قلق من الأمراض وعدم اتزان في الرأس

0 515

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابتليت بالعادة السرية منذ ثلاث سنوات، ومارستها باستمرار فتسببت في أضرار نفسية من قلق وخوف من الأمراض، وصرت أخاف من كل مرض أسمع عنه، وأقرأ كثيرا عن الأمراض الجسدية والنفسية.

ومنذ عام تقريبا بدأت أحس بألم في قلبي وذراعي الأيسر، فذهبت لطبيب القلب فأخبرني أن لدي التهابا في الأعصاب، ولكني كنت أشعر بعدم اتزان في رأسي، وألم خفيف فيه، ثم تحسنت قليلا، إلا أن ذلك عاد مرة أخرى فذهبت لطبيب الباطنية، وبعد التحليل أخبرني أنه قلق نفسي، فتناولت دواء بوسبار دون فائدة، وتحسنت قليلا مع استمراري في العادة السرية.

وكان عدم الاتزان يزيد مع ألم في قلبي، فذهبت لطبيب القلب وعملت رسم قلب وإيكو فكان سليما ولله الحمد، وتحسنت قليلا فأقلعت عن العادة السرية، ولكن ما يتعبني هو عدم الاتزان في رأسي، حيث لا يفارقني أبدا، مع قلق من الأمراض، فما العلاج؟ وكيف أتوب إلى الله لكي يغفر لي؟!

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الحالة التي وصفتها وما تميزت واتصفت به من أعراض تدل على أنك تعاني من قلق نفسي، والقلق النفسي كثيرا ما يظهر في شكل أعراض جسدية، منها الشعور بعدم الاتزان أو الشعور بالدوخة، كما أن الانقباضات العضلية - خاصة في منطقة الصدر - هي ظاهرة جسدية نشاهدها كثيرا في حالات القلق النفسي، فأتفق تماما مع الطبيب الذي ذكر لك أن تشخيصك هو إصابتك بقلق نفسي.

وأما بالنسبة للعادة السرية فأنت مدرك تماما لمضارها، وأنا سعيد أنك توقفت عن ممارستها، وهذا أمر جيد وحميد؛ لأن الإنسان قد يرتكب الخطأ، ولكن المصيبة تكون في الاستمرار في الخطأ، والذي يستدرك عيوب نفسه وزلاتها ويرجع إلى الطريق الصواب فهذا يكون من الناجين إن شاء الله.

ولا شك أن توقفك عن العادة السرية السيئة يعتبر توبة بإذن الله، ونسأل الله تعالى أن يقبل توبتك، وهذا أحد شروط التوبة وهو الإقلاع عن الذنب، بالإضافة إلى الندم والاستغفار على فعلها، وعدم العودة إليها، وحين تتذكر الآية القرآنية: (( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ))[النساء:48]، والآية الأخرى: (( إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليما حكيما ))[النساء:17]، وقوله تعالى: (( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون * أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين ))[آل عمران:135-136]، فلا شك أن هذا باب كبير من أبواب الرحمة يجعلنا دائما متفائلين ويجعلنا دائما نعيش على الأمل ونعيش على الرجاء، فنسأل الله أن يجعلنا وإياك من التائبين والمغفور لهم.

وأما التردد على الأطباء بكثرة فإنه يزيد من التوهمات المرضية، وسيكون من الأحسن والأفضل والأسلم هو أن تراجع طبيب الأسرة – إن وجد – أو الطبيب الباطني مرة كل ستة أشهر، وذلك من أجل إجراء فحوصات عامة، وإن كنت أعتقد أن في مثل عمرك لا توجد الأمراض المزمنة كالسكر والضغط وتصلب الشرايين، وهي أمراض شائعة في زماننا والتي تتطلب المتابعة، ولكن في ذات الوقت سيكون من المطمئن لك أن تبني علاقة علاجية جيدة مع أحد الأطباء وتراجعه من وقت لآخر.

ونصيحتي لك أيضا أن تكون حريصا في ممارسة الرياضة؛ لأن الرياضة تزيل القلق والتوتر وكل الطاقات النفسية السلبية، والمطلوب هو أن تمارس الرياضة بمعدل أربعين دقيقة إلى ساعة في اليوم لحد أدنى ثلاث مرات في الأسبوع، وحبذا لو كانت الممارسة يوميا.

وهناك تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء وهي معروفة، أرجو أيضا أن تعطي نفسك نصيبا من هذه التمارين، وهي لا تستغرق وقتا طويلا، ربع ساعة إلى عشرين دقيقة تعتبر كافية للجلسة، ويمكنك أن تتحصل على أحد الأشرطة أو الكتيبات الموجودة في المكتبات والتي توضح كيفية القيام بهذه التمارين، أو يمكنك أن تذهب إلى الأخصائي النفسي وسوف يقوم بتدريبك على هذه التمارين.

وأما بالنسبة للعلاج الدوائي فأود أن أنصحك بتناول عقار يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علميا باسم (سلبرايد Sulipride)، فهو عقار جيد ومتميز لعلاج القلق والتوترات، خاصة الشعور بعدم الاتزان، وجرعته هي خمسين مليجراما ثلاث مرات في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسين مليجراما صباحا ومساء لمدة ستة أشهر، ثم إلى خمسين مليجراما يوميا لمدة شهر، ثم يمكنك أن تتوقف عن تناوله.

وسيكون أيضا من الجميل أن تدعم الدوجماتيل بعقار آخر يعرف تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علميا باسم (سيرترالين Sertraline)، والجرعة المفيدة في حالتك هي جرعة بسيطة، وهي حبة واحدة (خمسين مليجراما) يوميا، تناولها لمدة ستة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء، نسأل الله لك العافية والشفاء، وأنا مطمئن تماما أنك إن شاء الله سوف تعيش حياة نفسية جيدة.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات