السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي قريب يعاني من حالة حادة من الذهان يصاحبها اكتئاب - كما شخصها أطباء في الأردن -، وهو يتناول (Rispal 4) يوميا، بالإضافة إلى (Lorance)، وكثيرا ما تحصل له انتكاسات تؤثر على دراسته وتسبب الاضطراب الشديد لذويه، كما أنه لا يصلي إلا إذا ساءت حالته، وهو يدخن كثيرا ويرسب في كثير من المواد في الجامعة.
علما بأنه يدرس الهندسة، وأكثر ما يجد فيها من صعوبة هي الدوام في المختبرات، فهل هو مسؤول تماما عن كل ما سبق ويعاتب على تقصيره؟ وهل هناك أمل بشفائه تماما بإذن الله، أو أن ينهي دراسته بنجاح وأن يبقى مسيطرا على وضعه بالأدوية؟!
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بلال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فيجب أن أوضح لك أولا أن ضوابط أخلاقيات المهن الطبية بصفة عامة قد تكون مقيدة لنا بأن نتحدث وبأن نحكم عن أشخاص دون إذنهم أو دون تواصلهم المباشر، بمعنى أن قريبك هذا أعرف علاقتك به، وأعرف أنك تريد له كل خير، ولكن هذه القضية قضية أخلاقية جدا أن نتحدث أو ندلي بآراء عن أناس دون إذنهم ودون تواصلهم معنا، وفي نفس الوقت نحاول أيضا أن نرضي الأهل والأقرباء، هذا الموضوع فيه الكثير من النقاش وفيه الكثير من الأخذ والرد.
وما نقوله من رأي يجب ألا يتخذ حكما على هذا الشخص، بمعنى أنه ليس من حقي وليس من حقك أن نتخذ إجراءات أو تحوطات معينة بناء على ما سوف نذكره، وحالة هذا الأخ ما دامت هي حالة اضطراب ذهاني مصحوبة بالاكتئاب، تعتبر من الحالات النفسية الهامة التي يجب أن تعامل بكل عناية وبكل التزام.
المريض حين يكون في قمة النوبة الذهانية يفتقد الارتباط بالواقع، ويكون حكمه على الأمور غالبا مختلا وغير سليم، وهنا لا شك أنه غير مسئول عما يبدر منه من تصرفات.
مرضى الذهان تأتيهم حالات من الاستقرار العقلي لدرجة كبيرة، وهذا يكون بمساعدة العلاج في أغلب الحالات، وفي هذه الحالة يكون الشخص مسئولا تماما عن تصرفاته، هذا النوع تم شفاؤه تماما بفضل الله.
وسوف أعطيك الإحصاءات العالمية، فحوالي خمسة وثلاثين بالمائة من مرضى الذهان يشفون شفاء تاما بإذن الله، خاصة إذا لم يكن لديهم تاريخ مرضي في الأسرة، بمعنى أن العوامل الوراثية غير موجودة، وأربعون بالمائة من هؤلاء الناس يظل لديهم درجة من الأعراض، ولكن هذه الدرجة من الأعراض لا تعيق حياتهم، بمعنى أنهم يمكن أن يتسايروا مع الحياة بصورة معقولة، خاصة إذا شجعوا وتم تأهيلهم ومساعدتهم، ويمكن للواحد منهم أن يقوم بدوره الاجتماعي ويقوم بأداء واجباته الدينية، وإذا كان لديه دراسة يمكن أن يواصل هذه الدراسة.
يبقى الجزء الأخير وهو عشرون إلى خمسة وعشرين بالمائة، هؤلاء بكل أسف يظل مرضهم مرضا مطبقا عليهم، وفي هذه الحالة لا يحدث شفاء والله أعلم.
بالنسبة لهذا الأخ أسأل الله تعالى أن يجعله في المجموعة الأولى أو على الأقل في المجموعة الثانية ولا يكون في المجموعة الثالثة.
بالنسبة لإنهاء الدراسة فسوف يتعلق بحالته الذهانية، وبكل أسف تعتبر دراسة الهندسة من الدراسات الضاغطة التي تتطلب الكثير من التركيز، ويعرف أن الأمراض الذهانية تقلل من تركيز الإنسان، وحتى الأدوية ربما تساهم أيضا في ذلك لدرجة بسيطة.
عموما يجب ألا يكون هذا حكما سلبيا عليه، ولكن نتوقع أن تحدث له عثرات في الدراسة، وإذا التزم بعلاجه ووجد المساندة والتشجيع، ووجد المساعدة في إدارة وقته من أجل المذاكرة؛ فهذا قد يساعده ويجعله إن شاء الله ينهي دراسته بنجاح، وأرجو أن يستمر على الأدوية لأن تناول الأدوية ضروري، وكل التوجهات العلمية تشير أن الجرعة الوقائية هي مهمة مثل أهمية الجرعة العلاجية، وختاما نشكرك على اهتمامك بهذا الأخ.
وبالله التوفيق.