السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
منذ فترة أصبت بأعراض الدوار، لا أتحرك من مكاني ولا أنزل الدرج إلا مصحوبا بصداع قوي بعدها تنعدم الرؤية لـ 5 دقائق، وعندما تعود لي الرؤيا يصاحبني ضيق تنفس لفترة 15 دقيقة بالكثير.
أحيانا أعاني من الأرق، وأحيانا أنام لساعات طويلة تتعدى الـ 18 ساعة، وضعف في الشهية مصحوبة بنحافة.
كان وزني منذ يومين 43 واليوم 38.
أصبحت لا أحب الاجتماعات العائلية بتاتا وفضلت أن أكون انطوائية!
أصبحت مرهفة الإحساس ربما تحصل حساسية لأمور تافهة، أحيانا يصيبني وسواس بالأمراض مثلا، فكلما تأخرت علي الدورة الشهرية شككت بمرض مثل: تكيس المبايض! والآن وسواس من إصابتي بمرض الإيدز ـ لا سمح الله ـ علما بأنني لم أقم بأي فعل حرام.
أرجو منكم الحل لأنني تعبت!
وشكرا لكم مقدما.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه يوجد مكون نفسي في أعراضك، وفي ذات الوقت سوف يكون من المهم أيضا في نظري أن تقومي ببعض الفحوصات العضوية البسيطة وذلك حتى نطمئن تماما على حالتك، والمكون النفسي يتكون في شعورك بالقلق وبالوساوس، وهذه الانطوائية والحساسية وتعكر المزاج، والقلق حول المستقبل.. هذه كلها أعراض تدل على وجود (قلق المخاوف)، وقلق المخاوف يجعل الإنسان دائما في هم وشيء من الكدر البسيط.
بالنسبة لأعراض الدوار الذي أتاك حين تحركك من مكانك، وكذلك الشعور بالصداع، ربما يكون له أسباب تتعلق بالأنف والأذن والحنجرة، حيث إن التهاب الأذن الداخلية أو الإصابات الفيروسية التي تلحق بجهاز التوازن عند الإنسان كثيرا ما تؤدي إلى مثل هذه الحالات، وهذه الالتهابات والإصابة بالفيروسات هي حالات شائعة وهي حميدة جدا ويمكن علاجها عن طريق مقابلة طبيب الأنف والأذن والحنجرة، وهنالك عقار يعرف تجاريا باسم (بيتاسيرك Betaserc) ويعرف علميا باسم (Betahistine dihydrochloride) يعتبر من الأدوية الجيدة والفعالة جدا لعلاج مثل هذه الحالات، ولكن لابد بالطبع من أن يكون هنالك تشخيص قبل الشروع في العلاج.
في بعض الأحيان القلق قد يسبب الشعور أيضا بالدوار، ولكن ليس على هذا المستوى، وهناك أمر آخر وهو: بما أنك نحيفة وافتقدت بعض الوزن لابد أيضا من أن نتأكد من قوة الدم لديك؛ لأن نقصان الـ (الهيموجلوبين Hemoglobin) يؤدي أيضا إلى الشعور بالإنهاك والدوار وقد تنعدم الرؤيا كما يحدث لك.
ومن الفحوصات التي يجب أن تقومي بها هو فحص الدم للتأكد من قوته، وهذا فحص بسيط جدا ولا يتطلب أي إمكانيات طبية كبيرة، فأرجو أن تقومي بهذا الفحص لأنه سوف يجعلنا أكثر اطمئنانا.
الخوف من الأمراض كالإيدز وخلافه أنا أجد لك العذر في هذه المخاوف؛ لأن هذه الأمور أصبحت شائعة وكثر فيها الكلام والآن أصبح يأتينا من هو متخوف قد أصيب بأنفلونزا الخنازير، ولا نعرف ماذا سوف يحدث غدا، لكن عليك أن تتوكلي على الله وذكرك نفسك بقوله تعالى: (( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون ))[التوبة:51]، وقوله تعالى: (( له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله ))[الرعد:11]، واسألي الله تعالى أن يحفظك ويبعد عنك الشر، وسؤال الله تعالى دائما العافية، وقطعا أنت لست مصابة بالإيدز بفضل الله تعالى، ولكنه هو مجرد هم وغم وخوف نسأل الله أن يزيله عنك تماما.
أنا سوف أصف لك علاجا دوائيا فاعلا، ولكن عليك ضرورة الالتزام به، وهو العقار يعرف تجاريا باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علميا باسم (استالوبرام Escitalopram)، أرجو أن تبدئي في تناوله بجرعة خمسة مليجرام (نصف حبة) – الحبة بها عشرة مليجرام – ليلا بعد الأكل لمدة عشرين يوما، ثم بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة (عشرة مليجرام) واستمري عليها لمدة ستة أشهر.
وأعتقد أنك لا تحتاجين لزيادة الجرعة، حيث إن الجرعة من هذا الدواء يمكن أن تصل إلى عشرين مليجراما في اليوم، ولكن لا أعتقد أنك في حاجة لذلك.
استمري – كما ذكرت لك – على جرعة العشرة مليجرام يوميا لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى خمسة مليجرام ليلا لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.
الدواء من الأدوية الطيبة المضادة للقلق والتوتر والمخاوف والوساوس، وهو محسن معروف للمزاج، وهو غير إدماني وغير تعودي، ولا يؤثر مطلقا على الهرمونات النسوية.
بقي أن أقول لك أنه من الضروري جدا أن تتناولي غذاء متوازنا، لابد أن يشمل غذائك لكمية كافية من البروتين وشيء من النشويات وقليل من الدهنيات، أرجو أن تركزي أيضا على الخضر والفواكه، ويا حبذا لو تناولت شيئا من العسل وحبة البركة، هذه كلها إن شاء الله فيها خير وبركة كبيرة جدا لك.
ويا حبذا أيضا لو قمت بممارسة رياضة بسيطة مثل رياضة المشي؛ لأن الرياضة تحرك الدورة الدموية وتجعل الطاقات النفسية الإيجابية أكثر فعالية وتزيل الطاقات النفسية السلبية.
أرجو منك أن تجعلي لحياتك معنى وفعالية، وذلك بالتواصل مع صديقاتك خاصة من الخيرات، احضري مجالس العلم، اذهبي إلى مراكز تحفيظ القرآن، ركزي على دراستك، تواصلي مع أرحامك، اجعلي قدوتك من الصالحات والخيرات والطيبات، هذا كله علاج وهو علاج مفيد جدا، وحقري كل أفكار الخوف واعرفي أنك في حفظ الله وفي حرزه وفي رعايته.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وإن شاء الله باتباعك ما سبق من إرشاد وتناولك للدواء سوف تجدين أن حياتك قد تغيرت بصورة إيجابية جدا، ونسأل الله لك العافية والشفاء.
وبالله التوفيق.