السؤال
السلام عليكم.
لدي طفلان، الأول 3 سنوات ونصف، والثاني سنة وتسعة أشهر، وقبل أيام أنجبت طفلتي الثالثة ـوالحمد لله- ولكن بيتي انقلب رأسا على عقب من تصرفات أولادي؛ حيث أصبحت أعاني من طفلي الكبير أكثر من الصغير الذي هو على رأس البنت، وأصبح طفلي يتصرف بطريقة غريبة، ومنها الآتي:
1) أصبح عنيدا جدا.
2) أصبح لا يسمع الكلام سواء مني أو من أبيه.
3) أصبح عدوانيا على أخيه، وأحيانا يده تطول على أبيه.
4) أراه حزينا أحيانا ويضع إبهامه في فمه، ولكنه الآن زاد لدرجة كبيرة.
5) لا يلعب بالأشياء التي تخصه، بل يلجأ إلى إحداث الفوضى في محتويات البيت مرات متكررة رغم التنبيه عليه، مما يجعل أخوه الأصغر يقلد كل شيء يفعله.
6) كثير الصراخ والعصبية.
وأريد أن أنوه لكم أن هذه الصفات لم تكن موجودة عنده قبل الإنجاب، ولكن بعد وجود الطفلة أصبح كذلك.
السؤال الثاني: هو أن طفلي الثاني ذو السنة وتسعة أشهر كان ينام بجانبي قبل الإنجاب، وبعد الولادة وضعته مع أخيه في نفس الغرفة لكي يبتعد عني، ويقبل الوضع الحالي، ولكن الواقع أنه لم يتقبل النوم مع أخيه في نفس السرير، بل اختار أن يكون وحده في سرير آخر، فهل إخراجه من غرفتي ونومه في سرير آخر يؤثر على نفسيته، أو يسبب له مضاعفات؟
مع العلم أنه أصبح عصبيا وذا مزاج حاد، ويتعلق بأبيه في فترة ذهابي إلى المستشفى، وأصبح يرمي كل شيء من يده، ويضربني بعصبية، بالرغم من أني أحتضنه وأضمه، ولكن للأسف.
الرجاء من فضلكم أن تسرعوا بالرد لكي أعرف طريقة التعامل مع أولادي، ولكم الأجر والثواب.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غربة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب، وثقتك فيما يقدمه هذا الموقع، ونسأل الله تعال أن يحفظ لك ذريتك، وأن يجعلهم من الصالحين.
التصرفات التي تبدو من ابنك الأكبر هي تصرفات طبيعية، ونشاهدها في حوالي أربعين إلى خمسين بالمائة من الأطفال، والعوامل التي تدفع الطفل لمثل هذا التصرف من أهمها:
- أنه -بفضل الله تعالى- هنالك تقارب كبير بين أعمار أطفالك، والطفل الأكبر تعود على وضع أنه لا منافس له، وكان يتمركز عليه الاهتمام والعطف، وتستجاب طلباته، ولا يوجد من ينافسه، فالآن بعد أن ولد الأخ الثاني هذا ولد فيه شيئا من الغيرة، وبعد أن ولدت أخته الصغرى لا شك أن غيرته قد ازدادت كثيرا، وتصرفاته هذه هي نوع من الاحتجاج، وصرخة من أجل المساعدة وليس أكثر من ذلك.
الطفل لا يصاب باكتئاب حقيقي، ولكن قد يصاب بنوبات شديدة من الاحتجاج يعبر عنها بالصراخ بالعناد، وبما نسميه بالنكوص، أي أنه يرجع إلى فترة تطورية سابقة، وهذا يظهر أن هذا الابن –حفظه الله– بدأ يضع أصبعه في فمه ويمص إصبعه، وهذا علامة من علامات النكوص الذي نشاهده حين يكون الطفل محتجا على وضعه.
ونفس الأعراض ظهرت على ابنك الثاني، ولكنها بصورة أقل، إذن هذه هي الناحية التشخيصية لحالة الأطفال -أسأل الله أن يحفظهم-.
الجانب الآخر: نعرف تماما أن الكثير من الأمهات بعد الولادة ربما يصبن بشيء من عسر المزاج، وهذا بالطبع يقلل من صبر الأم وتحملها تصرفات أبنائها، أنا لا أريد أن أقول أنك مكتئبة، ولكني أعتقد أنك في وضع الآن قل فيه تحملك أيضا، وهذا جعل صبرك قليلا بالنسبة لتصرفات ابنك، بالرغم من قناعتك الداخلية أن هذه تصرفات متوقعة وهي شيء من الغيرة، خاصة أن عمر الأطفال متقارب، وكما ذكرنا أنك قد انتهجت منهجا تربويا قربت فيه أطفالك لك أكثر مما كان من المفترض أن يحدث، وهذا شيء طبيعي جدا.
إذا الذي أرجوه منك: هو أن تتفهمي طبيعة الذي يحدث؛ لأن تفهمك لهذه التصرفات التي تصدر من أبنائك سوف تجعلك -إن شاء الله- أكثر تحملا.
ثانيا: اعرفي أن هذه التصرفات وهذا النوع من المسلك هو فترة مرحلية سوف تنقضي بإذن الله.
وبالنسبة لطفلك الأكبر: لابد أن تشعريه أنه الأكبر، وأنه لا زال له وضعه، ولا زال له اعتباره، ويجب أن تحفزيه وأن تكافئيه، وفي نفس الوقت يجب أن تتجاهلي تماما صراخه وعناده، وتكون مكافأته واحتضانه وتقبيله وتقريبه وإثابته حين يكون أكثر هدوءا، بمعنى إذا تصرف تصرفات سلبية فإنه ينهى النهي البسيط دون أي نوع من التعنيف مع شيء من التجاهل، وحين يكون هادئا هنا تتقربين إليه وتكافئينه، وأود منك أيضا أن تجعليه يهتم بأخته الصغيرة، على سبيل المثال: يساعدك في تحضير الرضاعة لها، ويعطيها بعضا من ألعابه، واجعليه يقبلها، وهكذا.
ابني هذه العلاقة بينه وبين أخته، هذا -إن شاء الله- سيقلل كثيرا من رفضه لها، واجعليه أيضا يلعب مع بقية الأطفال إذا كان هنالك وسيلة لذلك، فهو الآن من المفترض أن يكون في الروضة، فإذا تيسر ذلك فأعتقد أنه إذا قضى ساعات خارج المنزل فسوف يحضر أكثر شوقا لأخته ولأخيه ولك، وهكذا، واختلاطه مع بقية الأطفال أيضا سوف يعطيه مهارات جيدة تساعده إ-ن شاء الله- في بناء شخصيته.
هذه هي الأسس التي ننصح بها، ولا توجد أي أسس أخرى، وأنت بالنسبة لك عليك أن تتحينين الوقت الذي يكون فيه الأطفال نائمين، لتأخذي أنت أيضا قسطا من الراحة؛ لأن الإجهاد النفسي إذا وقع عليك هذا أيضا سوف يقلل من تحملك.
وأريدك دائما أن تتذكري أن هؤلاء الأطفال هم نعمة كبيرة من نعم الله عليك، فكم من الناس لم ينجبوا أطفالا، وكم من الناس ليس لهم ذرية، فحاولي أن تنظري إليها كنعمة عظيمة -وهي كذلك-، وحين تحدث لك هذه المضايقات دعمي مشاعرك الداخلية بتذكر ما أنعم الله تعالى به عليك، واسألي الله أن يحفظهم وأن يرعاهم، وأن يجعلهم من الصالحين.
أما بالنسبة لطفلك الثاني: فيعامل على نفس المبادئ، بأن نشعره باعتباره، وبأن نتجاهل سلبياته، وأن ندعم الإيجابيات.
وفيما يخص النوم: أعتقد أنه من الأفضل أن ينام في سرير وحده في غرفة أخيه، أي أن يكون في الغرفة سرير له وسرير لأخيه، وهذا جيد، وهذا سوف يساعد أخاه أيضا، ويعطي الأطفال شيئا من الاستقلالية واعتبار الذات، وأن يشعر الطفل أنه أصبح له كينونته وله ما يمتلكه، وهذا أيضا يساعد الأطفال كثيرا.
ولا شك أن زوجك الفاضل يجب أن يساعدك، ويجب أن ينتهج نفس المنهج مع الأطفال، أي حين التشجيع يجب أن يشجع، وحين التوبيخ البسيط ينبغي أن يوبخ، وحين التجاهل يجب أن يتجاهل، لابد أن يكون نمط التربية والمعاملة ومحاولة تعديل السلوك لدى الأطفال متطابقا بين الوالدين، هذا ضروري ومهم.
يجب أن تكون الرسالة التي تصل إلى الأطفال وأي فعل تربوي حيالهم يجب أن يتفق عليه الوالدان، ويجب أن يكون متطابقا، هذا أيضا من أصول التربية التي تعدل كثيرا من مسالك وسلوك الأطفال، نسأل الله تعالى أن يحفظ لك أولادك، وأن يجعلهم من الصالحين، ويقر عينك بهم.
وبالله التوفيق.