السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولا بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا كثيرا، وتقبل الله أعمالكم وجعلها في موازين حسناتكم.
موضوعي:
أطلب منكم إخواني الكرام أن تنصحوني وترشدوني، فأنا الآن مقبلة على الزواج، أسأل الله أن ييسر لي أموري ولجميع المسلمين والمسلمات.
لكنني خائفة! ففي بعض الأحيان ينتابني شعور فأتساءل: هل أنا قادرة على الزواج أو لا؟ خصوصا وأني في الآونة الأخيرة أسمع بمشاكل الزواج وكثرة الطلاق ـ عافانا الله وإياكم من كل سوء ـ.
أنا الآن ـ ولله الحمد ـ ملتزمة أو مستقيمة على طاعة الله، وملتزمة بالحجاب الشرعي ـ ولله الحمد ـ منذ زمن طويل، وهذا كله بفضل ـ الله تعالى ـ ولولاه ما كنت لأهتدي لولا أن هداني الله، أسأله تعالى أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا.
والحمد لله أشعر وأحس بلذة الإيمان منذ التزمت وبسعادة لا يتذوقها إلا من عاشها، وسبحان الله والحمد لله تعالى.
ولهذا أنا خائفة لا أريد أن ابتلى في ديني بعد زواجي، خصوصا أن حقوق الزوج واجبة، بل هو جنتي وناري، لا أدري هل أستطيع أن أكون زوجة صالحة أم لا؟ أطمع من الله وحسن ظني بربي أنه سيوفقني على طاعته.
فأنا أريد أن أتعاون مع زوجي في كل ما يرضي ربي من قيام الليل وصيام وصدقة وتربية الأبناء تربية حسنة.
أريد منكم تقديم النصائح لتوفقني كي أكون زوجة صالحة، فبصلاح الأم يصلح المجتمع بكامله، وبفسادها يفسد كذلك، والأسرة بمثابة سفينة من يسيرها الأم أكثر من الأب.
بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا، وأسأل الله أن تفهموا كلامي وقصدي.
وصلى الله على رسوله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حنان أم الدرداء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يزيدك هدى وصلاحا وتوفيقا، وأن يمن عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونا لك على طاعة الله، ويضاعف جهدك وعبادتك، ويعينك على أن تكوني من الداعيات إليه - سبحانه وتعالى - على بصيرة، ويمن عليك – سبحانه وتعالى – بذرية طيبة مباركة من هذا الزواج الطيب المبارك.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – فإني أتصور من خلال رسالتك المباركة أن تصورك للزواج أو فكرتك عنه مبالغ فيها، فإن الحياة الزوجية في الواقع حياة ممتعة وحياة سهلة وحياة بسيطة إذا كنا نتعامل فيها بنوع من التوافق والانسجام والتعاون المتبادل ما بين طرفيها، وأنت تعيشين في أسرة قطعا وتجدين الأمور تسير سيرا طبيعيا، والحياة الزوجية هي أطول شراكة عرفها التاريخ، فقد تستمر أحيانا إلى خمسين عاما أو ستين عاما أو سبعين، إذا كان طرفاها ممن أطال الله في أعمارهم.
ولذلك أتمنى أن تصرفي النظر عن فكرة أنها حياة تشعرين أنك غير قادرة عليها نتيجة ما تسمعينه من كثرة المشاكل وكثرة الطلاق.
أقول: نعم إن هناك بعض الحياة التي يعيشها بعض الأزواج تعتبر جحيما لا يطاق، بل إنها أشد على النفس من جهنم - والعياذ بالله رب العالمين - في تصور كثير من الناس، ولكن الله - تبارك وتعالى جل جلاله – جعل لكل شيء سببا، فمن أول الأسباب التي تعين على استقرار الأسرة وسعادتها أن يكون طرفيها من الصالحين، وأن يكون على قدر من العلم الشرعي الذي يجعلهما يتواصلان معا في طاعة الله تعالى؛ لأنه قد تكون الأخت صالحة أو الأخ صالحا، ولكن ليس لديهم قدر كاف من العلم الشرعي بفقه الزواج، وهنا قد يحدث الصدام ويقع الشقاق ويتم الطلاق.
أما لو أن هناك فهما لهذه العبادة، وأنا أقول: عبادة لأن النكاح في الإسلام عبادة، فالذي أمرنا بالزواج إنما هو الله، حيث قال - تبارك وتعالى - : (( وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم ))[النور:32]، وقال صلى الله عليه وسلم: (النكاح من سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني)، وقال أيضا – صلوات ربي وسلامه عليه -: (وفي بضع أحدكم صدقة).. إلى غير ذلك من النصوص التي تدل على أن الحياة الزوجية عبادة وقربة نتقرب بها إلى الله تبارك وتعالى فما أحسن رجل إلى امرأته إلا وأخذ على ذلك أجرا، وما أحسنت امرأة لزوجها وقامت على خدمته وحسن التبعل له إلا وأخذت على ذلك أجرا، فهو ملف ضخم من ملفات الطاعة والقربى لله تبارك وتعالى بل إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه شطر الدين – أي نصف الدين –.
ولذلك أنا أعتبر أن طلبك معرفة الأحكام الشرعية أو الواجب عليك طلب مشروع، إلا أن الذي لا أريده أن تظني أن القضية مستحيلة، الزواج من عبد صالح متعة ما بعدها متعة، لقد من الله تعالى عليك الآن بتذوق لذة الإيمان والشعور بالسعادة التي تنبعث من الطاعة، فما بالك لو من الله عليك بزوج في نفس مستواك أو يزيد قطعا ستتضاعف السعادة وستتضاعف لذة الإيمان، ولذلك أنصحك - أختي الكريمة – بقراءة كتاب عنوانه (آداب الحياة الزوجية في الإسلام)، مؤلفه اسمه (سعد يوسف أبو عزيز)، هذا كتاب مصري أصدرته المكتبة التوفيقية، له تعليقات لفضيلة الشيخ ابن باز – رحمه الله تعالى -.
ابحثي عن هذا الكتاب فهو سيعطيك خطة كاملة لحياتك من الألف إلى الياء، حتى من قبل الخطبة إلى أن تدخل الأخت القبر.
كذلك أيضا هناك كتاب بعنوان (كيف تكسبين زوجك)، كتب كثيرة في المكتبة الإسلامية كتبها كتاب مخلصون لو قرأناها وعملنا بها لكانت حياتنا جنة قبل جنة الله الكبرى.
لذلك أتمنى - بارك الله فيك – أن تقرئي هذه الكتب حتى تتزودي بالعلم النافع لهذه العبادة العظيمة، لأني مهما نصحتك الآن فإن المقام لا يتسع لذكر هذه الأمور لأنها كثيرة جدا حقيقة.
كذلك أيضا من الممكن أن تدخلي على موقع (جوجل) البحثي وأن تكتبي حقوق الزوج في الإسلام وسترين خيرا كثيرا - بإذن الله تعالى - .
كل الذي أحب أن أركز عليه أن خوفك هذا أو الشعور بأنك غير قادرة على الزواج، هذا وهم وليس حقيقة:
أولا: لأنك – ولله الحمد والمنة – على طاعة واستقامة، وأنت تعلمين أن الله لا يضيع أهله، وتعلمين أن الله تبارك وتعالى وعد المتقين بالتيسير، قال: (( ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب ))[الطلاق:2-3].
ثانيا: أتمنى منك - بارك الله فيك – العلم الشرعي كما ذكرت والقراءة والبحث والاطلاع.
ثالثا وأخيرا: الدعاء، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقوله: (ليس شيء أكرم على الله من الدعاء)، فعليك - بارك الله فيك – بالدعاء والإلحاح على الله عز وجل أن يمن عليك بزوج صالح، وألا تقبلي أيضا إلا الزوج الصالح، يعني لا أريدك أن تقولي: إن عمرك قد مضى وإن قطار الحياة أوشك أن يصل إلى آخر محطة، هذا كلام المخذلين والمثبطين، ولكن ما دام في العمر لحظة فنحن يجب علينا أن نحسن استغلالها، كما بين النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: (إذا قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها)، فلا تقبلي إلا الزوج الصالح المبارك حتى وإن طال الانتظار حتى تتم سعادتك وحتى لا تحرمي لذة الإيمان وحتى تضعي يدك في يده لتأسيس مؤسسة إسلامية رائعة تخرج لنا أجيالا يغيرون مجرى التاريخ كما حدث لأصحاب النبي عليه الصلاة والسلام والتابعين من بعدهم، واعلمي أن ذلك ليس بعزيز على الله ما دمت صالحة مستقيمة، فألحي على الله أن يمن عليك بالزوج الصالح، وأن يعينك معه على تأسيس أسرة طيبة مباركة، وأن يكرمك بذرية صالحة موفقة.
أسأل الله لك ذلك كله، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.