السؤال
أنا طبيب متخصص في أمراض العيون، وتأخذ العمليات الجراحية مني وقتا طويلا، مما يؤثر على نتيجة العمل الجراحي أحيانا، خاصة عمليات الساد التي يحدث في بداياتها وثمة قرنية، وأنا أبطأ شخص في القسم، وعندما أدخل إلى العمل الجراحي أتوتر وترتجف يداي أحيانا، ويخف هذا الأمر بعد مضي ثلث ساعة أو أكثر في العمل الجراحي، وأتوتر بسرعة أثناء العملية، وأفكر في السفر إلى أمريكا والاختصاص في طب الأطفال.
فأرجو منكم النصيحة الصادقة الصريحة التي أدعو لكم بعدها طول عمري.
وشكرا لكم.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حائر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن البطء في عمل الأشياء أيا كان نوعها يكون سببه التردد وعدم الثقة في الذات أو الحرص الشديد، أو يكون هذا البطء وسواسي، فهناك بعض الناس يكون لديهم البطء الوسواسي وهو غالبا يكون البطء المرضي، وأعتقد أنك لا تعاني من البطء الوسواسي، وإنما لديك طاقة القلق، وهذا القلق الذي يأتيك في بداية العمليات الجراحية هو ما نسميه بقلق الفعالية، فالإنسان يحتاج لدرجة معينة من القلق حتى يرفع من مستوى يقظته وإجادته، ولكن هذه النسبة قد ترتفع قليلا لدى بعض الأشخاص، وهذا هو الذي يحدث لك.
والذي تعاني منه هو ظاهرة فسيولوجية وظاهرة نفسية بسيطة، ولا أستطيع أن أقول أنها مرض أبدا، فهي ليست مرضا ولا تدل على وجود مرض أبدا، ولا شك أن تخطي هذه الظواهر يتم بتكرار الفعل، فنحن نقول دائما يجب أن يعرض الإنسان نفسه ويمنع الاستجابة السلبية، والتعرض الذي نعني به هنا هو أن تكثر من تعريض نفسك لهذه العمليات بحضورها مع بقية الجراحين وبممارستها وحدك حسب ما هو مسموح ومتاح لك، وأن ترفع من معدل ثقتك في نفسك، وتقارن نفسك بالآخرين حتى ترفع من مستوى نفسك.
والإكثار من الممارسة يتسبب في اكتساب الثقة، ولا أرى أنه من الجيد أن تغير التخصص، ومع ذلك لا شك أن الأمر متروك لك في النهاية، وحتى إذا غيرت التخصص إلى تخصص غير جراحي فإن جميع التخصصات الآن تتطلب إجراء بعض العمليات المعينة، فعلى سبيل المثال: وضع جهاز تنفسي للطفل في بعض الأحيان يكون أمرا دقيقا ويتطلب الكثير من المهارات والمقدرات والسرعة، فأنت ربما لا تستطيع أن تقوم بذلك أو ربما يأتيك نفس القلق الذي يأتيك الآن، فالذي أرجوه منك هو أن تحقر وتقلل من هذه الأفكار التي يظهر عليها الجانب القلقي، وفي نفس الوقت أخذت الطابع الذي جعلك لا تقدر قيمة قدراتك، فسيكون من الجيد وسيكون من المفيد وسيكون من الأحسن أن تعيد تقييم تقدير ذاتك، وفي نظري هذا أمر مهم جدا.
وسيكون أيضا من الجيد بالنسبة لك أن تمارس تمارين الاسترخاء، وتمارين الاسترخاء هي من العلوم المتسعة جدا، والاسترخاء دائما هو ضد القلق وضد التوتر، ونصيحتي لك هي أن تقابل أخصائيا نفسيا – وليس طبيبا نفسيا – حتى يقوم بتدريبك على هذه التمارين المختلفة على أفضل وجه، وعليك أن تلتزم بعد ذلك بتطبيقها، ويمكنك أن تتحصل على أشرطة فيديو أو كتيبات توضح كيفية القيام بإجراء هذه التمارين.
وبصورة مختصرة يمكن أن أوضح لك طريقة تعرف (طريقة جاكبسون Roman jackobson) في هذه الطريقة يمكنك أن تسترخي وتستلقي في مكان هادئ بعيد عن الضوضاء – في الغرفة مثلا –، ويجب أن تنقل نفسك إلى مزاج استرخائي وتتأمل في شيء طيب، وبعد ذلك قم بغمض عينيك وفتح فمك قليلا، ثم خذ نفسا عميقا وبطيئا، واملأ صدرك بالهواء حتى يرتفع البطن قليلا، وبعد ذلك أمسك على الهواء في الصدر لفترة قصيرة، ثم أخرج الهواء عن طريق الفم ويجب أن يكون بكل قوة وبكل بطء، فكرر هذا التمرين خمس مرات بمعدل مرة في الصباح ومرة في المساء.
وتوجد أيضا تمارين استرخاء العضلات، فابدأ بعضلات اليدين، واقبض على راحة يديك بقوة شديدة ثم بعد ذلك قم باسترخائها، وكرر هذا التمرين أيضا على يدك الأخرى، ثم بعد ذلك انتقل إلى عضلات البطن، وقم بقبض وشد عضلات البطن ثم بعد ذلك استرخائها وإطلاقها، ومع القبض والشد والاسترخاء تأمل أنك تقبض وتشد ثم تسترخي، فكرر هذا التمرين مع عضلات الرقبة والساقين والقدمين وهكذا، فهذه التمارين جيدة ومتميزة، وحبذا لو قمت بالتدرب على يد مختص لأن هذا سوف يكون الأنفع لك في مثل حالتك هذه.
وأرجو أن تكون حريصا على ممارسة التمارين الرياضية فهي إن شاء الله مفيدة جدا، وعليك أيضا بالاكثار من حضور النشاطات الطبية المختلفة حيث أنها من أحسن الوسائل السلوكية للتعريض لمصدر الخوف والتردد مع منع الاستجابة السلبية.
وسيكون من الجيد والمفيد لك أن تتناول أحد الأدوية المضادة للقلق والمخاوف والتردد، ومن أفضل هذه الأدوية العقار الذي يعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) أو (باكسيل Paxil)، حيث إنه من الأدوية السليمة وذات الفعالية العالية، فأرجو أن تبدأ في تناولة بجرعة عشرة مليجرامات (نصف حبة) ليلا لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى عشرين مليجراما (حبة كاملة) وتستمر على هذه الجرعة لمدة أربعة أشهر، ثم تخفضها إلى نصف حبة يوميا لمدة شهرين ثم تتوقف عن تناوله.
وأنا على ثقة تامة أنك سوف تكون على ما يرام بإذن الله تعالى، وأتمنى لك حياة اجتماعية ومهنية مشرقة.
وبالله التوفيق.