شاب أقلع عن المخدرات ويظن أن الزواج هو بداية طريق التصحيح

0 427

السؤال

السلام عليكم.

فأنا شاب في العشرين من العمر، أدرس بكلية الطب البشري وأحافظ على أداء صلواتي بالمسجد، تتلخص مشكلتي في وفاة والدتي منذ سنتين ونصف السنة، والتي كانت بالنسبة لي كل شيء في الحياة، حيث توفي أبي وأنا في الثالثة من عمري، أي: أنني عندما فتحت عيني على الحياة لم أجد سوى أمي، فكانت هذه الصدمة كالزلزال الذي هز جوانب حياتي كلها، فمنذ ذلك الوقت وأنا أرفض المذاكرة بصورة غير طبيعية، وبالتالي ترتب على ذلك عدم دخولي للامتحانات لعامين متواليين، فلا زلت بالفرقة الثانية في حين أن أقراني -والذين يشهدون بأنهم كانوا أقل مني في المستوى الدراسي قبل ذلك- الآن بالفرقة الرابعة.

توجهت بعد وفاة والدتي بفترة قصيرة إلى المخدرات، وشعرت حينها أن الدنيا قد أغلقت أبوابها في وجهي، ولكن الله من علي بأن أصبت بمرض الاكتئاب والذي غير مسيرة حياتي إلى حد ما، فقد رجعت إلى ربي وتبت عن الخطايا والمعاصي التي قد كانت أهلكتني، ثم لجأت إلى العلاج بالرقى الشرعية وإلى الطب النفسي ولمدة عامين، فلم يحدث إلا أن اختفت بعض الأعراض الجسمانية الاكتئابية، ولكن ما زلت أشعر بضياع الهوية وضعف الرغبة في مواصلة الدراسة.

أنا لي أختان يكبرنني، وهما لا تقصران تجاهي في تقديم الطعام ورعاية أغراضي، لكنهما لا تدركان حقيقة ما أمر به، وتتهماني دائما بالتقصير وتعمد فعل هذا، لأني لا أرغب في المواصلة بكلية الطب، وهذا والله بعيد كل البعد عن الصحة، فأنا أطمح أن أحقق أمنية والدتي في أن أصبح طبيبا يهتم بالمرضى المحتاجين سواء إلى العطف أو إلى المادة، كما تجهلان أنهما السبب في بعض ما أمر به، فالإنسان لا يحتاج فقط إلى المأكل والملبس والمشرب، إنما يحتاج أيضا أن يشعر أن هناك ولو شخصا واحدا بهذا العالم يأبه له ويهتم به ويسانده ويدعمه في محنته، إنني أشعر بوحدة جمة.

نصحني بعض إخواني بالمسجد بالزواج، وذلك لأني بفضل الله أمتلك شقة وبعض المال الذي يساعدني بعد الله على الزواج، ولكن أختاي ترفضان متعللتين بأن هذا سيشغلني عن دراستي، ولكن أين هي دراستي؟ ما أخشاه فعلا أن يكون زواجي جرحا لمشاعر الأختين، فإحداهما ما زالت مخطوبة والأخرى لم يتقدم إليها أحد بعد، كما أنني أصاب كثيرا بالاختناق بعد ممارستي للعادة السيئة، والتي كلما أتوب إلى الله منها ويحرق الندم قلبي أعود إليها مرة أخرى، نظرا لهذا الانحلال الذي نشاهده في كل مكان، حتى طلبي للعلم الشرعي وحفظي للقرآن لا تلبث جذوتهما أن تنطفئ، فأتقهقر إلى الوراء خطوات وخطوات.

دلوني ماذا أفعل، وما هو الحل لمشكلتي؟ وجزاكم الله عني وعن بني جنسي كل خير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فيا أخي الحبيب! أعظم الله أجرك وغفر لميتك، وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يجعل والدتي ووالدتك في أعلى عليين، اللهم آمين.

إن ما يميزنا نحن كمسلمين عن غيرنا هو هذا الدين الحنيف، وهذه العقيدة القوية التي نرجع إليها في المدلهمات، فنجدها نعم المعين، وعندما تأتينا مثل هذه العواصف تأتي العقيدة الراسخة فتثبتنا، وهذا ما يميزنا عن غيرنا، فلو كان هذا السؤال من شخص لا يؤمن بالله لما استنكرنا عليه، ولكن أخي الحبيب إن أمة حبيبك صلى الله عليه وسلم تحتاجك وتحتاج إلى نجاحك وتميزك، فلا تجعل الشيطان يمنعك من أن تقدم لأمة حبيبك خدمة فتعالج مريضهم وتساعد محتاجهم، لا أن تكون أنت ذلك المريض وذلك المحتاج الذي تمد له يد المساعدة.

إن ما أتمناه هو أن لا تهرب، بل ازحف إن لم تستطع المشي نحو أهدافك وأهداف هذه الأمه العظيمة، إن وفاة والدتك رحمها الله ما هو إلا تنبيه لك بأن إيمانك يحتاج إلى صيانة وقوة لتكون أنت بعد هذه الأزمة أقوى من ذي قبل، فما عليك الا أن تقبل التحدي، تحدي الظروف والتحدي النفسي.

أما مسألة الزواج، فنحن نؤيد رأي أخيك الذي نصحك بالزواج، فتوكل على الله فالزواج هو ملجأ آمن وفيه السكن والطمأنينة والله سبحانه وتعالى يقول: (( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ))[الروم:21] ولا تلتفت لمسألة جرح مشاعر أختيك، فهناك الكثير من البيوت فيها الكثير من الفتيات يتزوج شبابها ويتأخر زواج فتياتها، فهذه أرزاق مقسمة مؤقتة تأتي في وقتها الذي حدده الله.

وأما علة أختيك بأن الزواج سيشغلك عن الدراسة فليست صحيحة يا أخي، فكم من الشباب من تزوج واستمر في دراسته بعد زواجه، بل إنه اجتهد أكثر وأبدع أكثر، وشعر بلذة للدراسة؛ لأنه شعر بالأمان والاستقرار النفسي.

ثم عليك أخي الحبيب رعاك الله بالصحبة الصالحة، فهي الحصن الحصين لك بعد الله، وأما ما أوصي به نفسي وأحبابي دائما هو أن نقوي العلاقة بالله تعالى، لأنك ذكرت بأن مثل هذه الأيام التي فيها ما فيها من المخالفات والمحرمات، فأقول لك أيضا هناك من يعيش في مثل ظروفك ولكنه ملتزم ومصل وحافظ لحرمات الله تعالى، فأبحث عن مثل هؤلاء، واسمع نداء رب العالمين لك ماذا يقول: (( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ))[التوبة:119] فأكمل حفظك للقرآن، ولكن ابحث عن الحفاظ واحفظ معهم واجلس معهم لتكون مع الصادقين في الدنيا والآخرة.

والله الموفق.


مواد ذات صلة

الاستشارات