الأفكار الظنانية المتمثلة في سب الآخرين والشعور بالظلم والمشي الليلي

0 516

السؤال

المشكلة ليست لي، بل لشقيقي!
حيث أنه يعاني من:
1. أنه يتكلم مع نفسه طوال اليوم، أي وبصوت عال، ومعظم كلامه هو امتعاظ وسب لأشخاص لا نعلمهم، حيث أن هذه الحالة ظهرت له منذ خمس سنوات تقريبا، وهو الآن يبلغ من العمر 24 سنة وما زال على مقاعد الدارسة الجامعية، حيث إنه رسب في الثانوية العامة أربع مرات، ورغم محاولاتي معه لمراجعة طبيب نفسي يرفض ذلك نهائيا، وللعلم فهو يسبب لمن ينام معه قلقا دائما، حيث أنه كثير المشي وهو نائم، ويقوم وهو في حالة غضب، وعندما نطلب منه العودة إلى النوم يرفض ذلك وبعدها بعدة دقائق ممكن أن تتكرر هذه الحالة عدة مرات في الليلة، وتحصل ما بين مرتين إلى ثلاث أسبوعيا، وأنا لا أعرف كيف أقنعه للذهاب إلى طبيب نفسي خوفا من أن يصل به الأمر إلى الجنون!

وهو أيضا متقلب المزاج، يعتبر نفسه مظلوما دوما، ألا يمكن الوصول معه بنتيجة في المحاورة؟ فهو عنيد وتنتهي إما بصراخ ومخاصمة أنه يرفض الاستماع ولا أعلم ما هو الحل؟ وإن كان يعاني من مرض نفسي بسبب الكلام مع نفسه طوال اليوم وهو غير قادر على السيطرة على نفسه بخصوص الكلام مع نفسه، فما السبب؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Al-naimat حفظه الله.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فجزك الله خيرا وبارك الله فيك، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.

فإن هذه الأعراض التي يعاني منها هذا الأخ – شفاه الله تعالى وعافاه – هي أعراض أساسية ورئيسية، ولا يمكننا أن نتجاهلها.

سبه للآخرين وعدم قبوله لهم، وكذلك شعوره دائما بأنه مظلوم، هذه علة نفسية أساسية نسميها بالأفكار الاضطهادية أو الأفكار الظنانية، وهي دليل على وجود علة أساسية لديه لابد أن تعالج، وهذا الأمر إذا تطور أكثر من ذلك سوف يدخل في دائرة ما يعرف بمرض الفصام، خاصة مرض الفصام الباروني أو الاضطهادي، وهو مرض عقلي رئيسي ولكنه ـ الحمد لله ـ يستجيب استجابة ممتازة جدا للأدوية المضادة للذهان.

أما فيما يخص المشي الليلي هو دليل على وجود القلق ودليل على عدم الارتياح، وإن كان هنالك تفسيرات مختلفة جدا للمشي في أثناء النوم، ولكن في حالة هذا الأخ هي دليل على توتره الداخلي وزيادة انفعالاته.

الذي أرجوه بالطبع هو أن تحسن معاملته، وأن نشعره دائما بالطمأنينة، وأن نشعره بالثقة في نفسه أولا ثم الثقة بالآخرين، ويجب أن نتجاهل بدرجة معقولة غضبه وظنانه وشكوكه حول الآخرين؛ لأن الإكثار في مناقشته حول هذه الأفكار ربما يؤدي ذلك إلى تقوية وتثبيت هذه الأفكار بصورة أكثر، وربما تتطور وتمتد الأفكار الظنانية القائمة على سوء التأويل لتشمل حتى الشخص الذي يود أن ينصحه ويناصحه.

العلاج الدوائي يعتبر ضروريا في مثل هذه الحالة، وأنا أتفهم تماما دوافع هذا الأخ ورفضه الذهاب للطبيب النفسي؛ لأنه بالطبع غير مستبصر ولا يرى نفسه مريضا، ولا يريد أيضا أن يضعف موقفه؛ لأنه بكل أسف في مجتمعاتنا لازال البعض يعتقد أن الذهاب إلى الطبيب النفسي أو تناول الأدوية النفسية هي وصمة اجتماعية.

فالذي أرجوه هو أن يحاول شخصا واحدا من الأسرة أن يبني معه علاقة طيبة، يشعره من خلالها بالطمأنينة، وحين يبدأ في بناء ثقته في هذا الشخص يمكن أن يقال له: (يجب أن نذهب إلى الطبيب، وذلك حتى يقوم بإرشادنا في كيفية مساعدتك في هذا القلق البسيط الذي تعاني منه).

والبعض ينتهج منهجا بأن يأخذ مريضه - أو أي شخص عزيز عليه - يأخذه إلى الطبيب النفسي، ويقول له إن هذا الطبيب مختص في الباطنية أو الجراحة أو هكذا، وهذا حقيقة لست من أنصار ذلك المنهج، لأني لا أعتقد أنه صحيح.

ولكنني أعتقد أيضا أن يقوم الأطباء غير النفسانيين بوصف الأدوية النفسية في بعض الحالات، وذلك بعد التنسيق مع الطبيب النفسي دون علم المريض، هذا أعتقد أنه ممكن وجائز، لأنه في نهاية الأمر سوف يصب في مصلحة المريض.

هنالك عقار يعرف تجاريا باسم (رزبريدال Risporidal) أو ما يسمى علميا باسم (رزبريادون Risperidone) سوف يفيد هذا الأخ كثيرا.

يبدأ هذا الأخ في تناول هذا العقار بجرعة اثنين مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى أربعة مليجرام ليلا.

وحين يبدأ هذه الجرعة (أربعة مليجرام) يجب أن يضيف إليه عقارا آخر يعرف علميا باسم (بنزكسول Benzohexol)، ويعرف تجاريا باسم (آرتين Artane)، بجرعة اثنين مليجرام ليلا.

هذا الدواء (آرتين) ليس علاجا لهذه الحالة، ولكن القصد من إضافته مع الرزبريدون هو أن نمنع الآثار الجانبية التي قد يسببها الرزبريدون، وهي رجفة بسيطة في اليدين، وربما شعور بالتخشب والانشداد العضلي.. هذا العرض الجانبي ربما لا يحدث، ولكن احتمال حدوثه أيضا وارد، ولذا نحن كنوع من التحوط وحتى لا ننفر المريض من العلاج ننصح بمثل هذه الأدوية الوقائية.

ولابد لهذا الأخ أن يستمر على هذه الجرعة (أربعة مليجرام) من الرزبريدون لمدة عام على الأقل، وبعد ذلك إذا تحسنت حالته بصورة واضحة يمكن أن تخفض الجرعة إلى اثنين مليجرام ليلا لمدة ثلاثة أشهر، ثم يتم التوقف عن الدواء، وفي بعض الأحيان قد ترفع هذه الجرعة في بعض الحالات حتى ثمانية مليجرام في اليوم، ولكن لا أعتقد أن هذا الأخ سوف يحتاج لهذه الجرعة.

إذن: أرجو أن تحاول بالطرق التي ذكرتها، وإذا فشلتم في ذلك فحاولوا أن تتحصلوا على الدواء عن طريق الصيدلي أو أي طبيب غير نفسي، ويمكن أن يعطى له الدواء بعد إقناعه أن هذا الدواء سوف يفيده ويحسن من نومه ويقلل من توتره، وهكذا.

عموما في نظري أن معظم المرضى يقتنعون في نهاية الأمر بتناول الدواء، ولكن هذا يعتمد على المنهج الذي سوف ينتهجه الأهل أو الطبيب المعالج.

بعض الناس يثقون في طبيب الأسرة، وكما ذكرت إذا كان لهذا الأخ أي أحد يثق فيه فيمكن أن تنسقوا مع الطبيب، ويمكن أن تعرضوا عليه محتوى هذه الرسالة، وسوف يقوم الأخ الطبيب بوصف عقار الرزبريدون له، وأعتقد أن هذا الدواء سوف يفيده كثيرا.

مع الحرص على تنبيه الغرباء بحالة الأخ بطريقة غير مباشرة، حتى لا يصطدموا معه، وهم لا يعلمون بأنه مريض.

جزاك الله خيرا، وبارك الله فيك على اهتمامك بأمر هذا الأخ، ونسأل الله تعالى أن يشفيه وأن يعافيه، وأن يهديه لتناول العلاج.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات