الخوف والأحلام المزعجة الناتجة عن كثرة التفكير في الموت

0 887

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري 17 عاما، أعاني منذ أربعة أشهر من أحلام غريبة في الليل، وتكون طويلة ومليئة بالأحداث الغريبة، وبعضها قد يكون من تفكيري والبعض الآخر لم أفكر فيه قط، وقد أصبحت هذه الأحلام تؤرق نومي حتى كرهت النوم، وعندما أستيقظ في الصباح أكون منزعجة من تلك الأحلام، ولكني أشعر بالسعادة لأني استيقظت وانتهى وقت النوم.

وهذه الحالة انتابتني بعد أن أصبت بحالة خوف من الموت بسبب حلم رأيته وفسرته لي صديقة بأنه الموت، وقد استفتيتكم في ذلك فشفيت من هذا الخوف بفضل الله ثم بفضلكم، ولكني ما زلت أعاني من تلك الأحلام المزعجة ومن التفكير الكثير بالموت وبحال الموتى، مما يصيبني بحالة خوف عندما أسمع بوفاة شخص، حتى لو كنت لا أعرفه، ولكنه سرعان ما يزول، فهل هذا مرض نفسي وبحاجة إلى علاج؟!

علما بأن أهلي يرفضون فكرة العلاج النفسي بحجة أني صغيرة، وقد عرضت عليهم استشارة طبيب نفسي ولكنهم رفضوا، فأرجو منكم المساعدة والنصح والإرشاد.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رغدة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الأحلام قد تكون لأسباب عديدة، ومن أهم هذه الأسباب هو ضعف الصحة النومية أو عدم تنظيم الإنسان لنومه بالصورة المطلوبة، وكذلك الإصابة بأمراض القلق أو الاكتئاب، وكذلك يصاب الأشخاص الذين يلجئون إلى التطير والاعتقادات الشائعة وسط بعض الناس فيما يخص الغيب والمجهول.

ونحن نقول: بأن الحلم من الشيطان والرؤيا من الرحمن، وعلى ضوء ذلك أود أن أوجه لك نصائح إرشادية عامة، وسوف تفيدك كثيرا إن شاء الله.

بالنسبة للخوف الذي ينتابك من التفكير في الموت وانشغالك بقضايا الموت وما يخص الموت والموتى، فأعتقد أن هذا جزء من الحالة القلقية التي تعيشين فيها، والمخاوف في كثير من الأحيان مرتبطة بالقلق أو هي جزء أصيل من القلق، والإنسان في عمرك حين يسمع عن الموت وعن الوفيات ربما يؤثر هذا عليك سلبا، ولكنك كمؤمنة لا شك أنك تعرفين أن الخوف من الموت يجب أن يكون دافعا وحافزا للإنسان أن يصلح عمله ويسأل الله تعالى أن يحسن خاتمته، والآجال بيد الله، والخوف من الموت لا يزيد ولا ينقص العمر ثانية واحدة، وعلى ضوء ذلك لماذا كل هذا الخوف؟!

فيجب أن تقنعي نفسك على هذا النمط وأن تعلمي أن كل شيء بقدر ولكل أجل كتاب، وهذا مصير محتوم على كل الخلائق، فقد قال تعالى: (( كل نفس ذائقة الموت ))[آل عمران:185]، وقال تعالى: (( وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت ))[لقمان:34]، فنحن أموات أبناء أموات (( منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى ))[طه:55]، لكن على المؤمن أن يعمل لآخرته وأن يكون متزودا بالخير، وكما قيل: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، واعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، ومن النصائح العامة والهامة التي ستكون مفيدة لك ما يلي:

أولا: أرجو أن تتجنبي النوم أثناء النهار تجنبا تاما.

ثانيا: لابد أن تكوني في حالة سكينة وراحة نفسية وفكرية وجسدية ساعتين على الأقل قبل النوم، بمعنى أن تهيئي لنفسك الظروف التي تؤدي إلى الطمأنينة الداخلية، فبعض الناس يجلسون أمام التلفزيون ويشاهدون الأفلام المزعجة والمرعبة والمخيفة، أو يكون هناك نوع من الضوضاء حولهم أثناء النوم، فإن هذا ليس أمرا جيدا ولا أمرا طيبا ويؤدي إلى الأحلام المزعجة والنوم المتقطع.

ثالثا: عليك أن تتجنبي تناول الأطعمة الدسمة في أثناء الليل، ولابد أن تتناولي وجبة طعام العشاء مبكرا ويجب أن تكون خفيفة.

رابعا: لابد أن تمارسي التمارين الرياضية خاصة بعد المغرب.

خامسا: كوني حريصة كل الحرص على أذكار النوم.

سادسا: إذا أتتك هذه الأحلام وكان الحلم حلما مزعجا واستيقظت وتذكرت ما في الحلم حاولي أن تغيري محتوى الحلم والجزء الأخير فيه إلى حدث سعيد، فإذا كان الحلم مخيفا أو مثيرا أو سبب لك إزعاجا فحاولي أن تستبدلي محتوى أو ما ورد في هذا الحلم بأفكار من عندك وتكون هذه الأفكار تحول وتبدل محتوى الحلم إلى محتويات طيبة وسعيدة ومطمئنة للنفس.

وسوف أصف لك دواء بسيطا والتي أرى أنها سوف تساعدك في هذه المخاوف وفي هذا القلق الذي في رأيي هو السبب الرئيسي والأساسي في هذه الأحلام. هذا الدواء يعرف تجاريا باسم (فافرين Faverin) ويعرف علميا باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، فأرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا بعد الأكل، واستمري عليها لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى مائة مليجرام واستمري عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى خمسين مليجراما ليلا واستمري عليها لمدة شهرين، وتكون المدة الكلية للعلاج هي ستة أشهر، علما بأن هذا الدواء دواء بسيط وسليم ويناسب عمرك جدا، وهو ليس دواء إدمانيا ولا يسبب أي آثار سلبية ولا يؤثر مطلقا على الهرمونات النسوية.

وعليك أن تجري نوعا من النقاش ومن الحوار مع أسرتك، ولا مانع أن تعرضي عليهم هذه الإجابة وهذه النصيحة التي أسديتها لك، وكوني دائما حريصة على صلواتك وأذكارك والأدعية، وكوني حريصة على تلاوة القرآن؛ لأن كل هذه إن شاء الله تبعث على الطمأنينة، وحاولي أن تطبقي ما ورد في السنة فيما يخص الأحلام، وسلي الله دائما خيرا وأن يبعد عنك سوءها، ولا تحكي الحلم لأحد فإنها لن تؤذيك، واتفلي ثلاث مرات على يسارك حين تأتيك هذه الأحلام وقمت مفزوعة منها، واستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، ولو قمت فتوضأت وصليت ركعتين فذلك حسن.

وتطبيقك لهذه الإرشادات وتناولك للدواء الذي ذكرته لك سوف تقل هذه الأحلام وسوف تنتهي بإذن الله تعالى، فأنت لست مريضة، وهذه مجرد ظاهرة بسيطة، وهي نوع من القلق وليس أكثر من ذلك، ونصيحتي الأخيرة لك أن تعبري عما في نفسك، فلا تكتمي ما بداخلك؛ لأن التعبير والتفريغ النفسي يعتبر من الأشياء الجيدة والتي تقلل من هذه الأحلام؛ لأن البعض يعتبر هذه الأحلام هي أفكار أو أمنيات أو احتقانات نفسية داخلية لم يعبر عنها في الوعي ولذا تأتي في شكل أحلام وهي في الأصل تكون مخزونة في اللاوعي، فعبري عن نفسك ولا تكوني حساسة حول الأمور.

وأرجو أن تركزي على دراستك، ولابد أن تتميزي في الدراسة لأن هذا يقوي من شخصيتك، واجعلي لك حضورا وسط زملائك، والنجاح دائما جميل والنجاح يزود الإنسان بالمهارات الحياتية التي يحتاج إليها.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على العلاج السلوكي للكوابيس في الاستشارات التالية: (2744-274373-277975)، والرقية الشرعية: (237993- 236492-247326).

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات