السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
تقدم لي شاب من عائلة ميسورة الحال، ولديه شقة وسيارة وأكثر من قطعة أرض، ويعمل مقاولا مع أبيه، وقد جلست معه وتحدثنا حول المستقبل وطموحه، فعرفت أنه يدخن منذ خمس سنوات، وغير منتظم في الصلاة، ولكنه لديه استعداد للتغيير، ولكن الكلام في هذه الأمور سهل والفعل صعب.
علما بأن أخلاقه جيدة، وهو أصغر مني بسنة، ونحن عائلة متدينة وميسورة الحال، وقد استخرت الله عز وجل فظهرت صفات لا أحب أن تكون موجودة في الشاب الذي أود الارتباط به، وقد وافق أبي عليه ولكن أمي ترفضه بحجة أن هناك شابا حافظا للقرآن قد تقدم لي، وتقول: إنني سوف أعيش مع الأخلاق وليس مع المال، وقد تم رفض الشاب الحافظ مرتين نظرا لظروفه المادية الصعبة، حيث أمامه ثلاث سنوات حتى يتجهز للزواج، فأيهما أختار؟!
وجزيتم خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إيمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك وأن يثبتك على الحق، وأن يكثر من أمثالك وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يسعدك في الدنيا ويأخذ بيدك إلى رضوان الله والجنة.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنك بالفعل ستعيشين مع الأخلاق وليس مع المال، والمال يذهب ويجيء، ولكن الأخلاق هي الكنز الذي لا ينضب، والمعين الذي لا ينتهي، ولكن أيضا لا يكفي مجرد القرآن وحده في ظل الظروف الصعبة، ثم إنه يصعب الانتظار ثلاث سنوات خاصة في ظل وجود الفتن العظيمة.
وإذا نظرنا في حال الأخ الحافظ للقرآن فيبدو أنه غير مناسب، لطول المدة التي سيتم بعدها الزواج، فإن جاءك من هو أفضل منه فلا تتعطلي بسببه، وإن جاءه من تقبل ظروفه فليبارك الله له، وأما الانتظار ثلاث سنوات فهذا أمر صعب.
وإذا نظرنا في حال الأخ الأول فإنه سيكون مناسبا إذا كان عنده الاستعداد للتغيير، فليبدأ التغيير قبل القبول حتى نتأكد من أنه صادق وليس مجرد كلام، فإذا كان جادا صادقا فليترك التدخين، وإذا تركه فمعنى ذلك أنه قادر على قهر أي مشكلة وعلى تخطي أي عقبة وأنه رجل صادق فعلا، وعليه أن يحافظ على الصلاة في أوقاتها، فإذا فعل ذلك وكانت أخلاقه جيدة فإنه يكون قد جمع مقومات النجاح، فهو رجل صاحب دين وصاحب أخلاق - وهاتان صفتان شرعيتان - وأيضا من الله عليه بتيسير الحال وهذه ضرورة النفقة المطلوبة؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (من استطاع منكم الباءة فليتزوج)، والباءة هي القدرة المالية على الإنفاق وإقامة الحياة الزوجية بجوار القدرة البدنية.
وأؤكد عليك أن لا تقبلي إلا بعد حدوث التغيير حقيقة، وأتمنى أن تركزي أن يكون التغيير لله سبحانه وتعالى، وكوني صادقة صريحة معه واتركي الأمر لله، فإذا كان من نصيبك فثقي وتأكدي أنه سيصلح حاله وسوف يأتيك؛ لأن الله تبارك وتعالى قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ومن هذه الأرزاق والمقادير الزواج، وقد جعل الله عز وجل لكل امرأة حظها من الرجال رجل معين، وجعل لكل رجل حظه من النساء امرأة معينة.
فنحن ندخل السوق أمامنا ملايين البضائع، ولكننا نشتري بضاعة معينة؛ لأن هذه هي رزقنا الذي قدره الله لنا قبل خلق السموات والأرض، فما علينا إلا أن نأخذ بالأسباب.
وليست السعادة في كثرة المال، وإنما السعيد هو التقي، فإذا كانت أخلاقه طيبة في العمل ومع العمال والمهندسين فهذا شيء حسن، وعليكم أن تسألوا عنه جيدا لأن غالب أموال المقاولين يدخلها دخن نتيجة بعض التجاوزات كالتقليل أو التنقيص من المواد الخام كالأسمنت أو الحديد أو غيره لأجل أن يوفروا بعض العمال وبعض المال، فإذا كان هو مقاول صادق يخاف الله ويتقيه بجانب حسن خلقه وعبادته وتركه للتدخين فاقبلي به، نسأل الله أن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.
وبالله التوفيق.