علاج الخوف لدى الأطفال والمرتبط بتخيل أمور تتعلق بالموت

0 757

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أختي في العاشرة من عمرها، تخاف كثيرا فلا تستطيع النوم حتى ساعات متأخرة رغم أن الإضاءة تكون عالية، وإذا دخل عليها أحد في غرفتها فإنها تفزع ويصيبها الرعب، وعندما سألتها عن سبب الخوف قالت أنها تتخيل ميتا يجلس بجانبها، فهل نعطيها أدوية معينة؟!

ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فإن الخوف لدى الأطفال في مثل عمر أختك قد يكون ظاهرة طبيعية، وهو مكتسب ويكون نتج عن تجارب سابقة، بمعنى أن أختك قد تكون تعرضت لموقف، هذا الموقف كان يحتوي على مكون يجلب الخوف، فربما تكون قد استمعت لقصة عن الموتى أو أفزعها أحد الأشخاص بأن ذكر لها ما يخيفها حول الموت وهكذا.

والذي أرجوه أولا هو أن تقوم بطمأنة أختك وتحدثها قليلا عن الموت وعن الحياة وأن الموتى لا يحضرون إلى الدنيا مرة أخرى، والميت يفنى في قبره إلى أن يبعث يوم القيامة، واشرح لها هذه المفاهيم البسيطة بلغة مطمئنة وفيها شيء من الود والتشجيع.

ثانيا: اجعلها تقارن نفسها بالآخرين، أي ذكرها: لماذا ينام بقية الناس وحدهم وهي لا تنام وحدها؟ ما الفارق بينها وبين الآخرين؟ يجب أن تكون بنفس القدرة وبنفس الشجاعة، وتظل في غرفتها وحدها.

ثالثا: علمها أذكار النوم، حاول أن تتدارس أذكار النوم معها؛ لأن أذكار النوم دائما تبعث الطمأنينة لدى الإنسان، وهذه إن شاء الله سوف تكون مطمئنة لها.

رابعا: هناك علاجات سلوكية مهمة وهي: أن تتفق مع أختك أن تظل في الغرفة وحدها ويمكن أن يقف أحد – أنت مثلا – أمام الغرفة لفترة عشرة دقائق، ثم بعد ذلك تبتعد لعشرة دقائق، ثم تقول لها سوف أحضر مرة أخرى ويقف أمام الباب لفترة عشر دقائق، ثم بعد ذلك سوف يذهب ويتركها لتنام.

هذا نوع من الانسحاب التدرجي، بمعنى أنها حين تعرف أن أحد الأشخاص يقف بالقرب من غرفتها، هذا من المفترض أن يطمئنها، وحين يقال لها إنه سوف يختفي ويحضر بعد عشر دقائق، هذا أيضا يبعث فيها شيئا من الطمأنينة إن شاء الله.

خامسا: يجب أن تكون الإضاءة خافتة، وبعد فترة من الزمن يمكن أن تقوم بإطفاء الإضاءة، وهذا هو الأفضل، ولا شك أنها ربما تحتاج أو ربما تخاف في الأيام الأولى، ولكن بعد فترة من الزمن سوف تتعلم وتتدرب وتتعود إن شاء الله على هذا الوضع وسوف يزيل منها الخوف.

سادسا: أتمنى أن تعلمها أن تأخذ نفسا عميقا، بمعنى أن تملأ صدرها بالهواء حين تحس بالخوف، وحين تتصور أن هنالك شخصا ميتا يجلس بجانبها، دعها تأخذ نفسا عميقا وتملأ صدرها بالهواء، ثم بعد ذلك تخرج الهواء ببطء، ولابد أن تبتعد قليلا من أهل البيت في أثناء النهار، ونحن بالطبع لا ندعو للعزلة وللانفراد، فدائما نحب أن تكون الأسرة مترابطة ومتضامنة، ولكن أختك هذه سيكون من الأفضل لها أن تجلس في غرفتها فترة لا تقل عن ساعة كاملة في اليوم في أثناء النهار، ويمكن أن تنتقل بتفكيرها أنه لا فرق بين الليل والنهار، بل على العكس تماما الليل هو وقت السكينة وهو وقت الاطمئنان وهو وقت الهدوء.

سابعا: أريدك أيضا أن تنبهها إلى نشاطات أخرى، إلى أن تجتهد في دراستها، أن تشارك في أعمال المنزل وتساعد فيها؛ لأن هذا يقوي شخصيتها ويبني من شخصيتها ويساعدها كثيرا.

ثامنا: الانضمام لنشاطات مدرسة والجماعات الموجودة في المدرسة كالكشافة وإذا كان هنالك جماعة ثقافية أو ما شابه ذلك، هذا أيضا سيكون من المفيد ومن الجيد لها أن تنضم لهذه التجمعات لأن ذلك يبني شخصيتها ويجعلها أكثر قوة وتحملا للمواقف التي قد يحس فيها الإنسان بشيء من الخوف.

تاسعا: العلاج الدوائي والذي طلبته، وأقول لك نعم: توجد بعض الأدوية التي تزيل هذا النوع من القلق وهذا النوع من التوتر والمخاوف، فهناك عقار جيد يعرف تجاريا باسم (تفرانيل Tofranil) ويعرف علميا باسم (امبرمين Imipramine)، فأريدها أن تبدأ في تناول هذا الدواء بجرعات عشرة مليجرام ليلا، تتناوله ساعتين قبل النوم، وتستمر على هذه الجرعة لمدة أسبوعين، ثم بعد ذلك ترفع الجرعة إلى خمسة وعشرين مليجراما ليلا وتستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام ليلا وتستمر عليها لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

أشكرك مرة أخرى على اهتمامك بأمر أختك، وأرجو أن تساعدها في تطبيق الإرشادات السابقة، وأود أن أؤكد لك أن هذه الحالات إن شاء الله تتحسن تلقائيا، فقط من الضروري أن تطمئنوها وأن تساندوها وأن تجعلوها تشارك في كل النشاطات الأسرية؛ لأن هذا سوف يفيدها في بناء شخصيتها ويزيل عنها الخوف بإذن الله تعالى.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات