السؤال
ابنتي الصغيرة - عمرها خمسة أعوام - تتفنن في إغاظتي بشتى الوسائل، فعندما أريد التحدث في الهاتف أو عبر الإنترنت مثلا تفتعل حالة من الصراخ والثرثرة، والحركة الزائدة عن المألوف، وهي دائما كثيرة الشغب.
علما بأن لها أخا يصغرها عمره سنة ونصف، وقد مررنا قبل بظروف قاسية، وهي ذهاب زوجي للعمل بالخارج وهي تحبه كثيرا، وعند وداعه ظنت أننا سنذهب معه، ومنذ ذلك اليوم وهي مضطربة المشاعر، ولكننا التحقنا بأبيها ولله الحمد، فما الحل معها؟
ولكم من الله الأجر الجزيل.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سناء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأود أن أؤكد لك أن مثل هذه التصرفات هي تصرفات مرحلية عادية في حياة الكثير من الأطفال، خاصة الطفل الأول؛ لأن الطفل الأول ينشأ بطريقة خاصة ويمتلك بعض الآثار من والديه، وهذا يجعله يطالب بالمزيد ويحتج احتجاجا صارخا إذا حاولنا أن نأخذ منه أيا من المنافع والمميزات التي اكتسبها سابقا.
وما يقوم به الطفل من ضجيج وصراخ حين تتكلمين على التليفون أو ما شابه ذلك، هو محاولة لإثبات الذات وللفت النظر، والتجاهل في هذه الحالة هو من أفضل الطرق التي تؤدي إلى تقلص والقضاء على السلوك السلبي من جانبنا.
الطفل يحاول أن يعزز ذاته فيحاول أن يلفت النظر إليه ويحاول أن يثبت وجوده، وإذا تفاعلت معها حتى وإن كان هذا التفاعل سلبيا بمحاولة إسكاتها وتأديبها هذا أيضا سوف يدعم ويحفز السلوك السلبي.
إذن العلاج الرئيسي هو التجاهل في الأوقات التي تحاول الطفلة فيها شد الانتباه إليها، وفي ذات الوقت يجب أن تكافأ في أوقات الهدوء، حينما تكون هادئة يجب ألا تتركي هذه اللحظات تمر، يجب أن تستثمري هذه اللحظات وذلك باحتضانها وتقبيلها وإثابتها ومكافئتها، وهكذا.. هذا يجعلها إن شاء الله تتناسى وتقلص السلوك السلبي.
الشيء الآخر وهو ضروري أنه يمكنك أن تطبقي معها طريقة النجوم، فهي الآن عمرها خمس سنوات، وهذه الطريقة طريقة سلوكية ممتازة جدا. فحاولي أن تثبتي لوحة على الحائط فوق سرير الطفلة، واتفقي معها أن أي يتصرف إيجابي تقوم به سوف تقومين بإعطائها ثلاثة نجوم على هذا السلوك، وسوف تسحبين منها نجمة إلى ثلاث نجوم في حالة التصرف السلبي وذلك حسب نوع وحجم التصرف السلبي الذي بدر منها، ولابد أن تعرف أنها سوف تستبدل عدد النجوم في نهاية الأسبوع بهدية حسب عدد وقيمة النجوم التي سوف تكتسبها.
هذا المنهج السلوكي هو منهج فعال إذا طبق بحذافيره وبالتزام، فأرجو أن تلجئي لهذا المنهج أيضا.
ثالثا: يجب أن تتاح الفرصة للطفلة بأن تلعب مع بقية الأطفال، اجعليها تختلط وتلعب مع بقية الأطفال، فالطفل يتعلم من الطفل أكثر، ويتحسن مزاجه حين يكون بين أقرانه، وهذا لا شك أيضا أنه سوف يتيح الفرصة لك بأن تبعد عندك أو منك قليلا.
هذا علاج سلوكي ممتاز، وسوف يفيدها كثيرا، وأود أن أنصحك بأن تعامليها أنت ووالدها على نفس النهج ونفس النمط، لا أريد أحدكما أن يشد عليها ويرخي الآخر، لا، هذا ليس بالصحيح، يجب أن تكون المعاملة واحدة ومتناسقة ومتناغمة، يجب أن نرسل رسالة واحدة للطفل، هذا يجعل الطفلة أكثر اطمئنانا ويتغير سلوكها نحو ما هو إيجابي.
بقي هناك أمر أخير وددت أن أذكره، فأنا أعرف أن كثيرا من الأمهات قد يكون هنالك تصرفات بسيطة من الأطفال يصعب تحملها، ولكن الأم نفسها قد تكون لديها صعوبات نفسية كالقلق أو الاكتئاب أو هكذا، وهذا يقلل من صبرها.
ولا أقول لك أنك مصابة بأي من هذه الأشياء، ولكن وددت أن أنبهك إذا أنت ترين أن هنالك تغيرا في مزاجك أو في درجة تحملك لتصرف ابنتك فلابد أن تراجعي نفسك، وإذا كان هنالك حاجة للعلاج بالنسبة لك يجب أن تنظري في هذا الأمر.
هذه مجرد ملاحظة نلاحظها ونشاهدها من ممارساتنا العلاجية اليومية على مدى السنين الماضية، نسأل الله لطفلتك الحفظ وكذلك لجميع ذريتك وأن تكون من الصالحات الناجحات، وأؤكد لك تماما أن هذه مراحل آنية وتنتهي تلقائيا، ولكن إذا طبقت الوسائل السلوكية السابقة التي ذكرناها هذا سوف يساعدك ويساعد ابنك.
وبالله التوفيق.