اكتئاب ما بعد الولادة ما علاقته بالصحة النومية؟

0 649

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

عانيت بعد ولادتي الأولى من اكتئاب ما بعد الولادة، وكانت أعراضها ضيق شديد وخوف وقلق وتعرق واضطراب في النوم (قلة النوم، كثرة الأحلام، نوم متقطع، وعدم الإحساس بأنني قد نمت).

وكانت تراودني أفكار كثيرة ولا أتقبل مسئولية الطفل، فذهبت إلى طبيب نفسي فوصف لي (الزولفت)، فتناولته لمدة شهر تقريبا، فتحسنت حالتي خلال ثلاثة أشهر تقريبا، لكني لا زلت أعاني من اضطرابات النوم، وفي الفتره الأخيرة وصف لي طبيب آخر حبوب (الناردين)، فهل هذا العلاج يكفي؟ وهل أحتاج أن آخذ هذا الدواء فترة طويلة؟ علما بأني أفكر في الحمل من جديد ولكني أخاف من اكتئاب ما بعد الولادة، فهل من المحتمل أن أعاني منه بعد الولادة الثانية؟

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أسماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن اكتئاب ما بعد الولادة هو أحد المصطلحات التي تم تداولها كثيرا في المحافل العلمية النفسية، وكذلك وسط عامة الناس، وهناك من يرى أن هناك مبالغة في تشخيص هذه الحالات، فيعتبرها البعض أنها حالات قليلة وليست بالشدة التي يتصورها الكثير من الناس، وبعض العلماء النفسيين يرون أنها مجرد ظاهرة اكتئابية تأتي للإنسان الذي لديه الاستعداد للاكتئاب وليس أكثر من ذلك، وربما يكون عامل الحمل والولادة وما شكلته من ضغوط وتغيرات هرمونية ربما تؤدي إلى هذا النوع من الاكتئاب.

لذا يجب أن لا يكون شاغلا للناس، ولا نعطيه أي خصوصية معينة، فهو اكتئاب عادي يأتي بعد حدث حياتي رئيسي، وهذا الحدث هو الحمل والولادة، فهناك بعض الأشخاص لديهم استعداد للتغيرات النفسية بعد الأحداث الحياتية الأساسية.

والحمد لله أنت قد استجبت للعلاج بصورة جيدة، والآن بقيت لديك اضطرابات النوم، والأدوية التي وصفها لك الطبيب هي أدوية جيدة - الزولفت Zoloft وكذلك النارديل Nardil وهذا الأخير يساعد أيضا في تحسين النوم -، ولكني أفضل عقارا يعرف تجاريا باسم (ريمارون Remeron) ويعرف علميا باسم (ميرتازبين Mirtazapine)، وهو عقار متميز في علاج الاكتئاب وكذلك تحسين النوم، وقد وجد أنه جيد لعلاج اكتئاب ما بعد النفاس، وربما يساعد في منع الانتكاسات المستقبلية، فهناك بعض الدراسات التي تشير إلى ذلك.

فإذا أردت الاستمرار على الزولفت والنارديل فلا مانع من ذلك، وإذا أردت التوقف عن الزولفت ولا تبدئي في حبوب النارديل فهذا أيضا جيد، بشرط أن تبدئي في تناول الريمارون بجرعة ثلاثين مليجراما (حبة واحدة) ساعتين قبل النوم، وأنا أكثر ميولا إلى أن الريمارون ربما يكون هو العلاج الأفضل في مثل حالتك، والإنسان إذا تناول دواء واحدا وبجرعة واحدة أفضل من أن يتناول دواءين.

ومن الضروري أن تحسني من صحتك النومية، بمعنى أن تتجنبي النوم النهاري وأن تمارسي بعض التمارين الرياضية، وحاولي أن لا تتناولي المشروبات التي تحتوي على مادة (كافيين Caffeine) مثل الشاي والقهوة والبيبسي والكولا بعد الساعة السادسة مساء، وحاولي أن تتناولي حليبا دافئا قبل النوم، وكوني حريصة على أذكار النوم والنوم على وضوء، فهذا كله يعطيك الدافعية وتحسن كثيرا من النوم لديك.

وأما تفكيرك في حمل جديد وخوفك من اكتئاب ما بعد الولادة، فهذه قضية فيها الكثير من الخلاف، فإنه يعرف أن اكتئاب ما بعد الولادة أكثر حدوثا في الولادة الأولى، وليس من الضروري أن يحدث مرة أخرى، ولكن هناك احتمال أن يأتي الاكتئاب في الولادات المتعاقبة، وينصح بعض الأطباء أن تكون هناك فترة زمنية معقولة ما بين الولادة والولادة الأخرى، فقد وجد أنه إذا كان هناك تباعد زمني بين الولادات فإنه يقلل كثيرا من فرص الانتكاسة أو الإصابة بمرض الاكتئاب.

وعموما فإن الحالة التي حدثت لك من اكتئاب وقلق بعد الولادة ليست مانعا من أن تفكري في الحمل مرة أخرى، نسأل الله تعالى أن يسهل لك ذلك، وفي نفس الوقت لا أريدك أن تعيشي تحت القلق أبدا، فأنت الآن اكتسبت تجربة مع الاكتئاب وتناولت العلاج الصحيح وقد ذهب عنك الاكتئاب بفضل الله تعالى، وإذا كانت الفترة الزمنية أطول نسبيا فهذا أفضل، وفي نفس الوقت ليس من الضروري أبدا أن يحدث لك اكتئاب مرة أخرى.

وهناك دراسات تشير أنه إذا كان يوجد تاريخ مرضي في الأسرة، بمعنى أنه إذا كان أحد الأقارب كالوالدين قد أصيب باكتئاب أو مرض مشابه ربما يكون الإنسان أكثر عرضة لنوبة اكتئابية بعد الولادة.

وأرجو أن لا تنزعجي لهذه الحقيقة العلمية، وعموما فإن فرص احتمال هذا الاكتئاب هي فرص ضعيفة، وسلي الله أن يحفظك، وأقدمي على الحمل دون أي مخاوف بإذن الله تعالى، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات