السؤال
أنا شاب أجبرت على التنوم في إحدى مستشفيات الصحة النفسية، وقد كنت قبل أن أتنوم أتمتع بصحة جيدة وطبيعية، لكنني بعد أن تنومت وبعد خروجي خرجت وصحتي متوعكة بشكل عام، مع العلم أن الدكتورة التي تابعت حالتي كانت تعطيني حبوب زيبريكسا (Zyprexa ) وأريد أن أعرف السبب الذي جعل صحتي تتوعك وتتدهور، وهل هناك إمكانية أن تعود صحتي إلى وضعها الطبيعي الذي كنت أتمتع به قبل دخولي المستشفى؟
مع العلم أنني أحس باختلاف في وضعي العقلي واختلاف كامل في صحتي، كما أنها أعطتني حبوبا أخرى أعتقد لمرتين أو ثلاث مرات، وأعطتني حقنة مرتين أو ثلاث مرات، وأنا لا أعرف سبب تدهور صحتي بهذا الشكل، هل هو من العلاج زيبريكسا (Zyprexa)؟ أو من الحبوب الأخرى؟ أو من الحقن؟ أم أنني تعرضت للمس أو العين أو الحسد من المرضى أو العاملين بالمستشفى؟ فقد أصبحت مختلفا عما كنت عليه قبل دخولي المستشفى.
كما أن هناك تغيرا في طريقة التبرز وتغيرا في أمور أخرى، مع العلم أنني انقطعت عن أخذ العلاج وهو زيبريكسا (Zyprexa) بعد خروجي مباشرة من المستشفى، أريد أن أعرف سبب تغير صحتي، وهل هناك أمل أن أعود مثل ما كنت سابقا؟
أرجوكم أنا قلق على وضعي، وأريد أن أعود إلى وضعي الطبيعي.
أرجوكم ساعدوني.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك العافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
فإني أقدر مشاعرك تماما، وأقدر أن الإنسان حين يتم إدخاله إلى أحد مستشفات الصحة النفسية ربما يحس بشيء من النقص ويحس بشيء من الوصمة، ولكني أود أن أوضح لك أن قرار الدخول للمستشفى لابد أن يكون قد اتخذ على أسس علمية صحيحة.
أنا لا أدافع أبدا عن الأطباء ولا أدافع أبدا عن أهلك في قرارهم الذي اتخذوه في إدخالك المستشفى، ولكن الذي أود أن أوضحه أن الإنسان قد يكون في حالة من الانفعالات النفسية أو التوترات الداخلية أو ربما تعتريه أفكار لا يكون مستوعبها استيعابا كاملا؛ ولذا في هذه الحالة يكون دخوله إلى المستشفى هو الأفضل حماية له وسترا له أيضا، وحتى يتلقى العلاج الصحيح ويكون تحت المراقبة الطبية.
إذن الدخول إلى المستشفيات به منفعة، ومستشفيات الطب النفسي يجب أن ينظر لها مثل المستشفيات الأخرى؛ لأن معظم الأمراض النفسية اتضح الآن أنها تنتج من بعض المتغيرات الكيميائية في المخ، فهي مثل السكري ومثل الضغط والأمراض الشائعة الأخرى.
أنا لا أريدك أبدا أن تأسف أو تأسى على أنك قد أدخلت المستشفى، فربما تكون حالتك كانت سوف تكون أسوأ بكثير الآن إذا لم تدخل المستشفى، فأرجو أن تنظر إلى الأمر بتفاؤل وتنظر إليه بإيجابية، وأعتقد أن كل من أسهم في إدخالك المستشفى أراد بك خيرا، هذا هو الذي أود أن أوضحه.
الأمر الثاني: وهو أنك قد ذكرت أن هنالك تغيرات حدثت لك بعد أن دخلت المستشفى، وأنا أعتقد أن التغيرات قبل دخولك المستشفى ربما تكون كانت أشد وأكبر، ولكنك بعد أن تناولت العلاج واستعدت الحمد لله كل مقدراتك -أو ما نسميه بالقدرة على الاستبصار- بعد أن استعدتها بدأت الآن أنت تستشعر هنالك تغيرات واختلافات، هذا نشاهده كثيرا بالنسبة للإخوة والأخوات الذين تحتم ظروفهم إدخالهم إلى المستشفى.
فأنا لا أريدك أبدا أن تنظر نظرة سلبية لما تشعر به من تغير، وبالطبع تناول الأدوية يؤدي إلى اختلافات كثيرة، فمعظم فعالية هذه الأدوية تصب في صالح الإنسان، وتقضي على الكثير من الأعراض، وحتى التصرفات التي قد لا يستشعرها الإنسان، ولكن هذه الأدوية أيضا قد تترك بعض الآثار السلبية كالشعور بالخمول مثلا، أو الزيادة في الوزن، أو الزيادة في النوم، هذه هي الآثار الجانبية التي نلاحظها، وهذا يجعل بعض الناس يعتقدون أن هنالك تغيرا أساسيا قد طرأ على حياتهم وعلى وضعهم.
دواء زبركسا الذي أعطي لك هو من الأدوية الفعالة والممتازة جدا، وهذا الدواء ينظم موادا كيميائية في داخل الجسم تجعل الإنسان يرتاح من الناحية النفسية، فإذا كان لديه اضطراب في النوم هذا سوف يتحسن، وإذا كان لديه بعض الأفكار التي تزعجه، فبعض الناس قد تأتيهم أفكار وظنان وشكوك حول الناس، البعض قد يسمع أصوات غير موجودة، البعض قد يرى أشياء أيضا غير موجودة أو ملموسة.
إذن هذا الدواء يعرف عنه تماما أنه بفضل من الله تعالى يقضي على جميع هذه الأعراض.
أنا حقيقة أنصحك -وأرجو أن تأخذ بنصيحتي هذه لأننا في إسلام ويب نحرص تماما أن نقدم إن شاء الله ما هو نافع- أنا أريدك أن تتواصل مع هذه الطبيبة أو أي طبيب مختص، وأنت من حقك أن تمتلك المعلومات كاملة، من حقك أن تعرف تشخيص حالتك، من حقك أن تعرف الخطة العلاجية، هذا كله من حقك وهذا كله متاح، ولن يبخل عليك الأطباء أيضا.
الأمر الآخر: أنا لا أريدك حقيقة أن تتخذ قرار إيقاف الدواء وحدك، الدواء له أصول، له ضوابط، حتى وإن سبب لك بعض الآثار الجانبية فهذه يجب تحملها أو حتى يمكن أن تغيره إلى علاج آخر، والمهم في الأمر هو قرار بداية العلاج وإيقاف العلاج يجب أن يكون قرارا طبيا مدروسا، لا مانع أبدا من أن تستفسر وأن تسأل وأن تمتلك الحقائق، هذا من حقك، ولكن أرجو وأرجو أن تتبع حقيقة الإرشاد الطبي في هذا السياق.
أنا على ثقة كاملة أن صحتك إن شاء الله سوف ترجع إلى وضعها الطبيعي، بل سوف تكون أحسن وإلى الأحسن، ولكن لا تترك نفسك بدون علاج.
التغير في طريقة التبرز وقضاء الحاجة قد يكون بسبب الأدوية لأنها في بعض الأحيان قد تؤدي إلى شيء من الإمساك العارض، وربما يكون هذا الذي حدث لك، ولكن بعد ذلك إن شاء الله أيضا الأمور تسير مسارا صحيحا.
أنا أريدك أن تثق في نفسك، أن تثق في مقدراتك، وأريدك حقيقة أن تواصل حياتك بكل إيجابية، أنا أؤكد لك أن من دخلوا المستشفيات النفسية فيهم الحمد لله من تبوؤا المناصب ويقومون الحمد لله بأعمال فعالة جدا، فالطب النفسي بفضل الله ونعمه علينا وقد تغير الآن وقد أصبح فيه الكثير من المنافع للناس.
أما موضوع الحسد والعين والسحر، فنحن نؤمن بها كمسلمين، ولكني لا أتفق معك أبدا أنه قد حدث لك حسد من المرضى أو العاملين بالمستشفى، فهم أيضا – عافاهم وشفاهم الله – لديهم صعوباتهم ولديهم مشاكلهم، ولا أعتقد أن لأحد مصلحة أن يصيبك بعين أو حسد أو شيء من هذا القبيل، هذا أضف إليه أن الإنسان المسلم يجب أن يحصن نفسه بالدعاء وبالأذكار وبالحفاظ على الصلوات في وقتها وبتلاوة القرآن والرقية الشرعية، هذه كلها متطلبات، والإنسان لابد أن يدرك أن الله تعالى خير حافظ، وعلينا أن نحسن الظن بمن حولنا.
إن شاء الله سوف تعود إلى ما كنت عليه، وسوف تكون أفضل - بإذن الله تعالى - ومن جانبي أسأل الله لك العافية والشفاء، والتوفيق والسداد، ونحن الحمد لله الآن في شهر رمضان المبارك، وهذه فرصة طيبة جدا إلى أن يرفع الإنسان من همته وأن يكون متفائلا وأن يقوي صلته بالله تعالى.
ونسأل الله لك العافية، ودوام العافية، والتوفيق والسداد، ونحن على استعداد كامل في إسلام ويب أن نتقبل رسائلك ونجيب على استفساراتك متى ما رأيت في ذلك ضرورة، وأكرر بأن تراجع الطبيب مرة أخرى، ولا تتوقف عن تناول الدواء وحدك.
وبالله التوفيق.