المعاملة القاسية من الآباء تترك بعض الآثار النفسية على الأبناء والبنات

0 362

السؤال

أنا امرأة متزوجة منذ ثلاث سنوات وليس عندي أطفال، وعندما كنت في بيت أبي كان يضربني كثيرا منذ صغري حتى يوم زواجي، فكرهت كل أفكار أبي وتصرفاته، ودفعتني قسوته لفعل أشياء كثيرة لا يحبها، وحينما تقدم زوجي وافق عليه، لكني لم أكن موافقة عليه بسبب كرهي لأي شخص يوافق عليه أبي.

وقد ظللت أكره زوجي حتى يوم عقد قراني، ولكني حاولت أن أتأقلم معه وأحبه فوجدته إنسانا رائعا، لكن مشكلتي معه أني عصبية وسريعة الانفعال، ودائما أقارن بينه وبين أبي وأغضبه كثيرا، مع أنه إنسان رائع حيث لم يضربني مطلقا، وأريد أن أبتعد عن إغضاب زوجي وإحزان قلبه، لأني دائما أغضبه وأعتذر، لكني لا أشعر بالراحة من هذه التصرفات التي تجعلني دائما أحس بالذنب، وقد صرت أبكي دائما لأتفه الأسباب، فانصحوني نصائح عملية، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ فاطمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

فلا شك أن المعاملة القاسية من الآباء ربما تترك بعض الآثار النفسية على الأبناء والبنات، ولكننا يجب أن نتسامح ويجب أن نعرف أننا ملزمون بأن نبر آباءنا، وفي نفس الوقت يجب أن نتذكر دائما أن هذه القسوة التي قد تصدر من بعض الآباء هي ليست مقصوده، إنما هي قائمة على مفاهيم تربوية خاطئة، أو تكون هي جزء من منظومة التفكير الذي يتبعها هذا الوالد في التربية.

ونعرف تماما أن كثيرا من الآباء والأمهات الذين يتعاملون بصورة فظة مع أبنائهم يشعرون بعد ذلك بالندم وإن كانوا لا يعلنون ذلك، وهذا ناتج من أن حب الآباء والأمهات لأبنائهم هو حب فطري وغريزي، فأرجو أن تطمئني وأرجو أن تجدي لوالدك العذر، وعموما فإن الأمر قد انتهى، وقد أكرمك الله بالزواج وباللقاء مع هذا الزوج الطيب والذي وصفته بأنه إنسان رائع.

ولا أرى سببا لانفعالاتك في الوقت الحاضر ما دمت تعيشين مع زوج فاضل وطيب وفر لك المودة والرحمة والسكينة، فربما يكون سبب انفعالاتك أيضا هو أنه لديك شيء من الاستعداد للغضب وللتوتر ولسرعة الانفعال، وهذا ليس عيبا في شخصيتك، ولكنه أمر يؤدي إلى تصادمات مع الذات ومع الزوج في مثل حالتك، فلذا أنصحك نصائح عملية تتمثل في الآتي:

(1) تذكري دائما أن الغضب ليس بالصفة الحميدة، وأن الغضب قد يؤدي إلى مشاكل وصعوبات كثيرة.

(2) عليك أن تتذكري أيضا أنك إذا غضبت في وجوه الآخرين، فإذا غضب هؤلاء عليك، فهذا لن يكون أمرا مقبولا لديك، هذا نوع من التغيير المعرفي الداخلي يساعد الناس في التحكم في مشاعرهم وعدم إبداء الغضب بقدر المستطاع.

(3) عليك الالتزام بما ورد في السنة المطهرة من تغيير المكان عند الغضب أو بداياته، وكذلك الاستغفار، والوضوء وأن تنفثي على شقك الأيسر ثلاث مرات، فهذه تمارين سلوكية نبوية مفيدة، أريدك أن تجربيها حتى مع نوبات الغضب البسيطة أو حتى مجرد استشعارك بعدم الراحة النفسية، وسوف تجدين فيها إن شاء الله خيرا كثيرا.

(4) عليك بممارسة تمارين الاسترخاء، هناك عدة طرق: هناك طريقة تسمى بـ(طريقة جاكبسون Roman jackobson)، وأعرف أن الإخوة الأخصائيين النفسيين في الكويت قد أشبعوا المكتبة العربية بكثير من الإصدارات التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء، وهناك مجموعة من الكتيبات والأشرطة للأخ الدكتور (صلاح الراشد) والدكتور (بشير صالح الرشيدي)، وآخرون، فأرجو أن تتحصلي على أحد الكتب أو الأقراص الليزرية أو الأشرطة التي توضح كيفية القيام بتمارين الاسترخاء ومواجهة حالات الغضب والتوتر، وحبذا لو سمحت ظروفك وذهبت إلى أحد هذه العيادات ليقوم أحد المختصين بتدريبك على تمارين الاسترخاء.

(5) ممارسة الرياضة أيضا وجدت أنها مفيدة في تقليل القلق والتوتر.

(6) أرجو أن تستثمري اللحظات الطيبة مع وزجك حين تكوني في وضع استرخائي وراحة نفسية، حاولي أن تستثمري هذه الأوقات الطيبة معه بصورة جميلة، وهذا قطعا سوف ينسيه انفعالاتك إذا حدثت في وقت لاحق.

(7) أنصحك بأن تعبري عما بداخلك أولا بأول، ولا تحتقني؛ لأن الإنسان حين يسكت عن أشياء بسيطة وغير مرضية؛ هذا يؤدي إلى احتقانات نفسية كثيرة.

(8) هناك بعض الكتيبات التي أراها جيدة وإرشادية، أرجو أن تضيفيها إلى مكتبتك منها كتاب (لا تحزن) للدكتور (عائض القرني)، وهناك كتاب (دع القلق وابدأ الحياة) مترجم، وهو (دانيال كارنيجي)، ولديكم أيضا كتاب جيد كتبه الدكتور (بشير صالح الرشيدي) من الكويت، واسم الكتاب (التعامل مع الذات)، هذه أيضا تجدين فيها الكثير من الإرشاد النفسي الذي أراه مفيدا جدا.

(9) يجب أن لا ننسى الدعاء، فعليك أن تدعي لنفسك بأن يرفع الله عنك هذا الغضب وهذا التوتر، وأن يصلح شأنك وأن يوفق ما بينك وبين زوجك.

ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على علاج الغضب والعصبية سلوكيا في الاستشارات التالية: (276143-268830-226699-268701).

نسأل الله تعالى أن يوفق ما بينك ويبن زوجك، وأن يزيل عنك هذا القلق والتوتر، وأرجو أن تكوني أكثر تسامحا مع والدك، وأن تعيشي حياتك بقوة، وأن تنظري لمستقبلك بأمل ورجاء، وأسأل الله أن يرزقك الذرية الصالحة، وأشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات