السؤال
السلام عليكم.
أول شيء أريد أن أشكركم على هذا الموقع لما يقدمه لنا من نصائح وإرشادات.
في الحقيقة لم أدر كيف أبدأ وصف حالتي.
أنا دائما أشك في أنني مريض بمرض القلب؛ نظرا للأعراض التي تأتيني وهي آلام في الصدر، وكأن صدري مملوء بالهواء ولا أستطيع التنفس، وآلام خلف الرأس في الأعلى ليست بالمؤلمة، وكأني أحس بدوران خاصة أثناء النوم أخاف من النوم وأبقى في مكاني وتأتيني هذه الأعراض في الليل كثيرا، كما أحس بانسداد الأذنين كذلك.
ذهبت إلى طبيب مختص في أمراض الصدر والرئتين والحساسية فقال لي:
ليس لديك أي حساسية أو ربو، وقلبك سليم، وما هي إلا أعراض قلق، فأعطاني هذه الأدوية:
Lysanxia، Sulpiride,calcibronat
لكن في الحقيقة لم أقم بشراء هذه الأدوية بما أن المرض ليس بمرض عضوي، وزيادة على ذلك خشيت أن أصبح مدمنا عليها.
بعد زيارة الطبيب خرجت مرتاحا نفسيا واستمريت في حياتي، ولكن بعد مدة عادت إلي الأفكار وبدأت أقول في نفسي: إن ذلك الطبيب ليس مختصا في مرض القلب، وكيف أنه قال لي أن قلبك سليم؟
مع العلم أنني كنت أمارس رياضة كرة القدم بانتظام في الجامعة وكنت أنا صاحب المبادرة لدى أصدقائي في جمع الفريق، وأنا صاحب كل المباريات التي تبرمج، ولكن بعد خروجي من الجامعة انشغلت بالبحث عن العمل وبهذه الأفكار حتى احتار أصدقائي مني بسبب ابتعادي عن ممارسة الرياضة، ودائما أتحجج لهم بعدم كفاية الوقت لي، وأنا في الحقيقة أتعب فقط بمجرد سماع أصدقائي يتكلمون عن برمجة لقاء في كرة القدم وأتحجج لهم بانشغالي.
كما أنني أعاني من اكتئاب نظرا لخروجي من الجامعة ولم أجد عملا وندمت على الأيام التي مرت والتي درست فيها ولم أبحث عن عمل.
كما أنني أرتاح دائما عندما أقرأ المواضيع المكتوبة في إسلام ويب، كما أنني مارست العادة السرية كثيرا كعمل للارتياح النفسي لكن أحزن كثيرا بعد ذلك.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، وعلى اطلاعك على هذا الموقع بصورة مستمرة، فنسأل الله تعالى أن ينفعك بما تطلع عليه.
فقد وصفت حالتك بصورة واضحة ودقيقة جدا، وهذه الحالة التي تعاني منها نسميها بالمراء المرضي أو المخاوف المرضية، وبالطبع أنت لست الوحيد في هذا النوع من الشكوى، فيعرف أن القلب هو مركز الحياة الظاهر، وأمراض القلب كثرت في هذا الزمان وكثر موت الفجاءة الذي يكون سببه اضطرابات القلب، وهذا أدى حقيقة إلى الشعور بالخوف من مرض القلب تولد هذا الخوف ونمى وأدى إلى الكثير من القلق والتوتر، ولذا حين تأتي هذه الآلام العضلية -ويجب أن أكرر أنها آلام عضلية في الصدر وليس أكثر من ذلك وليس لها أي علاقة بالقلب- هذه الآلام العضلية الناتجة من انشداد العضلات والتي تؤدي إلى شعور بنوع من الكتمة وصعوبة في النفس لدى بعض الناس تجعل الناس يعتقدون أن هذا ناتج من مرض في القلب؛ لأن أمراض القلب الحقيقية أيضا فيها ألم في الصدر وفيها كتمة في النفس وإن كان نوع الألم مختلفا تماما، فهو ألم ضاغط وثقيل ويكون مصحوبا بتعرق وهكذا.
عموما هذه الحالة كما ذكرت لك هي نوع من المراء المرضي، وهي دليل على القلق، وكما ذكرت لك أن هذا القلق مرتبط بما نشاهده حولنا في البيئة، وربما تكون أيضا شخصيتك لديها بعض الاستعداد لهذا النوع من المخاوف.
لقد أحسنت كثيرا حين قلت أنك ذهبت إلى طبيب أمراض الصدر وخرجت مرتاحا جدا، وبعد فترة من الوقت أتتك هذه الوسواس مرة أخرى أن هذا الطبيب ليس مختصا في القلب وهكذا، وبدأت الأعراض تعاودك، هذا وضع مثالي جدا وهذا الذي نشاهده، فالناس حين يذهبون إلى الأطباء يطمئنون لفترة قصيرة، وبعد ذلك تعاودهم هذه الوساوس القلقية مرة أخرى.
أنا أؤكد لك أن حالتك لا علاقة لها مطلقا بأمراض القلب، وأسأل الله تعالى أن يكون الشرح الذي سردته لك كافيا ويساعدك، ومن هنا أقول لك: لا تتردد على الأطباء، لا تذهب إلى الأطباء بصورة متكررة، يكفيك أن تذهب لطبيب الأسرة -أي طبيب مختص في الأمراض الباطنية- عاوده مرة واحدة كل ستة أشهر، وذلك من أجل الفحص العام وليس هنالك أي حاجة لمعاودة الطبيب أكثر من ذلك إلا إذا طرأ طارئ لا قدر الله.
الشيء الآخر أقول لك: أنت في حاجة للأدوية المضادة للمخاوف القلقية، والأدوية التي وصفها لك الطبيب لا بأس بها، ولكن أعتقد أن الدواء الأول (Lysanxia) ربما يؤدي فعلا إلى نوع من التعود، والدواء الثاني (سلبرايد Sulpiride) هو علاج صحيح جدا، أما الدواء الثالث (Calcibronat) فهو ليس معلوم لدي، وأنا أرى أن أفضل دواء تتناوله هو العقار الذي يعرف تجاريا باسم (تفرانيل Tofranil) ويعرف علميا باسم (امبرمين Imipramine)، أنا حقيقة قصدت أن أصف لك هذا الدواء لأنه ليس مكلفا من الناحية المادية وأنت لا تعمل -أسأل الله لك فرصة لوجود عمل-.
تبدأ في تناوله بجرعة خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى خمسين مليجراما ليلا، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة وعشرين مليجراما ليلا لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.
أما بالنسبة للسلبرايد أريدك أيضا أن تتناوله فهو دواء سليم وممتاز ومضاد للقلق المتعلق بالمخاوف المرضية، تناوله بجرعة خمسين مليجراما (كبسولة واحدة) صباحا ومساء لمدة ستة أشهر، ثم أنقص الجرعة إلى كبسولة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذه هي العلاجات الدوائية التي أراها مفيدة جدا وسليمة جدا في حالتك وغير مكلف أيضا.
من الضروري أن أقول لك أيضا أن تمارس الرياضة، فالرياضة تمتص الطاقات النفسية السلبية وتبني طاقات إيجابية، كما أنها تقلل من هذا المراء المرضي، وعليك بالطبع أن تتوقف عن العادة السرية، فهي عادة قبيحة ومذمومة تؤدي إلى القلق والاضطراب الداخلي، والشعور بالذنب، وتؤدي إلى اضطرابات جنسية كثيرة، وتجعل الإنسان ينغمس في خيال وأحلام يقظة مرضية، فأرجو أن تتوقف منها، وأسأل الله تعالى أن يسهل لك أمر الزواج.
كما ذكرت لك أرجو أن تبحث عن عمل، والعمل ضروري، والتأهيل عن طريق العمل يعتبر علاجا جيدا ومفيدا. وأنصحك أيضا أن تنخرط في الأعمال التطوعية والأعمال الخيرية، فهي تجعل الإنسان يحس بالرضا وتزيل هذا القلق والتوهم المرضي.
أسأل الله تعالى أن يهدينا ويهدي جميع المسلمين لما هو خير، وأوصيك ونفسي أن تكون حريصا على أداء الصلاة في المسجد، وقراءة القرآن، وكن حريصا على وردك اليومي، واحضر حلقات العلم، وعليك بالدعاء، وعليك بالأذكار، وأسأل الله لك العافية، وأشكرك مرة أخرى على التواصل مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.