كيفية التعامل مع الطفل المصاب بالتوحد؟

0 490

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..


ابني مصاب بالتوحد مع تخلف عقلي، ولم ينطق رغم بلوغه ثلاث سنوات، وقد علمنا بالأمر منذ ستة أشهر فأصابتنا صدمة وانقلبت حياتنا رأسا على عقب، وأصبحنا أكثر عصبية ولا يطيق أحدنا كلمة من الآخر بعد أن كانت حياتنا هادئة ومستقرة.

علما بأننا نهتم بطفلنا كثيرا ونخاف عليه، ونحن نقيم في دولة أجنبية دون عائلتنا، وزوجي يعمل لساعات طويلة خارج المنزل، ولدي طفلة عمرها سبعة أشهر، وأخاف أن تؤثر اللغة الأجنبية في المدارس الخاصة على سرعة تقدمه؛ لأني شعرت بتحسنه قليلا خلال زيارتنا الصيف الماضي، فهل أعود مع أطفالي إلى بلدنا دون زوجي؟ وكيف أتعامل مع الوضع الحالي ومع طفلي؟!

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن تشخيص علة التوحد في الأطفال يكون وقعها صعبا على الوالدين في أول وهلة، ولكن لابد من الصبر واحتساب الأجر في ذلك، والإنسان لا يتقبل مثل هذا التشخيص خاصة أن علة التوحد حتى وقت قريب كان يعتقد أنها من أصعب الحالات التي تصيب الأطفال ولا يمكن أن تقدم أي مساعدة للأطفال الذين يعانون من هذه الحالة، ولكنه اتضح أن هذا غير صحيح؛ لأن كثيرا من الأطفال الذين يعانون من علة التوحد يمكن مساعدتهم.

علما بأن التوحد في حد ذاته درجات متفاوتة في الشدة، ومن سماته الأساسية افتقاد تطور اللغة، كما أن الطفل يتجنب التفاعل الوجداني ويعامل الناس كالأشياء أو كالجمادات، وغالب هؤلاء الأطفال يعانون من تخلف عقلي، وتوجد سمات أخرى كالرتابة والطقوسية في بعض الأفعال التي يقوم بها الطفل.

وعلاج التوحد الآن هو علاج اختصاصي، وهناك مراكز تعليمية تنتهج مناهج علم النفس السلوكي هي التي تقدم المساعدة لمثل هؤلاء الأطفال، فالذي أنصح به هو أن لا ترجعي إلى بلدك؛ لأن ذلك فيه عدم استقرار بالنسبة للأسرة، ولكن أي اتفاق يتم بينك وبين زوجك هو الذي يجب أن يطبق، ربما يكون الأحسن هو مقابلة المختص.

وأثق تماما أنه لابد أن تكون هناك مراكز مختصصة في البلد الذي تعيشون فيه، وإذا استوعب أحد هذه المراكز الطفل فهذا يعتبر أمرا جيدا، وحتى لو تعلم الطفل اللغة الأجنبية أو تم تدريبه سلوكيا حسب لغة البلد فأعتقد أنه لا بأس في ذلك لأنكم في حالة اضطرار، وبعد أن يتقدم الطفل لغويا ويكتسب بعض المعارف يمكنكم في البيت أيضا أن تتحدثوا معه باللغة العربية، وهذا لن يكون صعبا إذا استوعب الطفل اللغة التعليمية التي سوف يعلمه إياها المختصون والمدربون في علة التوحد لدى الأطفال.

وإذا كانت هناك مدارس مختصة في علاج مثل هذه العلة فهذا هو الشيء الأفضل والأحسن بالنسبة للطفل، وأما إذا كانت هناك مدارس خاصة عادية فلابد أن تشرحي حالة الطفل للمسئولين بالمدرسة، ولابد أن يقيم الطفل هل سوف يستطيع الاستفادة من هذه المدرسة أم لا، وإذا اتضح أن الطفل لن يستطيع الاستفادة من المدرسة فسوف تقوم إدارة المدرسة بتوجيهك إلى المدرسة التي تستوعب الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

والعلاج السلوكي في المنزل مهم جدا، ولكن هذا لابد أن يتم بعد أن يقوم المدرب أو المعلم الذي ينتهج أصول علم النفس السلوكي بإعطائكم التعليمات والتوجيهات التطبيقية لحالة الطفل وحسب ما يناسبه، وهذه التعليمات تقوم على تكرار المعلومة وعلى تنشيط التفاعل الوجداني لدى الطفل بتعليمه الابتسامة وكيف يتعامل مع الآخرين، وبتحفيزه على السلوك الإيجابي وتدعيم هذا السلوك الإيجابي بتكراره، ومحاولة تقليص السلوك السلبي بتجنبه وإضعافه حتى يتلاشى، وذلك بجعل الطفل ينغمس أكثر في المسلك الإيجابي.

وبعض الحالات يعطى الأطفال أيضا بعض الأدوية المحسنة للسلوك، ولكن لا زال هذا الابن – حفظه الله تعالى – صغيرا ولا تظهر عليه اضطرابات سلوكية كالاندفاعية وكثرة الحركة والتي نشاهدها في بعض الأحيان لدى هؤلاء الأطفال.

وعموما عليكما بالصبر وعليكما بالدعاء وعليكما أن تأخذا بالأسباب، وهي أخذ الطفل إلى المراكز المختصة وتطبيق الإرشادات اللازمة فيما يخص تدريب وتعليم الطفل، ولا أرى أن هناك داع لأن تذهبي إلى بلدك إلا إذا كان هذا هو الذي يراه زوجك أيضا؛ لأن الاستقرار الأسري هام جدا، نسأل الله لولدك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات