تسارع دقات القلب عند إلقاء درس أو الصلاة بالناس

0 376

السؤال

السلام عليكم أيها السادة الأطباء.

أوجه لكم الشكر أولا على جهودكم في تقديم الحلول الطبية، وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتكم.

أنا شاب في ال 24 من عمري طالب جامعي في السنة الثالثة.

ما أعانيه باختصار هو الرهاب الاجتماعي حين يطلب مني الدكاترة في الجامعة بتقديم (Presentation) حيث أني أشعر بتسارع دقات قلبي كثيرا قبل القيام أمام الطلبة، وأشعر بألم في رأسي! ومع ذلك فإني أتحامل على نفسي وأقوم بتقديم العرض أمام الطلبة، ولكن ما أفتقده هو الشعور بالانطلاق أثناء العرض أمام الطلبة (Presentation).

أفيدكم أني قد تقدمت للإمامة عند وزارة الأوقاف عندنا حيث عزمت على استلام الإمامة في المسجد.

ولكن كلما أتذكر أني سوف أقوم بالإمامة أشعر بالخوف والرهبة، وكذلك أتردد في تقديم الدروس للمسلمين في مسجدي، رغم أني درست العلم الشرعي على عدد من المشايخ، وأجد أن لدي حصيلة علمية لا بأس بها، وأسأل الله أن يزيدني.

سمعت كثيرا عن الأدوية النفسية ولكن ما يشعرني بالخوف من الأدوية النفسية هو التأثيرات الجانبية التي تنتج عنها حيث سمعت أنها تؤدي إلى العجز الجنسي وزيادة الوزن، أرجو أن يوفقكم الله لحل مشكلتي.

ولكم جزيل الشكر.
والسلام عليكم ورحمة الله.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا.
فمما ذكرته فأنت تعاني من درجة بسيطة مما يعرف بقلق الخوف الاجتماعي أو ما يسميه البعض بالرهاب الاجتماعي.

أولا: أنا لست منزعجا كثيرا وذلك لعدة أسباب، فأنت رجل قد تعلمت العلم الشرعي، ولا شك أن ذلك باعث على الطمأنينة.
ثانيا: أنت في السنة الثالثة من الجامعة وقد قطعت شوطا طويلا وبقي لك القليل - إن شاء الله تعالى - .

يأتي بعد ذلك أن أنصحك بالآتي:
عليك بتصحيح المفاهيم، فيجب أن تصحح من مفاهيمك، فإن الذي تعاني منه هو مجرد قلق وليس أكثر ذلك، ليس ضعفا في شخصيتك أو قلة في إيمانك، ليس الأمر كذلك، القلق أو الخوف الاجتماعي هو سلوك مكتسب، والشيء المكتسب أو المتعلم يمكن أن نوقفه بتعليم مضاد، والتعليم المضاد في هذه الحالة هو أن تحقر هذه الفكرة – فكرة الخوف – فقل لنفسك: (لماذا أخاف فأنا - الحمد لله تعالى – لا ينقصني شيء عن الآخرين، بل على العكس ربما أكون أفضل من الآخرين في أمور كثيرة)، وهذا ليس من قبيل تزكية النفس، ولكن من قبيل إعادة الثقة إلى الذات.

أود أن أوضح لك وبصورة جلية أن التجارب العلمية النفسية أثبتت أن الذين يعانون من القلق أو الرهاب الاجتماعي دائما يأتيهم شعور متزايد ومبالغ فيه في نوعية الأعراض التي يعانون منها، يتصورون أنهم يتلعثمون وهذا ليس صحيحا، فحين تم تسجيل أصواتهم وبعد ذلك أعيد الاستماع إليها عن طريقهم لاحظوا أنهم لا يتلعثمون أبدا، أو حتى إذا كان هنالك تلعثم فيه ومن درجة بسيطة وليس حسب ما يتصورون، والبعض أيضا يعتقد أنه سوف يرتجف ويرتعش أمام الناس وأنه سوف يسقط، هذا الشعور وإحساس أيضا مبالغ فيه، وأرجو أن أؤكد لك ذلك.

والأمر المهم جدا أن الآخرين لا يقومون برصدك أو بمراقبتك أبدا، هذا ليس واردا.
إذن تصحيح المفاهيم هو حقيقة علاج سلوكي أساسي لعلاج الرهاب الاجتماعي.

