السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كنت فيما مضى أقرأ خمسة أجزاء في اليوم تقريبا، ولكني انضممت منذ شهر لجمعية خيرية لتحفيظ القرآن، ومنذ أن بدأت فيها لم أعد أقرأ القرآن كما كنت أفعل، بل اكتفيت بالحفظ، فهل أنا مخطئة بذلك؟ وهل يعد هذا من هجر القرآن؟!
أرجو نصحي وإرشادي للطريقة الصحيحة لكي أحافظ على القراءة والحفظ في آن معا، علما بأني ربة منزل ولدي أطفال.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلسبيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يكثر من أمثالك، وأن ينعم عليك بحفظ القرآن الكريم، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يجعلك من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته، وأن ينفعك بالقرآن العظيم في الدنيا والآخرة، وأن يبارك لك في زوجك وأولادك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن انضمامك لهذه الجمعية وحضورك فيها وانشغالك بحفظ القرآن الكريم أصبح يأخذ قدرا من الفراغ الذي كان عندك، ولذلك يصعب المحافظة على قراءة الخمسة أجزاء من القرآن يوميا مع الحفظ الجديد، ولابد أن تقل هذه الكمية التي كنت تقرئينها؛ لأن الوقت الذي كنت تعطينه للقراءة لم يعد موجودا.
فاجتهدي على قدر الاستطاعة في المراجعة حسب ظروفك، وركزي على الحفظ؛ لأن الحفظ أنفع لك من القراءة، فإن القرآن إذا كان في صدرك تستطيعين بإذن الله أن تقرئيه أيضا في أي وقت، وكذلك فإن الحفظ يحتاج إلى مراجعة، فأنت كنت تقرئين براحتك ولم يكن عندك حفظ أو كان محفوظا بسيطا ولكن سيصبح القرآن أمانة عندك، والقرآن أشد تفلتا من الإبل في عقلها، كما أخبر النبي عليه الصلاة والسلام، ومن هنا فالوقت الذي كنت تعطينه للقراءة العادية أنت في حاجة أن تعطيه للحفظ ومراجعة الحفظ، فركزي على الحفظ ولا تلتفتي لهذا القدر الذي كنت تقرئينه، وإنما اجعليه حسب الظروف.
ولك بشارة عظيمة من النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: (يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا، فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها)، وهذا يتعلق بالحفاظ، حيث ستكون القراءة من الصدر، فأنت ستكونين بإذن الله من أصحاب المنازل العالية ببركة القرآن الذي أكرمك الله بحفظه، ولذلك فأنت لست مخطئة، وإذا أتيحت لك فرصة مراجعة فراجعي ما حفظته وركزي على الحفظ القديم والجديد؛ لأن الصعوبة ليست في حفظ الجديد وإنما أيضا في مراجعة القديم حتى لا يتم نسيانه.
وإذا اجتهدت في الحفظ فإن مرحلة الحفظ ستكون مرحلة قصيرة، ثم بعد ذلك يصبح لديك الوقت الكافي للمراجعة، فتقرئين يوميا خمسة أجزاء أو عشرة أجزاء، ومع الحفظ الجيد تستطيعين أن تقرئي في السيارة وفي البيت وفي المطبخ.
ولذلك فإن هناك من الناس من يختم القرآن في يوم واحد لأنه يحفظ القرآن جيدا، فحافظي على ما أنت فيه، ولا تأخذي وقتا من وقت أولادك أو زوجك مثلا وتجعليه للقرآن الكريم، حتى لا تتهمي بأنك بدأت تقصرين في مسئولياتك الأسرية لحساب القرآن، وإنما الوقت الذي كان يعطى للقراءة اجعليه لمراجعة المحفوظ مع الاهتمام بالحفظ الجديد.
نسأل الله تعالى أن ييسر لك حفظ القرآن كله، والانتهاء من ذلك في القريب العاجل، وأن يبارك فيك وأن يثبتك على الحق، وأن يبارك في أولادك وأن يجعلهم من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته.
وبالله التوفيق.