السؤال
أمضيت عشر سنوات من العمل في قسم واحد في أحد البنوك الإسلامية، ولم أعد قادرة على الاستمرار في القسم؛ لأنني أحس بأن الروتين اليومي يذبحني ويدمرني، بسبب العمل في نفس العمل هذه المدة الطويلة، وأريد أن أنتقل قسما آخر، لكن المشكلة هي كيف أستطيع مواجهة مديري حتى أقنعه بالانتقال؛ حيث أنه معتمد علي في كثير من الأعمال، ولم يقصر معي في شيء، حيث تمت ترقيتي على يده، فكيف أواجهه بهذا الأمر؟ وهل أختلق له عذرا أم أواجهه مباشرة؟!
علما بأني أخاف إن واجهته مباشرة أن ينتقم مني أو يسبب لي مشكلة، وأنا مريضة وأتناول دواء (Zeprexa) و(Cymblta)، حيث إنني مريضة بالاكتئاب المزمن.
فساعدوني وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نجمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بداية - من وجهة نظري - لا توجد لديك مشكلة حقيقية، فأنت الحمد لله في وظيفة مستقرة، وقد أنعم الله عليك بالقبول في عملك، خاصة من جانب المدير المسئول، وقد تمت ترقيتك وأنت في هذه الوظيفة، فأنا لا أعتقد أن هنالك مشكلة حقيقية بالنسبة لك.
لا أعتقد أن الشعور بالروتين والملل سبب مقنع لأن يغير الإنسان مكان عمله؛ لأن الذهاب إلى المجهول أيضا قد يسبب مشكلة كبيرة، وأنت الآن في حالة من التكيف والتواؤم في مكان عملك، وأنت تحت العلاج النفسي، والأدوية التي تتناوليها بصراحة تدل أن حالتك الطبية النفسية تتطلب الحرص، والحرص يكون عن طريق الاستقرار الوظيفي والاستقرار الاجتماعي، وفي تصوري أن هذا الآن متوفر بالنسبة لك.
نحن نخاف ونعرف أن أحد أسباب الانتكاسات المرضية النفسية هو فقدان الاستقرار إذا كان هذا الاستقرار على النطاق الأسري أو الاجتماعي أو الوظيفي.
الذي أراه أن تظلي في مكان عملك، وأن تتذكري الإيجابيات والخيرات والنعم التي أنت فيها، وتذكري أن ذهابك إلى قسم آخر سوف يمثل تحديا جديدا، هذا التحدي يتمثل في إثبات الكفاءة، لن تستطيعي أن تعرفي كل متطلبات الوظيفة إلا بعد مرور فترة من الزمن، وأنت ليس لك الضمان الكافي بأن يكون المسئول عنك متفهما، أو حتى زملائك في العمل ربما لا يكونون بنفس السلاسة والقبول، أقول هذا الكلام دون أن أظلم أي أحد أو أسيء الظن بأحد.
الذي يعرف أن الناس حين تنتقل من مكان إلى مكان تصاب بنوع من عدم الاستقرار مهما كان هذا المكان، فأنا نصيحتي لك أن تظلي في نفس مكانك، وأنا أقول لك - وهذه تجربة قد عايشتها - : كان لدينا ممرضة متميزة في القسم وهذه الممرضة عرض عليها ترقية مجزية على أن تنقل إلى قسم آخر، فشاورتني وشجعتها على هذا لأني كنت أعرف أن مصلحتها المادية والوظيفية في أن تذهب إلى قسم آخر، ولكن أتتني بعد ثلاثة أيام بعد أن استخارت واستشارات وقالت لي: أفضل أن أكون معكم لأني مرتاحة غاية الراحة ولا أريد أن أذهب إلى المجهول، فتصوري هذا القرار الذي اتخذته هذه السيدة الفاضلة، ولم يكن قرارا سهلا.. هذا من وجهة نظري..
أما إذا كان لابد لك أن تذهبي إلى قسم آخر فليس من الصحيح وليس من الواجب أن تختلقي عذرا، هذا لا نؤيدك عليه، فإذا كان لابد من أن تنتقلي فاذهبي إلى مديرك واشكريه وقولي له (إني أريد أن أذهب إلى قسم آخر لأني أريد – على سبيل المثال – أن أكتسب خبرة أخرى في مضمار آخر من أقسام العمل).
أنصحك أيضا بأن تقومي ببعض الدراسات أو تحضري بعض الدورات التدريبية في طبيعة عمل القسم الذي تودين الذهاب إليه؛ لأن ذلك سوف يدعم موقفك أمام مديرك الحالي، بمعنى أنه لديك سبب ولديك قدرة ولديك كفاءة ولديك معرفة جديدة تريدين أن تصقليها وتطوريها، هذا سوف يجعله يسمح لك بالذهاب، والشيء الآخر حين تذهبين بمعرفة جديدة وكفاءة معتبرة سوف يقبلك القسم الآخر دون أي تردد.
بقي أن أقول لك ما دمت أنت تنظرين إلى المدير بأنه رجل متميز وقام بترقيتك وهو يعاملك معاملة حسنة، فلا أعتقد أن إنسانا يتصف بهذه السمات الحسنة سوف يكون انتقاميا، هذا هو رأيي وأسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك كثيرا على ثقتك بإسلام ويب.
وبالله التوفيق.