يأتي بعد ذلك بأن تواجه وأن تقاوم، والمواجهة يمكن أن تكون أولا في الخيال، ونعني بها أن تجلس على كرسي في مكان هادئ وبعد ذلك تتأمل أنك تقوم بهذا العرض أو الـ (برزنتيشن Presentation) أمام الطلاب وأما الأساتذة في الجامعة، ويجب أن تستغرق في هذا التفكير مدة لا تقل عن ربع ساعة، ويجب أن تعيش كل الخطوات التي يجب أن يقوم بها الإنسان خلال العرض أو البرزنتيشن. هذا الخيال إذا طبقته وأخذت الأمر بجدية يساعدك كثيرا في تقليل القلق.

نفس الشيء حاول أن تطبق هذا الأمر على الصلاة، فتصور أنك تؤم الناس في المسجد وأن المسجد – ما شاء الله – مكتظ بالمصلين وأن الجميع قد تأمل فيك خيرا، وفي نفس الوقت تذكر أن آلاف المساجد بها أئمة يصلون ويؤمون الناس دون مشاكل، وتصور أئمة الحرم الشريف يؤمون آلاف بل ملايين الناس، ويستمع إليهم الناس في جميع أنحاء العالم ويشاهدونهم على القنوات الفضائية.

عش هذا الخيال بقوة، وهذا يسمى بـ (المواجهة في الخيال) وهو أحد العلوم السلوكية المعروفة.

بعد ذلك عليك التطبيق، فأنت مطالب بالتطبيق يمكن أن تساعد نفسك بالتعود على تمارين الاسترخاء، هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، خاصة تمارين التنفس. تمارين الاسترخاء تقلل التوتر وتقلل الخوف وتعطي الإنسان الشعور بالاسترخاء. توجد عدة كتيبات وأشرطة، وبما أنك مقيم في قطر فهي موجودة في مكتبة جرير أو مكتبة الأمة للصوتيات في منطقة السد، فيمكنك الحصول على أحد هذه الأشرطة أو الكتيبات والتدرب عليها، وإن شاء الله تعالى سوف تساعدك كثيرا.

أو يمكنك الذهاب إلى العيادة النفسية في قطر ومقابلة الأخ الدكتور علي التهامي، وهو رجل نحسبه من المتميزين في مجال علم النفس سوف يقوم بتدريبك على هذه التمارين – تمارين الاسترخاء – ويمكن أن تقول له أنا قادم من قبل الدكتور محمد عبد العليم.

يبقى بعد ذلك أمر العلاج الدوائي.. نعم توجد - الحمد لله تعالى – أدوية فعالة وممتازة، وما يثار حول العجز الجنسي وزيادة الوزن نستطيع أن نقول ليس دقيقا، فليست كل هذه الأدوية قد تؤدي إلى هذه المؤثرات.

هنالك عقار يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، فيمكنك الحصول عليه، وهو موجود في الصيدليات ولا يحتاج إلى وصفة طبية، يمكنك أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما (حبة واحدة) ليلا لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين (مائة مليجرام) ليلا – ويفضل تناوله بعد تناول الطعام – واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة وأرجعها إلى حبة واحدة ليلا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناوله.

هذا الدواء لا يؤدي إلى العجز الجنسي، فقط ربما يؤدي إلى تأخير في القذف المنوي عند بعض الرجال، أما زيادة الوزن فهي متفاوتة، فالبعض قد يحدث له زيادة في الوزن بنسبة أربعة بالمائة من وزنهم الأصلي، وهذا أيضا يكون في الشهرين الأوائل، ولكن الذي يحرص في الطعام وممارسة الرياضة – وهكذا- لا تحدث له هذه الزيادة.

هذه الأدوية هي من نعم الله تعالى علينا، وهي سليمة ونحن مطالبون بأن نأخذ بالأسباب وهذا هو أحد الأسباب وهو أن تتناول هذا الدواء.

إذن عليك بتناول الدواء وعليك تطبيق الإرشادات السابقة، وإن شاء الله سوف تكون على خير، ومشكلتك في نظري هي مشكلة بسيطة، فهو مجرد قلق اجتماعي من النوع البسيط، عليك فقط الإقدام والمواجهة ومواجهة النفس وقوة العزيمة والإصرار على التحسن؛ لأن الإصرار والإقدام هي من مفاتيح العلاج السلوكي الأساسية.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

وبالنسبة للعلاج السلوكي للرهاب فيمكن مراجعة هذه الاستشارات: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 )، والخجل من الإمامة: ( 260852 ).

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات