أسباب بكاء الأطفال وكيفية معالجتها

1 906

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

أنا أم لطفل بعمر 10 شهور، طفلي كثير البكاء بدون سبب واضح، وعندما ألاعبه يلعب، لكن سرعان ما يمل من اللعب ويعود للبكاء، أغلب بكائه سببه أنه يريدني أن أبقى معه كل الوقت دون أن أنهض أبدا، وعندما أنهض يمسك بأقدامي ويصرخ ويزداد بكاؤه خاصة بعد الظهر، في الفترة الأخيرة أصبحت أكثر عصبية عليه، أمسكه بقوة فيزداد في البكاء وأتلذذ ببكائه، وعندما يلحقني من غرفة إلى غرفة أهرب منه وأتركه يبكي طويلا فقد تعبت منه كثيرا، وبعد أن يبكي ويتعب وينام أبكي طويلا وأشفق عليه، علما بأن طفلي لا يعاني من مشاكل صحية والحمد لله، وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يحفظ لك طفلك وأن يجعله من الصالحين.

إن بكاء الأطفال من الظواهر الطبيعية جدا في حياة الطفل في سنين عمره المبكرة، ولكن الأطفال قد يختلفون في كثرة البكاء أو قلته، فمن أكبر الأسباب التي تؤدي إلى البكاء لدى الأطفال هي:

(1) الاحتجاج، فالطفل يريد أن يعبر عن وجهة نظره، خاصة الطفل الذي يكون قد تعود على منهج تربوي معين يتسم ويتصف بأن طلباته دائما يستجاب لها دون أي تردد، ويكون هذا الطفل قد تمتع بدرجة عالية من الدلال ومن الحماية المطلقة من الوالدين، هذا الطفل يطالب بالمزيد؛ لأن الطفل دائما يعتقد أن هنالك المزيد الذي يمكن أن يتحصل عليه..الطفل دائما يبحث عن التفاصيل حتى بالنسبة للتودد والتلاطف معه يريد أن يعرف تفاصيل أكثر عنه وذلك بمطالبته بالمزيد.

(2) الطفل أيضا قد يكثر من بكائه إذا افتقد من يقوم برعايته، ولكن هذا يكون أمرا ظرفيا وعارضا، وغالبا ما يتعود الطفل على وضعه الجديد.

(3) السبب الثالث لبكاء الأطفال المتكرر هو الأمراض الجسدية، ومن أهمها آلام البطن وكذلك التسنين.

فهذه هي الحالات التي تؤدي إلى بكاء الطفل أكثر مما يجب، ومن الواضح في حالتك أن هذا الطفل – حفظه الله – قد تعود عليك، وقد أصبحت الروابط الوجدانية بينك وبينه قوية جدا للدرجة التي أستطيع أن أقول أن هنالك نوعا من التبادل الوجداني، التبادل العصابي فيما بينكما.

لا أريد أن أنتقص منهجك التربوي ولكن حقيقة أن الذي حدث قد ساهمت أنت فيه كثيرا، أرجو أن تتقبلي هذا وتسامحيني على ذلك، وفي نفس الوقت أود أن أطمئنك وأقول لك أن ترك الطفل يبكي لفترات طويلة...هذا هو المنهج الصحيح، لا تستجيبي لطلباته، خاصة حين تلاحظين أن هذه الرغبات والطلبات لا أساس لها، إنما هي نوع من الاحتجاج من جانب الطفل لأنه يريد المزيد من الدلال والرعاية، وأنا أؤكد لك تماما أن الطفل يمكن أن تغير طباعه، الطفل يتواءم بسرعة كبيرة، وحينما تقومين أنت بهذا التجاهل لفترات متعددة وتتركين الطفل وحده دون أن تستجيبي لطلباته قطعا سوف يتواءم مع وضعه الجديد ويقلل من بكائه.

أنا أفهم تماما أنك كأم قد يصعب عليك تجاهل ذلك، أنا لا أقول لك: تجاهليه لدرجة الإهمال، ولكن أقول لك: لا تستجيبي أبدا لصراخه، يجب ألا يؤثر ذلك فيك وجدانيا، أنت تحبين مصلحة طفلك، أنت تريدين لطفلك أن يكون له شخصية، وتريدين أن تقوميه بأسلوب تربوي صحيح، وهذا هو المطلوب.

أيضا أقول لك: إن الطفل يجب أن يستفيد من الألعاب، فاللعبة ذات قيمة كبيرة، خاصة الألعاب المتحركة يستفيد منها الطفل كثيرا وينشغل معها، وحاولي أن تلاعبي طفلك، لا تجعليه فقط يلتصق بك، العبي معه، استفيدي من هذه اللعب، شاركيه أنت في ذلك، الطفل سوف يرتاح كثيرا لذلك، وفي نفس الوقت هذا يوسع من مداركه ومقدراته المعرفية، وهو لا زال صغيرا بالطبع، ولكن حينما يكبر بإذن الله تعالى أعطيه فرصة أكبر للتفاعل مع بقية الأطفال.

هذا هو الذي أود أن أنصح به، وأرجو أن يزداد تحملك، وأرجو أن تجعلي مسافة جغرافية ووجدانية بينك وبين الطفل، هذا هو العلاج والمنهج الصحيح.

أنا حقيقة انزعجت بعض الشيء حينما ذكرت أنك تتلذذين ببكائه، نعرف أن الإساءة للأطفال إذا كانت جسدية أو تربوية أو وجدانية أو نفسية كثيرا ما تأتي من الأمهات، وهذا ليس مستغربا أبدا، فإن هنالك من الأمهات من تضرب الطفل لدرجة الأذى وقد شاهدنا ذلك، معظم الأمهات من هذا الطراز لديهن مشاكل نفسية، أرجو أن تقاومي هذا الشعور بالتلذذ لأنه حقيقة شعور ليس طيبا أبدا، ويجب أن تستنكري هذا في داخل نفسك، وفي نفس الوقت لا تحسي بالذنب حياله حينما تتجاهلين صراخه، يجب أن يكون هنالك نوع من التوازن.

أسأل الله تعالى أن يحفظه وأن يجعله من الصالحين، وأود أن ألفت نظرك لضرورة الحصول على بعض الكتب التربوية الجيدة جدا، ومنها الكتاب الذي كتبه الأخ الصديق الدكتور مأمون مبيض، هذا الكتاب يسمى بـ (أولادنا من الطفولة إلى الشباب) وهو كتاب تربوي وسلوكي مبسط جدا وذو فائدة كبيرة، فأرجو الحصول عليه ويمكنك الاستفادة منه، وأنا أشكر لك كثيرا تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات