متفاهم يثور لأتفه الأسباب، هذه إن صبرت عليه فإنها تدخل الجنة أيضا بصبرها عليه.

أحيانا قد يكون الرجل في فترة من الزمن أخلاقه حسنة رائعة ثم يتعرض لمشكلة أو فاقة أو محنة أو ظرف اقتصادي صعب أو صحي، يثور أيضا ويتغير خلقه ويصبح خلقه شديدا.

المرأة كذلك أيضا، فكما أن المرأة لها نصيبها وزوجها وحظها، كذلك أيضا الرجل قد يبتلى بامرأة شديدة الطباع صعبة المراس تثور لأتفه الأسباب، سبابة لعانة، وهو صابر محتسب أيضا.

هذه قضية - أختي الكريمة – هي أرزاق، مهما حاولت أن تجتهدي فإنك تسددي وتقاربي، أما أن تقولي جزما وقطعا بالقلم والمسطرة هذا مستحيل؛ لأن هذه قسمة الله - تبارك وتعالى جل جلاله – والإنسان لا دخل له فيها كائنا من كان.

من هنا فإني أقول لك: مهما حاولنا أن نبحث وأن ندقق وأن نتخير فإن الأمر وارد جدا، خاصة - كما ذكرت أنت – أنه في فترة الخطوبة قد يبدو الخاطب بشخصية مهذبة مستقيمة رائعة ودودة لطيفة حنونة جميلة، ثم ما أن يظفر بزوجته وتصبح بين أحضانه إلا وينقلب شخصا آخر تماما.

هذا فعلا يحدث وقد لا يحدث أيضا، قد تكون هذه هي الشخصية الطبيعية التي ظهرت لها في أول الأمر، ولذلك أنا أقول - بارك الله فيك - : نحن أمرنا كما أشرت أنت في البداية بضرورة التحدث عن الدين والخلق؛ لأن كل الذي ذكرته الآن من أنه عصبي وغير متفاهم ويثور لأتف الأسباب... كل هذه أخلاق، فإذا ما حرصت على الدين والخلق حلت كل هذه المشاكل؛ لأن الذي ذكرته أنت الآن من العصبية وعدم التفاهم والثورة لأتفه الأسباب وعدم مساعدة... هذه كلها - بارك الله فيك – عبارة عن نواحي أخلاقه.

إذا قلت أنت الآن لا تتحدثين عن الدين والخلق فعن أي شيء تتحدثين؟! الرجل ليس فيه إلا الدين والخلق، فإذا أكرمت المرأة بالدين والخلق فقد أكرمت بالخير كله، ونحن نستطيع أن نتعرف على الدين من المسجد الذي يصلي فيه، من الذين يمشي معهم، من البيئة التي هو فيها، كذلك نستطيع أن نتعرف على خلقه أولا إذا كان موظفا في دائرة من الدوائر نستطيع أن نسأل، ترسلي من يسأل عنه وعن أخلاقه وكيفية معاملاته مع زملائه، أصدقائه الذين يمشي معهم من الممكن أيضا يتم عملية جرد لكل أصدقائه ومعرفة كيف يتعامل معهم. أيضا جيرانه الذين يسكنون بجواره في بيته أيضا هؤلاء يعرفون أخلاقه، كذلك أيضا نستطيع أن نعرف ذلك من أهله، وإن كان الأهل لن يخبروا بالحقيقة، ولكن من السهل جدا أن نعرف كل شيء.

إذن ليس لنا من سبيل حقيقة إلا أن نتعرف من خلال السؤال والاستقصاء.. بعض الدول أحيانا تطلب من الأخ المتقدم للزواج شهادة من إمام المسجد أنه محافظ على الصلاة في جماعة، كدليل على أنه رجل فعلا من الصالحين، ليس مجرد أنه يصلي على سطر ويترك عشرة أو يصلي يوما ويترك شهرا أو يصلي الجمعة فقط، لا.

بعض الناس يشترط هذا، وبعضهم يتولى الأمر – كولي الأمر أو أحد أفراد الأسرة أو من ينوبهم – في البحث والذهاب إلى محل إقامة الأخ والسؤال عنه بطريقة سرية حتى يتأكد من حسن خلقه.

بذلك نستطيع أن نعرف، وقطعا لا يمكن أن يكون فيه كل الصفات التي تريدين مرة واحدة، إلا إذا كان بينك وبين الله عز وجل علاقة خاصة ولك عند الله منزلة خاصة وأكثرت من الدعاء لله تعالى بذلك، فالله قادر على أن يمن عليك بهذه الشخصية التي تريدين.


أما في الغالب - أختي الكريمة – فإن الكمال لله وحده، ولا كمال لأحد في الإنسانية بعد محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وكل يؤخذ من قوله ويرد، وقد يكون في الرجل خير سبعين بالمائة وشر ثلاثين بالمائة، قد يكون فيه خير خمسين بالمائة وشر خمسين بالمائة، هذا كله موجود.

ولكن أما عن طريق التعرف الشخصي المباشر فأنت تعلمين أن فترة الخطوبة ليست فترة زواج حتى نتكلم معه بحرية أو تأخذ الأخت راحتها معه أو تتكلم معه، وإنما نحن إذا ما أراد أن يتقدم فليتقدم إلى البيت، هذا الأخ الذي يمر أمامك هذا من الممكن أن يذهب إلى بيت أهلك وطبعا من المفروض أنه يعرف أين بيتكم ليتقدم إلى أهلك يتكلم مع أخيك، مع أبيك، حتى ولو قدر الله وكلمك في الشارع قولي له: قال الله تعالى: ((وأتوا البيوت من أبوابها))[البقرة:189]، فتفضل كلم الأهل أو الوالد وهم يتصرفون معك)، وبعد ذلك عندما يتقدم لخطبتك تعطونه مهلة، ثم بعد ذلك تبحثون عنه وتتأكدون من أخلاقه وحسن خلقه، وبعد ذلك تتم المراسم.

هذا غالبا هو الذي يحدث - أختي الكريمة – أما ما سوى ذلك فإن الإسلام لا يقر بحال أن تتكلم الأخت مع الشاب لتتعرف على هذه الأشياء، وإنما - كما ذكرت – هذه أرزاق، فإذا شاء الله تبارك وتعالى لك ذلك كان، ولكن نحن أمرنا أن نجتهد في حدود المتاح والممكن الذي جرت به العادة وهو مسألة - كما ذكرت – السؤال عن دينه من حيث الصلاة في المسجد وغيره، والسؤال عن أخلاقه من حيث البيئة التي يتعامل معها؛ لأن هذه البيئة التي تستطيع أن تنقل لك الأخبار بدقة وأمانة؛ لأنه يتعامل مع زملائه في العمل على مدار – مثلا – عشر ساعات أو أقل يوميا، وكذلك في الجيران، مع زملائه، وأصدقائه، ويسئل عنه بأمانة،
وتكون الإجابة - إن شاء الله تعالى – بأمانة، وبذلك تنتهي المشكلة كلها - بإذن الله تعالى - .
ولكن أقول - بارك الله فيك -: هناك شيء وحيد الذي تستطيعين أن تؤثري به وهو الدعاء، فإن توجهك إلى الله تعالى بالدعاء وتضرعك إلى الله بإخلاص وإنابة أن يمن عليك بزوج صالح تكون فيه هذه الصفات، فإن الله على كل شيء قدير.
الله تبارك وتعالى أمرنا بالدعاء ووعدنا بالإجابة، ولذلك قال: ((وقال ربكم ادعوني أستجب لكم))[غافر:60]، وقال أيضا: ((أجيب دعوة الداع إذا دعان))[البقرة:186]، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، ويقول أيضا: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء).
فأنت تتوجهين إلى الله عز وجل بالدعاء واتركي النتائج إلى الله سبحانه وتعالى، وما سوى ذلك لا ينبغي أن نشغل أنفسنا كثيرا؛ لأن وجود رجل كامل الصفات كما لو كان رجل من أهل الجنة، هذا من الصعوبة بمكان، خاصة في هذا الزمان الذي كثرت فيه الفتن، وأيضا في بلاد قل أن يكون هناك إنسان يطبق الشرع تطبيقا حرفيا، وإنما كل التطبيق تقريبي والتزام تقريبي، ولكن بالدعاء لعل الله أن يمن عليك بما ترغبين، وما ذلك على الله بعزيز، فتوكلي على الله واجتهدي في الدعاء واتركي الأمر لله تعالى، واقبلي بمن يتقدم لك بالشروط الشرعية لأنها هي أزكى الشروط وأفضلها وأسماها، وبها -إن شاء الله تعالى- سوف تستريحين في الدنيا وتسعدين أيضا في الآخرة.
هذا وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات