السؤال
السلام عليكم.
أعاني من الوسواس والخوف من المرض وخاصة الأمراض المعدية، وأنا أعرف أن كل شيء مقدر من عند الله، ولكن الأفكار تأتي دون إرادتي، وأحاول التغلب عليها، وأنا أفكر في الحمل ولكن أشعر بالخوف من تزايد الأفكار بالحمل وخاصة أن نفسيتي تعبت بحملي السابق من كثرة القلق والخوف على الحمل، فهل يمكن أن تذهب عني تلك المخاوف بدون علاج؟ لأني لا أستطيع زيارة طبيب حيث أني مغتربة في بلد أجنبي، وهل ممكن أن يؤثر الخوف والقلق على الجنين أو على نفسيته؟
وجزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من توجيهات ونصح.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Hiba حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإن الشعور بالخوف هو شعور مكتسب وربما يكون ناتجا من مواقف أو تجارب أو خبرات سابقة حدثت لك، والذي ألاحظه أيضا أن شخصيتك ربما تكون لديها بعض الاستعداد للقلق والخوف والوساوس، وهذا يظهر بوضوح من تزايد أفكار الخوف من الحمل، وهذه الأفكار نسميها بالقلق التوقعي، من أن الخوف حيال شيء لم يحدث، بالرغم من أنه أمر طبيعي.
الذي أنصحك به هو أن تحقري هذه الأفكار، وأن تقاومي هذه الأفكار، وأن تقومي بكتابة كل أفكار الخوف والوسواس والقلق، اكتبيها في ورقة ثم بعد ذلك ابدئي بالفكرة الأولى وحاولي أن تحلليها وتخضعيها للمنطق وسوف تقتنعين في نهاية الأمر أنها فكرة سخيفة، وبعد ذلك اسعي لاستبدال هذه الفكرة بالفكرة المضادة لها وتكرار الفكرة المضادة ومحاولة التركيز عليها، واستذكارها، هذا علاج سلوكي بسيط ولكنه إذا طبق بصورة صحيحة وبإصرار يفيد كثيرا.
هنالك علاجات أو حيل سلوكية أخرى أيضا تفيد في علاج مثل هذه الحالة، فعلى سبيل المثال: تذكري أحد هذه المخاوف كالخوف من الحمل مثلا، ثم بعد ذلك قومي بإدخال استشعار مخالف لهذا الخوف من الحمل، والاستشعار المخالف هنا يتمثل في إيقاع الألم على يديك مثلا وذلك بأن تقومي بالضرب على يدك مثلا بشدة وقوة على جسم صلب. فهنا ربطت الألم الذي سوف يصدر منك من ضربة اليد مع الخوف من الحمل وقد وجد أن تكرار هذا التمرين يؤدي - إن شاء الله تعالى – في نهاية الأمر إلى إضعاف الخوف الوسواسي وهو الخوف من الحمل....التمرين يتطلب التركيز ويتطلب التأمل والتكرار والاقتناع بفائدته.
تمرين آخر مثلا تذكري خوفك من أحد الأمراض المعدية وفي نفس الوقت استبدلي هذه الفكرة وقولي (أنا - إن شاء الله تعالى – لن أصاب بأي من هذه الأمراض والله خير حافظ)، ومع هذا التأمل والتركيز قومي بالضغط على أصبع الإبهام في اليد، كرري هذا التمرين عدة مرات، أي التفكير في المرض المعدي والتفكير في أنك لن تصابي به، وبعد ذلك الضغط على أصبع الإبهام.
تكرار هذا التمرين يفيد أيضا وذلك بأنه في المستقبل إذا أتتك نوبات من الخوف من المرض المعدي قومي فقط بالضغط على أصبع الإبهام كما كنت تفعلين في المرة الأولى.
هذه التمارين السلوكية البسيطة تقوم على ما يعرف بالارتباط الشرطي وفك الارتباط الشرطي، وتوجد هنالك تمارين وحيل سلوكية كثيرة يمكن للإنسان أن يطبقها، ولكن أهم ما في الأمر هو أن تقنعي ذاتك بأن هذه أفكار وسواسية يجب أن تحقر وأن تشغلي نفسك بها، وسلي نفسك سؤالا مهما دائما وهو (لماذا أقلق من شيء لم يحدث؟ لماذا أقلق من المرض المعدي وأنا بفضل من الله تعالى لم أصب به؟!)
وهناك علاجات سلوكية أخرى يمكنك مراجعتها من خلال هذه الاستشارات:
(263760 - 265121 - 263420 - 268738).
أما فيما يخص الحمل فتذكري أن الحمل هو نعمة عظيمة وأن التجربة السابقة التي حدثت لك في الحمل ليس من الضروري أن تتكرر مطلقا، فلا شيء يجعلك أبدا تخافين، وتذكري أن هنالك ملايين النسوة اللائي يحملن دون أن تقدم لهن أي نوع من الرعاية الطبية ويكون الحمل في نهاية الأمر والوضع كذلك دون أي إشكالية أو دون أي صعوبات، هذه أمور طبيعية ويجب ألا تتخوفي أبدا، وتذكري – كما ذكرت لك – أن هذه نعمة كبيرة وسلي الله تعالى أن يحفظك، وعليك أن تستعيني بالدعاء لأن الدعاء هو سلاح المؤمن، وركزي على تلاوة القرآن، فبذكر الله تطمئن القلوب.
ومن الضروري جدا أيضا أن تصرفي أفكارك لأشياء أخرى، مثل: الاهتمام ببيتك وزوجك واستثمار الوقت بصورة أفضل. هذه كلها - إن شاء الله تعالى – تبعدك من هذه الأفكار الوسواسية.
سؤالك الآخر وهو: هل يؤثر الخوف والقلق على الجنين أو على نفسيته؟. هذا سؤال جيد لأن الكثير من اللغط والكثير من الموضوعات قد أثيرت نحو هذا الموضوع، فهنالك من يرى أن قلق الأم قد يؤثر على الجنين من حيث نموه، ولكن هذا الكلام لم يثبت أبدا، فلا نرى أبدا أن هنالك علاقة نستطيع أن نقول إنها مثبتة بين حالة الأم النفسية وبين وضع الجنين.
إذن خلاصة الأمر لا تشغلي نفسك أبدا بهذا الموضوع لأن الثوابت العلمية لا توضح لنا بصورة قاطعة أي علاقة بين الحالة النفسية للأم وللجنين.
إذا كانت هذه الأعراض شديدة وفوق طاقتك فلا مانع أبدا من أن تتناولي أحد الأدوية المضادة للوساوس والتي يعتقد أنها سليمة حتى في حالات الحمل، من هذه الأدوية عقار يعرف يسمى تجاريا باسم (بروزاك Prozac)، ويسمى علميا باسم (فلوكستين Fluoxetine)، ويمكن الحصول عليه في باكستان من أحد الصيدليات، فيمكنك تناول هذا العقار بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، ومدة العلاج في مثل حالتك ثلاثة إلى أربعة أشهر.
أسأل الله لك العافية والشفاء، ونشكرك على تواصلك مع استشارات إسلام ويب.
وبالله التوفيق.