السؤال
السلام عليكم
أنا طالبة جامعية ملتزمة ومتدينة ولله الحمد، وقد تمت خطبتي منذ سنة لشاب أحسبه على خير، وبيننا عقد شرعي ومدني، ويعمل في مكان بعيد عني بخمسمائة كم، ونتحدث عبر الهاتف كزوج وزوجة بما يرضي الله، وأحيانا يصادفنا أثناء حديثنا اختلاف في الفهم لكل واحد بما يقصده الآخر، مما يتسبب لنا في بعض المشاكل التافهة، وأحيانا أفوت هذه الأمور لكنه لا يفعل ذلك.
وقد ذهبت مع أمي يوم الأربعاء عند أحد بائعي المستلزمات الخاصة بالعرائس، وأصحاب ذلك المكان أناس متدينون ومحترمون، الأمر الذي يجعلني أتردد باقتناء حاجياتي من عندهم، وعندما ذهبنا لنشتري قال لي صاحب المحل أنهم يحتاجون في المحل من تتولى أمر بيع المستلزمات الخاصة بالتجميل، وتكون محترمة وملتزمة ومتدينة، ولأنك زبونة عندنا فقد وجدنا فيك هذه الصفات، فقلت له سأسأل زوجي، وعندما سألته كانت ردة فعله عنيفة، وقال لي: كيف تعمل زوجتي في حانوت؟ وكيف يتحدث معك هذا الشخص؟ وأحسست من طريقة كلامه أنه لا يثق في أمي، فسايرته بكل هدوء وقلت له: لن يكون إلا ما تريد فلا تنفعل، فقام بفصل الخط ولم يتحدث معي يوما كاملا، ثم اتصل بعد أن أرسلت له رسالة نصية أعتذر فيها وأني لم أقصد أي شيء.
وعندما أتصل قال أنه سوف يأتي هذا الأسبوع وسيتحدث إليه كيف يسمح لنفسه أن يحادثني، فقلت لا بأس، فقال لي أني أخطأت وسوف أدفع الثمن، فغضبت ورفعت صوتي وقلت: لا تحملني ذنبا لم أرتكبه وتقصد من كلامك أنك لا تثق بي ولا تعرف أخلاقي ولا تأمنني، فقال: لا أريد أن أفهم في هذا الأمر وفصل الخط ولم يسمعني، رغم أني دائما أسمعه للأخير وأسكت كلما رأيته منفعلا.
وأرسل لي بعدها رسالة أن طريقة كلامي لم تعجبه، وأن لا أتحدث معه هذه الأيام، فرددت عليه أني لن أتحدث معك ما دام الأمر قد كبرته وألحقته بهذا الحد رغم تفاهته، ثم أقفلت هاتفي، فكيف سأتصرف معه؟ وهل أخطأت عند سؤالي له؟! أعطوني الحل بما يرضي الله.
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فضيلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وأن يثبتك على الحق، وأن يزيدك هدى وتقى وصلاحا واستقامة، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يجمع بينكما على خير، وأن يذهب عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يصرف عنكم سوء الفهم أو الشك أو الظن.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن مرحلة العقد أو الخطبة تتسم بالغيرة الشديدة الزائدة من قبل الطرفين على بعضهما البعض، فنجد أن الرجل غيرته مضاعفة على زوجته أو خطيبته في تلك الفترة ويحرص على أن يعرف عنها كل صغيرة وكبيرة، بل وقد يضيق عليها ويزعجها بهذه الغيرة الزائدة المفرطة، وكذلك قد تشعر الفتاة بغيرة شديدة على زوجها، فإن تكلم مع غيرها ولاحظت أي ميل حتى وإن كان أحيانا إلى بعض أرحامه أو أقاربه فإنها تثور وتشعر بنوع من الغيرة الشديدة تجاه هذا الأمر.
فهذه طبيعة مرحلة الخطبة والعقد، ولكن بعد أن يتم الزواج وتستقر الأمور ويحدث هناك الوئام الجسدي والروحي فإن هذه الحدة تخف مع الأيام، ولذلك أطمئنك أنها مرحلة وسوف تزول بإذن الله تعالى.
وأما فيما يتعلق بالمشكلة التي ذكرتها فهي أمر بسيط، وكان الأولى بزوجك أن يحمد لك هذا الصنيع على أنك أخبرته بالأمر ولم تقطعي في المسألة ولم تتخذي قرارا دون الرجوع إليه، ولكن يبدو أن زوجك من النوع الغيور غيرة شديدة، وهذه الغيرة جعلته لا ينظر في عواقب الأمور ولا يقدر الموقف الذي وقفته ولا يقدر أيضا حرصك على استئذانه في هذه المسألة وعدم أخذ قرار إلا بعد الرجوع إليه، وعند عودته إليك وجلوسكما معا سوف تحل هذه المشكلة إن شاء الله.
وأما ما يتعلق بإغلاق الخط فهذه ردود أفعال نتيجة هذا الموقف، فالموقف الذي حدث ترك أثره على زوجك فجعله يتصرف هذا التصرف، وبعد الاعتذار ومحاولة إرضائه وعدم استجابته لك سلكت نفس مسلكه وأغلقت الخط، ولذلك أتمنى أن تفتحي الخط ولا تستخدمي هذا الأسلوب معه مرة أخرى، وأن تكوني صبورة حليمة واسعة الصدر عظيمة الحلم؛ لأن مجرد الالتزام فقط ومجرد التدين مع وجود الثورة ومع عدم وجود الحلم في المرأة المسلمة يجعل هذا الإسلام ناقصا أو مبتورا؛ لأن الحياة الزوجية مليئة بالصعاب التي تحتاج للصبر، والمرأة المؤمنة مطالبة أن تحتوي زوجها وتحرص على إرضائه وإسعاده ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، لأنها بذلك تحفر في قبره حفرة تملؤها بالحب والوفاء والإخلاص والصدق.
فافتحي الخط مرة أخرى واعتذري له عن هذا التصرف الذي حدث منك واقبلي منه عتابه لك، ولا مانع من إدخال والدك أو أحد الصالحين في الموضوع حتى تحل الأمور بأقل قدر ممكن من الخسائر؛ لأنه قد يذهب إلى هذا الرجل ويتكلم معه والرجل لم يخطئ، فإن الرجل عندما رآك على طاعة واستقامة وهو يحب أن تعمل عنده أخت بهذه المواصفات عرض عليك أن تعملي على اعتبار أنك من الزبائن الذين يترددون على المحل، فالرجل عندما عرض عليك لم يخطئ، وأنت عندما عرض عليك لم تستجيبي فورا، وإنما تركت الأمر لزوجك أن يأخذ هو القرار.
وفعله لا يدل على أنه لا يثق بك، وإنما كل ما في الأمر أن فكره منصب على فكرة أنه كيف أن هذا الرجل تكلم معك وكيف تجرأ أن يتكلم معك، فأتمنى أن توسعي صدرك وأن تستقبلي كلامه استقبالا حسنا، وأن لا تثوري كما ثار هو، وأن لا تخطئي كما يخطئ، وإنما دعيه حتى يفرغ هذه الشحنة السلبية التي في قلبه، ولا تقاطعيه مطلقا حتى ينتهي، ثم بعد ذلك ناقشيه بعقلانية وواقعية، وأنا واثق أنكم - إن شاء الله - سوف توفقون لتجاوز هذه العقبة وكل العقبات - بإذن الله تعالى - وأتمنى أن تقرئي كتاب: (ويبقى الحب ما بقي الحوار)، وهو كتاب يباع في مكتبة جرير، وهو كتاب ثقافي تربوي قد ينفعكم الله به.
وبالله التوفيق.