الشخصية الشكاكة والظنانية .. الإسقاط النفسي

0 628

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب في ال(20) من عمري مشكتلي هي أني حساس جدا وكثير الشكوك في من حولي! فإذا رأيت اثنين يتحدثون مع بعض أغار وتتغير تعابير وجهي وأقول في نفسي لماذا لا أكون أنا واحدا من الاثنين؟

وفي نفس الوقت أشك أنهم يتكلمون عني، وأحس أيضا أن الناس كلهم يكرهونني وأن الأشخاص الذين أعرفهم لا يستلطفوني، فأنا دائما في معاناة نفسية وأحس بالإخفاق في كل شيء حتى قبل أن أقدم على فعل أو تجربة.

فأرجو منكم جزاكم الله خيرا أن تجدوا حلا لمشكلتي ومساعدتي لتخطي هذه الأزمة.

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد:

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب وثقتك فيما تقدمه.

فإن هذه الحالة الظنانية والشكوكية التي تنتابك نسميها بالإسقاط النفسي، وهي تشخص تحت اضطرابات الشخصية، وهذه الأعراض التي تظهر عليك هي من سمات ما يعرف بالشخصية الظنانية أو الشخصية البارونية، ولا شك أن الإنسان حينما يكون منشغلا لهذه الدرجة أن الآخرين يتحدثون عنه ودائما تكون لديه هذه الإشارات الفكرية متسلطة عليه، لاشك أن ذلك سوف يشغله ويؤدي إلى شعور بالإحباط ويؤدي إلى شعور بعدم الفعالية.

الذي أنصحك به هو أن تسعى لأن تحسن الظن بالناس، فلابد أن تحسن الظن بالناس؛ لأن الله أمرك بذلك: (( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ))[الحجرات:12]، ولابد أن تنزل الناس منازلهم، ولابد أن تحقر هذه الفكرة، فكرة أن الآخرين يكرهونك، وحاول أن تضع خيارات أخرى حين يأتيك مثل هذا التفكير، فقل: (هذا الشخص ربما أكون ظلمته، هذا الشخص لا يتحدث عني، وليس هنالك ما يدعوه للانشغال بي، فلماذا أنا أنشغل به) أو قل: (إن هذا الشخص حتى لو تحدث عني فيجب أن أثق تماما أنه يذكرني بخير).

فلابد أن تجري مع نفسك هذه الحوارات، التي نسميها: التواصل الإيجابي مع الذات من أجل التشبع والتكيف للحقيقة.. هذا هو الأمر الضروري جدا.

بجانب هذا التغيير الفكري المعرفي لابد أن تتخذ خطوات عملية بأن تصاحب وترافق الأبرار والخيرين من الناس، وكن مواظبا على الصلاة مع الجماعة، وسوف تجد - إن شاء الله تعالى – الشباب الذين تثق بهم، الشباب الخيرين، وحاول أن تجري معهم حوارات وأن تتواصل معهم اجتماعيا.

هنالك دراسة تشير أن الانضمام إلى الجمعيات والتجمعات الشبابية والالتحاق بالأعمال التطوعية – أعمال البر والإحسان – تبني في الإنسان ثقة في نفسه ويكون أكثر ثقة بالآخرين. فأرجو أن تقدم على ذلك.

بالنسبة لشعورك بالإخفاق في كل شيء، هذا شعور، وهو شعور ليس حقيقيا، فيجب أن تخاطب نفسك على هذا الأساس، حقر هذا الشعور، وفي نفس الوقت يجب أن تدير وقتك بصورة صحيحة، فضع برنامجا يوميا وأصر على تنفيذ هذا البرنامج بكل دقة، مثلا: ابدأ يومك بصلاة الفجر ثم بعد ذلك بالطبع تذهب إلى الدراسة، ثم تأتي وتأخذ قسطا من الراحة، ثم تراجع ما درسته، ولا مانع بعد ذلك أن تروح عن نفسك بما هو مشروع، وتتواصل اجتماعيا، وتمارس شيئا من الرياضة.

الشعور بالإخفاق يأتي لأن الإنسان غير فعال، ولا يستفيد من وقته، وليس له هدف في حياته، فأنت شاب والشباب هو وقت فورة القدرة والقوة والإمكانات النفسية والجسدية، فهذا يجب أن يدعوك إلى التفكير الإيجابي والاستفادة من هذه الفترة العمرية، فأنت مطالب بأن تتميز على مستوى الدراسة والمستوى الأكاديمي وأن تتحصل على شهادة متفوقة، فنحن نعيش في عالم فيه الكثير من التنافس، فلماذا تحس أنت بالإخفاق؟ اسع وطبق وسوف ينتهي هذا الشعور.

يأتي بعد ذلك أن أصف لك أحد الأدوية التي أراها أنها مفيدة والفعالة جدا، وإن شاء الله تساعد على القضاء على هذه المشاعر السالبة خاصة مشاعرك حيال الآخرين والتي تتسم بالظنان وسوء التأويل. هذا الدواء يعرف باسم (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علميا باسم (رزبريادون Risperidone)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة واحد مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى اثنين مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى واحد مليجرام ليلا لمدة ستة أشهر.

هذه الجرعة هي جرعة بسيطة، وهذا الدواء من الأدوية الجيدة والفعالة، والتي سوف تفيدك كثيرا - إن شاء الله تعالى – وبالطبع لابد أن تتطبع الإرشادات السابقة، وأن تحسن الظن، وأن تحسن التأويل، وأن تسأل الله تعالى أن يحفظك من كل شر، وأن تكون فعالا وعالي الهمة.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع موقعك إسلام ويب وثقتك فيما يقدمه.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات