السؤال
السلام عليكم
أعاني منذ فترة من آلام في الصدر وصعوبة في التنفس .. وقد عملت تخطيطا للقلب وفحص إيكو، والحمد لله النتيجة سليمة.. لكن لا أعلم ما سبب هذه الآلام حتى الآن؟!
مؤخرا بدأت تأتيني ضيقة في التنفس شديدة، وأحس بأن الهواء لا يكفيني وأهرول مسرعة لغرفة الإسعاف ويعملون التخطيط وكل شيء سليم، لكن ما لاحظته أنه في زيارتين قريبتين لغرفة الإسعاف، في الأولى كان الضغط منخفضا وفي الثانية كان الضغط مرتفعا 14090، مع وجود ارتفاع بسيط في درجة الحرارة.
الدكتورة المعالجة أخبرتني أن هذا بسبب القلق؛ لأني أعاني من نوبات ذعر، لكن عندما تأتيني حالة ضيق النفس أكون في أحسن حالاتي ولا أشعر بأي خوف .. ما يزيد خوفي هو هذه الحالة وليس قبلها!
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ محتارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
أعتقد أنه قد وصلتنا استشارة منك في وقت سابق أو ربما تكون الاستشارة من شخص آخر، ولكنها قريبة المحتوى من رسالتك، وعموما الذي أود أن أوضحه لك هو أن حالتك - إن شاء الله تعالى – هي حالة بسيطة جدا، ونحن من واجبنا أن نوضح لك طبيعة هذه الحالة، ونعرف أن ذلك يمثل جزءا أساسيا في العلاج.
آلام الصدر وصعوبة التنفس التي تحدث لك هي ناتجة من القلق النفسي، والذي وصفته لك الطبيبة بحالات الذعر هو نوع من الخوف الذي يكون في أساسه القلق النفسي هو البادئ في هذه الحالة أو هو المكون الأساسي لها، وهنالك كلمات تستعمل وسط الأطباء منها الذعر أو الخوف أو الرهاب أو الهلع أو الفزع كلها مسميات متقاربة ويقصد بها حالات القلق الحاد وليس أكثر من ذلك.
يعرف أن القلق له مكون جسدي عضوي وله مكون نفسي، فالمكون النفسي هو أن يشعر الإنسان بالقلق وأن يشعر بالضيق وعدم الارتياح وربما ضعف التركيز.
أما المكون العضوي فقد يظهر في شكل آلام أو صعوبة في التنفس كما حدث لك، وهذا يتم من خلال أن القلق يؤدي إلى انقباضات عضلية، وأكثر العضلات التي يحدث فيها هذا الانقباض هي عضلات الصدر، وحين يحدث هذا الانقباض في عضلات الصدر يؤدي إلى الشعور بالألم، وهذا بالطبع يؤدي أيضا إلى صعوبة في التنفس، وهذه الصعوبة ليست صعوبة حقيقية، ولكنها هي نتاج هذا الانقباض العضلي الذي ذكرته لك.
حقيقة الناس كثيرا ما تشتكي من آلام في الصدر وتربط ذلك بأمراض في القلب، هذه الشكوى شكوى عامة ونشاهدها كثيرا، وهي حقيقة قلق أكثر من أنها حالة عضوية، فأرجو أن تطمئني تماما أن حالتك ليست عضوية ولا يوجد - إن شاء الله تعالى – أي مرض في القلب، وأنصحك ألا تترددي على المستشفيات ولا تذهبي حتى لغرفة الإسعاف، فالحالة - إن شاء الله تعالى – سيتم تجاوزها تلقائيا.
بالنسبة للتذبذب الذي حدث لك في ضغط الدم هو حالة عادية جدا مع حالات الخوف والقلق، بالرغم من أنك لا تشتكي من خوف، ولكن لا نستطيع أن ننكر أبدا أن عامل القلق هو العامل الرئيسي الذي أدى إلى هذا الارتفاع والانخفاض في ضغط الدم.
الارتفاع البسيط في درجة الحرارة يوجد كأمر طبيعي لدى بعض الناس أو ربما يكون ناتجا من الإجهاد أو من إصابة فيروسية بسيطة.
الذي أود أن أنصحك به هو أنه بعد أن تفهمت حالتك لابد أن تقنعي نفسك بأن الحالة هي قلق نفسي وليس أكثر من ذلك، والقلق النفسي ليس من الضروري أن يكون له سبب أبدا، فهو يحدث لجميع الناس في جميع قطاعات الحياة وفي جميع الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية ولجميع الأجناس، وحتى يأتي للبر ويأتي للفاجر، فهو شيء من الكيان البشري والكيان الإنساني.
الخطوة الثانية في العلاج هو أنه من الضروري أن تتناولي بعض الأدوية المضادة للقلق، هذه الأدوية فعالة وتساعد كثيرا، والدواء الذي أود أن أصفه لك يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تبدئي في تناوليه بجرعة خمسة مليجرام (نصف حبة) من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، خذي هذه الجرعة بعد الأكل ليلا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرة مليجرام ليلا واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضيها مرة أخرى إلى خمسة مليجرام واستمري عليها كل ليلة لمدة شهر، ثم توقفي عن تناوله.
بجانب السبرالكس هنالك عقار آخر مساعد يعرف تجاريا باسم (فلوناكسول Flunaxol) ويعرف علميا باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة حبة واحدة، وقوة الحبة نصف مليجرام، تناوليها في الصباح يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقفي عن تناوله.
هذه الأدوية أدوية مفيدة فعالة وسليمة جدا وسوف - إن شاء الله تعالى – تجعلك تحسين بالراحة التامة.
بجانب العلاج الدوائي عليك بالفعالية الاجتماعية، لا تتركي مجالا وفراغا لهذا القلق حتى يفسد عليك، أنت الحمد لله عليك مسئوليات زوجية فعليك أن تقومي بها على أحسن ما يكون، وأكثري من التواصل الاجتماعي مع أرحامك ومع أصدقائك، كوني مديرة جيدة لوقتك؛ لأن هذا أيضا يساعد الإنسان في زوال القلق ويجعله يشعر بالرضا الداخلي، ولا بأس أن تمارسي أي نوع من الرياضة تناسب المرأة المسلمة، وأيضا هنالك تمارين نسميها بتمارين الاسترخاء تعتبر ممارستها مهمة جدا وضرورية لعلاج القلق والتوتر النفسي، ولتطبيق هذه التمارين عليك أن تجلسي في غرفة هادئة قليلة الإضاءة أي أن تكون الإضاءة منخفضة، واجلسي على كرسي مريح أو استلقي على السرير، وفكري في أمر طيب وسعيد حدث لك في حياتك، أغمضي عينيك وافتحي فمك قليلا، ثم بعد ذلك خذي نفسا عميقا وبطيئا واملئي صدرك بالهواء حتى ترتفع البطن قليلا، ثم بعد ذلك أمسكي الهواء قليلا في صدرك، وبعد ذلك أخرجي الهواء بكل قوة وبطء عن طريق الفم.. كرري هذا التمرين أربع إلى خمس مرات في كل جلسة بمعدل جلسة واحدة في الصباح وفي المساء، وطبقيه لمدة أسبوعين إلى ثلاثة، وسوف يشكل لك - إن شاء الله تعالى – عامل راحة واسترخاء كامل - بإذن الله تعالى -.
هذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأرجو أن تطمئني تماما وتطبقي ما أوردناه لك من إرشاد، وأرجو ألا تتخذي أي موقف سلبي حيال الدواء، فكما ذكرت لك يعتبر العلاج الدوائي ضروريا في حالتك، وسوف يساعدك كثيرا، وبفضل الله تعالى الآن توجد الأدوية السليمة والمضمونة الفعالية - بإذن الله تعالى - .
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.
وبالله التوفيق.