السؤال
السلام عليكم.
فأنا شاب في العشرين من العمر، أدرس بكلية الطب البشري وأحافظ على أداء صلواتي بالمسجد، تتلخص مشكلتي في وفاة والدتي منذ سنتين ونصف السنة، والتي كانت بالنسبة لي كل شيء في الحياة، حيث توفي أبي وأنا في الثالثة من عمري، أي: أنني عندما فتحت عيني على الحياة لم أجد سوى أمي، فكانت هذه الصدمة كالزلزال الذي هز جوانب حياتي كلها، فمنذ ذلك الوقت وأنا أرفض المذاكرة بصورة غير طبيعية، وبالتالي ترتب على ذلك عدم دخولي للامتحانات لعامين متواليين، فلا زلت بالفرقة الثانية في حين أن أقراني -والذين يشهدون بأنهم كانوا أقل مني في المستوى الدراسي قبل ذلك- الآن بالفرقة الرابعة.
توجهت بعد وفاة والدتي بفترة قصيرة إلى المخدرات، وشعرت حينها أن الدنيا قد أغلقت أبوابها في وجهي، ولكن الله من علي بأن أصبت بمرض الاكتئاب والذي غير مسيرة حياتي إلى حد ما، فقد رجعت إلى ربي وتبت عن الخطايا والمعاصي التي قد كانت أهلكتني، ثم لجأت إلى العلاج بالرقى الشرعية وإلى الطب النفسي ولمدة عامين، فلم يحدث إلا أن اختفت بعض الأعراض الجسمانية الاكتئابية، ولكن ما زلت أشعر بضياع الهوية وضعف الرغبة في مواصلة الدراسة.
أنا لي أختان يكبرنني، وهما لا تقصران تجاهي في تقديم الطعام ورعاية أغراضي، لكنهما لا تدركان حقيقة ما أمر به، وتتهماني دائما بالتقصير وتعمد فعل هذا، لأني لا أرغب في المواصلة بكلية الطب، وهذا والله بعيد كل البعد عن الصحة، فأنا أطمح أن أحقق أمنية والدتي في أن أصبح طبيبا يهتم بالمرضى المحتاجين سواء إلى العطف أو إلى المادة، كما تجهلان أنهما السبب في بعض ما أمر به، فالإنسان لا يحتاج فقط إلى المأكل والملبس والمشرب، إنما يحتاج أيضا أن يشعر أن هناك ولو شخصا واحدا بهذا العالم يأبه له ويهتم به ويسانده ويدعمه في محنته، إنني أشعر بوحدة جمة.
نصحني بعض إخواني بالمسجد بالزواج، وذلك لأني بفضل الله أمتلك شقة وبعض المال الذي يساعدني بعد الله على الزواج، ولكن أختاي ترفضان متعللتين بأن هذا سيشغلني عن دراستي، ولكن أين هي دراستي؟ ما أخشاه فعلا أن يكون زواجي جرحا لمشاعر الأختين، فإحداهما ما زالت مخطوبة والأخرى لم يتقدم إليها أحد بعد، كما أنني أصاب كثيرا بالاختناق بعد ممارستي للعادة السيئة، والتي كلما أتوب إلى الله منها ويحرق الندم قلبي أعود إليها مرة أخرى، نظرا لهذا الانحلال الذي نشاهده في كل مكان، حتى طلبي للعلم الشرعي وحفظي للقرآن لا تلبث جذوتهما أن تنطفئ، فأتقهقر إلى الوراء خطوات وخطوات.
دلوني ماذا أفعل، وما هو الحل لمشكلتي؟ وجزاكم الله عني وعن بني جنسي كل خير.