السؤال
السلام عليكم
عانيت من أعراض نفسية مختلفة، فصرت أجلس في المنزل كثيرا، وإذا خرجت فإنني أخرج للأماكن التي لا يتواجد فيها الناس، وصرت أخاف من حضور الحفلات، وإذا حضرت فإن قلبي يخفق بسرعة ويرتعش جسدي، ومن الأعراض كذلك اضطراب خانق في النوم والنسيان والشرود وعدم التركيز.
وقد زرت طبيب المسالك البولية بعد معاناة من انسداد البول فحولني إلى طبيب نفسي بعد أن أخبرته بما أحس به، وقال لي أنك تعاني من اكتئاب، ووصف لي دواء (أنفرانيل 25) ثلاث حبات في اليوم، فتحسنت حالتي رغم الاندفاعية الزائدة والثرثرة والهيجان الذي سببه لي الدواء، ثم أتلفت الورقة وتوقفت عن العلاج.
وبعد أربعة أشهر ذهبت لطبيب آخر فوصف لي دواء أرخص من الأنفرانيل، فأحسست أن حالتي تدهورت فطلبت منه أن يصف لي الأنفرانيل رغم أنه يزيد من ارتعاشتي ويسبب لي الهيجان، وأتناول الأنفرانيل منذ شهر، فهل أستمر عليه رغم الهيجان وكثرة الكلام والضحك بلا مبرر أم أغيره؟!
علما بأن الطبيب الذي يعالجني لا ينصت لي، ويسمي نفسه طبيب أعصاب وآلام الرأس، فهل أغيره بالطبيب النفسي التابع للحكومة الذي كنت أتعالج عنده؟!
وشكرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يونس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن رسالتك قد احتوت على أمر هام، وهو الناحية التشخيصية فيما يخص حالتك النفسية، وسوف أوضح لك هذا الأمر بصورة جلية؛ لأنه في نظري هام جدا وهو خطأ يحدث كثيرا في العلاج النفسي الخطأ، وربما يكون غير مقصود، ولكن لابد من اتخاذ محاذير معينة.
فإن حالتك لم تبدأ باكتئاب في نظري وإنما بنوع من الخوف والرهاب يسمى برهاب الساح أو رهاب الساحة، وهو الخوف من الخروج من المنزل؛ لأن الإنسان قد يفتقد أمان المنزل وإذا خرج إلى الأماكن المزدحمة أو اختلط مع الآخرين يحس بالخوف والرهبة والتي تظهر في شكل خفقان وعدم شعور بالارتياح.
وبعد ذلك حدث لك عسر بسيط في المزاج، وبعد قيامك بتناول الأنفرانيل انتهت الأعراض وظهرت عليك أعراض جديدة وهي أعراض هامة في نظري، وهذه هي النقطة التي أود أن أركز عليها، فالأعراض التي ظهرت عليك من ارتعاش وهيجان وكثرة الكلام وتطاير في الأفكار وانشراح غير مبرر... هذه حالة تشخيصية تعرف بحالة الهوس، وفي نظري الذي حدث لك أنك في الأصل تعاني مما يعرف بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، بمعنى أنه يوجد قطب أول هو قطب الخوف والاكتئاب، والقطب الثاني هو الانشراح وهذا القطب هو القطب الهوسي.
والذي دفعك لظهور أعراض هذا القطب (القطب الانشراحي والهوس) هو الدواء المضاد للاكتئاب، بمعنى أن المرض كان مرضا كامنا ومتخفيا ولكن تناولك لأدوية الاكتئاب أخرجك من حالة الخوف والاكتئاب وأدخلك في حالة الهوس، وهذا يجعل تشخيص حالتك هو ما يعرف بالاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، وهذه الحالات لا تعالج بالأدوية المضادة للاكتئاب، إنما تعالج بتناول الأدوية المثبتة للمزاج.
وهناك ثلاث أو أربعة مثبتة للمزاج منها عقار يعرف علميا باسم (ليثيم Lithium)، وعقار يسمى تجاريا باسم (دبكين كورونو Depakine chorono) ويعرف علميا باسم (فالبرك اسد Valopric acid)، وهنالك عقار يعرف تجاريا باسم (زبراكسا Zyprexa) ويعرف علميا باسم (اولانزبين Olanzapine)، وهنالك عقار يعرف تجاريا باسم (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علميا باسم (رزبريادون Risperidone)، وهنالك أيضا دواء يعرف تجاريا باسم تجراتول Tegretol) ويسمى علميا باسم (كاربامزبين Carbamazepine).
وأعتقد أن الدواء الأفضل بالنسبة لك هو عقار تجراتول، ويتميز بأنه أرخص وغير مكلف وفعال، فالذي أرجوه هو أن لا تتناول التفرانيل، إنما تتناول هذا الدواء (تجراتول)، تبدأ بجرعة مائتي مليجرام ليلا لمدة أسبوع، ثم ترفع الجرعة إلى مائتي مليجرام صباحا ومائتي مليجرام مساءا، وتستمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك تتواصل معنا، حيث يمكن أن نزيد أو نخفض الجرعة حسب ما هو مطلوب.
وهذا الدواء من الأدوية السليمة، وهو في الأصل يستعمل لعلاج الصرع – أرجو أن لا تنزعج لهذه النقطة – ولكنه وجد أنه من أفضل مثبتات المزاج، وهذه فعالية ثانوية، ولكنها حلت كثير من مشاكل الأشخاص الذين يعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية.
كما ذكرت لك الدواء سليم وليس إدماني، فقط يتطلب أن تفحص الدم الأبيض عند بداية العلاج، وكذلك بعد مضي ثلاثة أشهر؛ لأن في حوالي واحد في الألف من الناس ربما يؤدي الدواء إلى خفض بسيط في كرويات الدم البيضاء، وإذا حدث هذا وانخفضت كرويات الدم البيضاء وأصبحت أقل من ثلاثة آلاف هنا يجب أن يتم إيقاف الدواء، فهذا هو العلاج الجيد وهذا هو العلاج الصحيح بالنسبة لحالتك.
وهناك بعض الأطباء يضيف عقار مضاد للاكتئاب، ولكني لست من أنصار هذا المبدأ؛ لأنني أخاف أن تستمر معك حالة الهيجان وحالة ارتفاع المزاج، نسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.