السؤال
لدي مشكلة في الثقة بالنفس، حيث لا أرفض شيئا لأحد لكي لا أجرح مشاعرهم، وإذا طلب أحد مني أمرا ما؛ فإني أقوم به خجلا، حتى وإن لم أكن راغبا فيه، وبالإضافة إلى ذلك فإنني أشعر بتردد في اتخاذ القرارات، ويقال لي دائما بأن صوتي منخفض، وعندما أتوتر يحصل لدي سرعة كبيرة في نبضات القلب.
كما أعاني من الكسل والخمول، وقلة النوم، وكثرة التفكير، وعدم التركيز، والنسيان المتكرر، بالإضافة إلى أني أمارس العادة السرية بشكل كبير، فما نصيحتكم؟
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أمير حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن ما ورد في رسالتك يشير إلى أنك تعاني من قلق عام ومن مخاوف تحمل الطابع الاجتماعي، وهذا أعطاك الشعور بعدم الفعالية وأن ثقتك في نفسك قليلة، وأنك ضعيف الشخصية، وكلها مشاعر سلبية أطبقت عليك وجعلتك تعيش هذه الحالة من الخمول وفقدان الفعالية.
ولا شك أن كثرة التفكير وعدم التركيز والنسيان المتكرر هي من القلق، وإن كنت أعتقد أن العادة السرية قد ساهمت أيضا مساهمة كبيرة في هذه الانطوائية وعدم الفعالية وقلة التركيز والشعور بالخمول وفقدان الطاقات.
ولا شك أنك تعلم أن العادة السرية مضرة وقد ذكرنا لك أضرارها الصحية النفسية، ونود أن نضيف أنها أيضا تؤدي إلى اضطرابات جنسية مستقبلية، وهذا أمر مثبت، ونرجو أن تكون حذرا وأن تتخذ قرارك وأن تتوقف عن ممارسة هذه العادة، وهناك أمر لا بد أن أوضحه لك بصورة جلية، وهو أن المساوئ للعادة السرية والأفكار والإثارات الجنسية المرتبطة بها تجعل الإنسان يحتقن داخليا وتزيد من انطوائيته على نفسه، ولا شك أن الأعراض الجنسية القبيحة المرتبطة بالعادة السرية فيها إهانة كبيرة للنفس وللذات، فيجب أن تتخذ قرارك في التوقف عن هذه العادة السيئة القبيحة.
والحل يكمن في توقفك عن هذه العادة والشروع في الزواج، فقد بلغت من العمر سبعة وعشرين عاما، وأنت رجل معلم وهذه مهنة نبيلة وقيمة، فيجب أن لا تربطها بهذه الممارسات، فعليك بالزواج وعليك أن تحفظ نفسك من خلال ما هو مشروع، وأن تمارس ما هو مقبول.
ومن المهم أن تصحح مفاهيمك حول نفسك، فأنت تعمل معلما وقد بلغت هذه المرحلة فلا شك أن هذا من خلال مثابرتك وجهدك فلماذا تقيم نفسك هذا التقييم السلبي، فأنت مطالب أن تعيد تقييم نفسك وأن تنظر إلى الجوانب الإيجابية وتحاول أن تقويها وأن تدعمها وتشد من أزرها، فهذا يجعلك إن شاء الله تعالى أكثر ثقة في نفسك.
وعليك أيضا بأن ترفع من همتك بأن يكون لك حضورك وأن يكون لك وجودك، وليس هناك ما يدعوك أن تكون مقودا للآخرين، هذا يجب أن تحقرها ويجب ألا تتبعها ويجب أن تستبدلها بما هو مضاد، فانظر لهؤلاء الذين أعطاهم الله تعالى القدرة على أن يقودوا الأمم وعلى أن يقودوا الشعوب وعلى أن يكونوا فاعلين، أنت لا تقل عنهم بأي شيء، فقط هم لديهم الدافعية ولديهم القوة ولديهم الإصرار ولديهم إرادة التحسن وإرادة أن يكون لهم حضورهم وأن يكون لهم وجود، فعليك أن تقوم بذلك.
وسيكون من المفيد لك أن تنضم إلى أحد جمعيات البر والإحسان والجمعيات التي تعمل في المجال الخيري والجمعيات الشبابية، من خلال هذه الجمعيات يظهر الإنسان نفسه وشخصيته وقدراته، ويشعر بالرضا الداخلي وهذا يؤدي إلى التحفيز ويؤدي إلى المزيد من الثقة بالنفس.
ومفهوم الثقة بالنفس أصلا هو مفهوم كبير، وهو يعني أشياء مختلفة بالنسبة لمختلف الناس، فالإنسان حين يظن أنه ضعيف الثقة في نفسه سوف يكون ضعيف الثقة في نفسه، والإنسان الذي يعتقد ويصر ويطبق ما هو إيجابي سوف يجد أن ثقته في نفسه قوية وممتازة.
ولا شك أن التسارع في ضربات القلب وهذا الخجل وانخفاض الصوت الذي ذكرته كله ناتج عن الخوف والقلق الذي يحمل الطابع الاجتماعي، فعليك أن تصحح هذه المفاهيم بأن تكون مقتحما للمواقف الاجتماعية وبأن تكون مشاركا، دائما كن في صلاة الجماعة في الصف الأول،حاول أن تحضر مواضيع مفيدة، اقرأ واطلع وزد من معارفك، وحين تقابل الآخرين أطرح عليهم أفكارك وتواصل معهم من خلال الحوار، والصوت يجب أن يكون قويا ويمكنك أن تقوم باستعمال جهاز التسجيل وتسجيل بعض المواضيع وقم بعد ذلك بالاستماع إلى نفسك، وحاول أن تقرأ القرآن بصوت مرتفع، وأن تخرج الحروف من مخارجها الصحيحة، هذا أيضا يحسن من صوتك، وطور من مهاراتك الاجتماعية بأن تنظر إلى الناس في وجوههم وأن تتبسم في وجوههم حين تحييهم، ففي هذا خير وبركة وأجر إن شاء الله ومفيد للصحة النفسية أيضا.
ويبقى بعد ذلك أن أنصحك بأن تمارس الرياضة؛ لأن الرياضة تزيل الكسل والخمول وتحسن من الطاقات الجسدية لدى الإنسان، فنظم أيضا وقتا لراحتك ووقتا لنومك وتجنب النوم النهاري بقدر المستطاع، ولا مانع من القيلولة الشرعية، لكن يجب أن لا تزيد عن نصف ساعة إلى خمس وأربعين دقيقة.
وأود أن أصف لك دواء سوف يساعدك كثيرا في التخلص من هذه الأعراض خاصة إذا طبقته مع الإرشادات السلوكية السابقة، وهذا الدواء الذي أود أن تتناوله يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، فأرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراما ليلا ساعتين قبل النوم - ويفضل تناوله بعد الأكل - استمر على هذه الجرعة (حبة واحدة) لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة تناولها ليلا لمدة ثلاثة أشهر أيضا، ثم توقف عن تناوله.
وهذا الدواء من الأدوية الفعالة والممتازة، وسوف يزيل عنك إن شاء الله هذا الخوف وهذا القلق وهذا الاضطراب خاصة بعد أن تتوقف عن العادة السرية.
وأما قلة النوم فإن الدواء سوف يساعدك ولكن عليك أن تمارس الرياضة، وعليك أن تتجنب النوم النهاري، وعليك أن تثبت الوقت الذي تذهب فيه إلى الفراش ليلا، وكن هادئا نفسيا ووجدانيا وعاطفيا قبل أن تذهب إلى الفراش، وكن حريصا على أذكار النوم، وحبذا لو نمت على وضوء وصليت ركعتين قبل النوم.
ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على العلاج السلوكي لقلة الثقة النفس في الاستشارات التالية: (265851-259418-269678-254892)، والنسيان: (269001-269270).
نسأل الله لك العافية والشفاء، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.