الإحساس الدائم بالوحدة والحزن والفشل والرغبة في الموت.. التشخيص والعلاج

1 620

السؤال

أنا دائما أشعر أني وحيدة، وعندي صعوبة في علاقاتي الاجتماعية، وأشعر بالحزن دائما أني فشلت في كل شيء في حياتي، وليس لي داع في هذه الحياة، والجديد أني حاليا أفكر في الموت بشكل مستمر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Intissare حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزاك الله خيرا وبارك الله فيك..
فقد بدأت تحسين بأنك وحيدة وأن لديك صعوبات في علاقاتك الاجتماعية..
التحقق من مثل هذه الأعراض هو البداية الصحيحة للعلاج؛ لأن كثيرا من الناس يقيمون أنفسهم تقييما خاطئا، أو تجدين الواحد يقسو على نفسه كثيرا، فأنت حين تقولين إنه لديك صعوبة في علاقاتك الاجتماعية فلابد من أن نفكر هل هذه الصعوبات هي ناتجة من طرفك أنت أو من الآخرين، أو أن السبب مشترك ومتداخل؟
ومتى بدأت هذه العلاقة في أن تضعف ويكون لديك عدم المقدرة في بناء علاقات اجتماعية سوية؟
أكثر الأشخاص الذين يعانون من الصعوبة في علاقاتهم الاجتماعية هم الذين لديهم مشاكل في البناء النفسي لشخصياتهم.
هنالك عدة أنواع من الشخصيات توصف لدى الأطباء النفسيين: الشخصية الغير مرنة، والشخصية الظنانية، أو الشخصية التي تميل إلى الإسقاط وتحمل الآخرين مسئوليات الإخفاق، وكذلك ما يعرف بالشخصية المضادة للمجتمع، ونوع آخر من الشخصية يعرف بالشخصية الحدية.. هذه الأنواع من الشخصيات من أهم ما يميزهم هو الصعوبة في بناء علاقات اجتماعية، أو حتى بناء هذه العلاقات فإنهم لا يستطيعون الاستمرار فيها لمدة طويلة.
أنت لديك جوانب أخرى من الأعراض، وهي الشعور بالحزن والشعور بالفشل، وعبرت أيضا عن أن الحياة لا تعني بالنسبة لك أي شيء.

هذه الأعراض إذا أخذناها بهذه الصيغة التي وردت بها وكانت أعراض مستمرة ومطبقة هذا يجعلنا نقول أنك تعانين من اكتئاب نفسي، وإن كنت لا أميل إلى تشخيص الاكتئاب النفسي في مثل عمرك، ولكني حقيقة أحترم ما أوردته في رسالتك وسوف أتعامل مع حالتك أنها حالة اكتئاب نفسي مع احتمال أن يكون لديك صعوبات في البناء النفسي لشخصيتك.

أولى خطوات العلاج - كما ذكرت لك – هو أن نضع التشخيص الصحيح، وأن تعيدي تقييم نفسك، انظري هل هذا التقييم هو تقييم صحيح، هل تكونين قد لجأت إلى أي نوع من التهويل أو التهوين في تقييم الأعراض؟ ومن ثم انظري في طبيعة هذه الصعوبات، ومع من تكون هذه الصعوبات في العلاقات: هل هي مع أهل بيتك؟ هل هي مع أخواتك وصديقاتك؟ هل هي مع الناس في محيط العمل أو في الحياة عامة؟

ومن خلال ذلك تستطيعين أن تصححي مسارك، بأن تبني فكرا جديدا يقوم على أصل كيان اجتماعي، فلماذا لا أكون أنا لدي علاقات اجتماعية سوية، وتبدئين بتكوين بعض الصداقات البسيطة مع قلة قليلة ممن تثقين فيهم من الفتيات، ويا حبذا لو بدأت هذه العلاقة مع أهل الدين والصلاح والتقوى؛ لأن المساندة من طرفهم سوف تكون مساندة جادة واستبصارية، وتقدم لك الدعم الاجتماعي الذي يشعرك بالطمأنينة والأمان، وبعد ذلك يمكن أن توسعي من هذه الشبكة الاجتماعية حسب الظروف المتاحة لك.

أنا أنصحك بأن تضعي هدفا واضحا، بأن تقولي: (أنا سوف أبني علاقة مع فاطمة أو مع آمنة أو مع عائشة)، بمعنى أن تخصصي شخصا معينا، ولا تتركي الأمور تكون عائمة وليست محددة الجوانب، هذا يجعلك أكثر تركيزا وتكون أهدافك واضحة، ومن ثم تسعين لتقوية العلاقة.

وهنالك مهارات اجتماعية بسيطة جدا لبناء العلاقات: الكلمة الطيبة، التحية الجميلة، التبسم في وجه أختك، الحوار الطيب... هكذا تبنى العلاقات، وسيكون في نظري أيضا من المفيد لك جدا أن تنضمي لأي جمعية تقوم بالأعمال الاجتماعية، فهنالك الجمعيات النسائية، هنالك جمعيات البر والإحسان، هذه تطور من المهارات الاجتماعية وتؤدي إلى تأهيل اجتماعي حقيقي، فأرجو أن تفكري في هذا الأمر، وأن تبحثي عن إحدى هذه الجمعيات وتنضمين إليها وسوف تحسين بالرضا الداخلي، والرضا الداخلي هو الذي يرفع من قيمة الشعور بحقيقة النفس الإنسانية.

يأتي بعد ذلك أن تتأملي في الإيجابيات الموجودة في حياتك وهي كثيرة، فأنت ـ الحمد لله ـ وبفضل الله تعالى في قمة الشباب، أنت الحمد لله لديك عمل، وقطعا لديك أسرة، أنت خالية من الأمراض، انظري إلى ما هو إيجابي في حياتك، وركزي على هذه الإيجابيات؛ لأن الإيجابيات سوف تقلص التفكير السلبي لدرجة كبيرة، وهذا أمر ضروري جدا لأن يتغير المزاج لدى الإنسان.

بعد ذلك أنصحك بتناول أحد الأدوية الفعالة والجيدة لعلاج القلق والتوتر والاكتئاب، وهذا الدواء (زيروكسات Seroxat) أو (ديروكسات Deroxat) أو (باكسيل Paxil) ويسمى علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، وهو موجود بفضل الله في المغرب، ابدئي في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام) لمدة أسبوع، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة واحدة في اليوم، واستمري عليها لمدة شهرين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة ونصف (ثلاثين مليجرام) يوميا لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة بمعدل نصف حبة كل شهرين ثم توقفي عن تناوله.

هذا الدواء من الأدوية الفعالة والسليمة وغير الإدمانية، وإن شاء الله تعالى سوف يساهم مساهمة فاعلة في زوال كل هذه الأفكار السوداوية والشعور بعدم الرضا.

أختم بأن التفكير في الموت بشكل مستمر هو أمر يزعج الإنسان، ولكن الموت حقيقة، ولذا الإنسان يجب أن يعمل لآخرته، والتفكير والخوف من الموت لا يزيد ولا ينقص في العمر ثانية واحدة، فأعتقد أن هذا التفكير الذي أطبق عليك هو جزء من حالة الاكتئاب التي تعيشينها، وإن شاء الله بتطبيقك للإرشادات السابقة وتناولك للدواء الذي قمنا بوصفه، وأن تفوضي أمرك إلى الله، وأن تقوي صلتك بربك، وسوف تجدين أن الدنيا قد أشرقت أمامك - بإذن الله تعالى -.

جزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

ويكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول العلاج السلوكي للاكتئاب: (237889 - 241190 - 257425 - 262031 - 265121).

العلاج السلوكي لقلة الثقة بالنفس: ( 265851 - 259418 - 269678 - 254892 ).
وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات