السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ابني يبلغ من العمر 3 سنوات، متأخر في الكلام، ذهبت به لطبيبة تخاطب، وطلبت مني إجراء تحاليل وأشعة ـ والحمد لله ـ كلها أثبتت سلامته عضويا، وشخصت حالته بأنها تشتيت انتباه، وبدأنا في جلسات تخاطب والذهاب به إلى حضانة عادية وذلك منذ كان في عمر سنتين وثمانية أشهر، وبعد ثلاثة أشهر رفض الذهاب إلى الجلسات، كما يرفض الذهاب إلى الحضانة ولا يوجد أي تقدم.
ذهبنا به إلى طبيب أطفال وأخصائي ذوي احتياجات خاصة، فأخبرنا أنه لا يعاني من أي شيء، كل ما هنالك أنه تعرض لمشاهدة التلفزيون والكمبيوتر في سن مبكرة أفقدته الرغبة في التواصل الاجتماعي، وكل المطلوب إبعاده عن المشاهدة قدر الإمكان وإعطاؤه أوميجا 3 (Ultra seas)، وغذاء ملكات النحل (Unovit)، ودواء آخر (Somazina)، والذهاب إلى حضانة متخصصة للرعاية بذوي الاحتياجات الخاصة وصعوبات التعلم.
وبدأنا في إبعاده عن التلفزيون والكرتون، وشراء كتب بها صور ملونة وبدأ يستجيب ويحاول ترديد ما نقوله أو أصوات الحيوانات، وأصبحت حصيلته اللغوية 60 كلمة بين مفهومة وغير مفهومة بعد أن كانت 15 كلمة ـ الحمد لله ـ، ولكنه غير مستجيب للحضانة ويبكي كثيرا هناك، وعند عودته يكون عصبيا، وأقل شيء يبكيه.
نحن الآن ندربه منذ أكثر من شهرين على دخول الحمام وبدأ يستجيب، وهو لا يطلب ذلك، ولكن عندما أدخله يعمل تواليت، ولكن منذ ذهابه الحضانة كلما طلبت منه الدخول رفض وبكى، حتى إنه عاد يبلل ثيابه مرة أخرى.
لا أعرف ماذا أفعل؟ مع العلم أنه منذ أن كان رضيعا كان إجمالي ساعات نومه تصل من نصف ساعة إلى ساعة في 24 ساعة وذلك حتى عمر ثلاثة شهور، بعد ذلك وصلت من ساعة حتى ساعتين وذلك حتى عمر سنة، وبعد ذلك أخذت في الزيادة إلى أن وصلت إلى معدلاتها الطبيعية عندما بلغ عامين ونصف.
مع العلم أنه ولد ولادة مبكرة؛ حيث كان ميعاد ولادته 27/10/2006 وولد في 25/9/2006 ووضع بالحضانة مدة 3 أيام بسبب الصفراء التي أصابته لمدة شهر، وكان يشاهد التلفزيون وهو صغير ولكن ليس بتركيز شديد، ولكن عند فطامه عندما بلغ عاما ونصف كان يبكي كثيرا، ولا ينام على الإطلاق فلجأنا إلى أفلام الكارتون لتهون عليه أمر الفطام، فبدأ يشاهدها لأوقات طويلة.
أعتذر عن الإطالة ولكن الأمر أصبح محزنا جدا، كلما ذهبنا به إلى أي مكان مغلق أو لزيارة الأقارب أخذ في البكاء وإلقاء نفسه على الأرض؛ لنخرج من هذا المكان، مع العلم أنه في بعض الأحيان يلعب مع الأطفال الموجودين ولا يبكي ولكن في أحيان قليلة.
نومه صعب للغاية ولكن عندما ينام ينام بشكل جيد ـ والحمد لله ـ منذ أن بلغ عامين ونصف، الأكل لا يأكل سوى زبادي وعيش وفراخ ولحم، وأحيانا الأرز والخيار، لا يتناول أي خضروات ولا فاكهة ولا عصائر، ويتناول اللبن.
أرجو إفادتي ماذا أفعل ليكون ابني مثل أقرانه في هذا السن، وهل هذا ينذر باستيعاب وتحصيل أقل عند الدراسة؟ وهل إذا استمر في هذه الحالة لن يقبل بالمدرسة؟
أفيدوني أفادكم الله.
وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها أبو المجد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.
فإن هذا الابن مما ذكر في رسالتك لا يعاني من صعوبات أساسية، ولكن ربما يكون لديه شيء بسيط من اضطراب التركيز كما ذكرت، وما دام مستوى الذكاء لديه طبيعي – وهذا هو الذي تفهمته من رسالتك – فأعتقد أن الإصرار على تدريبه، والانتظام في ذلك، وتكرار المعلومة له، وإتاحة الفرصة له بأن يلعب وأن يتفاعل مع أطفال في عمره، بالرغم من أنه لا يرغب بذلك في الروضة كما ذكرت، أعتقد أن هذه هي الوسائل التي من خلالها يستطيع أن يكتسب الطفل المعرفة ويوسع مداركه إن شاء الله تعالى.
حتى لا يكون الكلام كلاما نظريا أنا أنصح حقيقة بأن تقابلي مرة أخرى طبيب الأطفال في أمراض الأعصاب ليعيد تقييم الطفل أو على الأقل يكون الطفل تحت الرعاية والمراقبة.
نحن لا نتخوف حقيقة إلا إذا بلغ الطفل عمر خمس سنوات، فإذا كان هنالك تأخر في الكلام أو تأخر في الحركة أو القدرات الاستيعابية والمعرفية للطفل كانت قدراته ليست مثل قدرات أقرانه، وهنا لابد أن نفكر في تشخيصات معروفة في الطب النفسي والطب العصبي.
أنا لا أريد قطعا أن أجعلك تطمئني دون أسس، فما ذكر في الرسالة كما ذكرت لك يجعلنا على قناعات كبيرة أن الطفل لا يعاني من علة رئيسية، ولكن الأمر يتطلب الانتباه، يتطلب المراقبة.
وأنا حقيقة لا أستطيع أن أعطي تشخيصا محددا في مثل هذه الحالات، ولكن أنت والحمد لله على إدراك أن الطفل ربما يكون لديه درجة بسيطة من صعوبة التركيز، والاستيعاب اللغوي لدى الأطفال -خاصة الأطفال- قد يكون متأخرا بعض الشيء، والعوامل الوراثية قد تلعب دورا في هذا، وما دام الابن متقدما ـ والحمد لله ـ في رصيده من الكلمات فأعتقد أن هذه بشارة طيبة، وعليك بالصبر وعليك بتحفيزه، وعليك بالتكرار، وكما ذكرت لك إتاحة الفرصة له للعب بالألعاب التعليمية، وكذلك الاحتكاك مع بقية الأطفال.
ما يبديه الطفل من بكاء حين تكونوا في زيارة لأحد الأقارب وأنه يلقي بنفسه على الأرض، هذا لا شك أنه نوع من الاحتجاج، وأنا أتفق معك تماما أنه من الصعب جدا في بعض الأحيان أن نوفق ما بين تقديم عناية للطفل تكون ذات مستوى خاص، وفي نفس الوقت نبعده عن محاولة استدرار العطف، أي أن الطفل يصبح اعتماديا ويطالب بالمزيد ويتعلم كل فنون الاحتجاج.
التوفيق صعب جدا بين الأمرين، ولكني أقول لك: إن شاء الله بالفطنة وبغريزة الأمومة تستطيعين أن تبني في ابنك مقدرات دون أن يكون هنالك إفراطا في الدلال إذا جاز التعبير.
أنا أعتقد أن تجاهل تفاعله السلبي هذا وهو البكاء مع إلقائه بنفسه على الأرض هو أفضل علاج، فالتجاهل هو أفضل علاج، أعرف أن ذلك قد يكون صعبا عليك كأم، وأنك لا تودين التعرض للإحراج أمام الآخرين، ولكن التجاهل هو العلاج الوحيد، وبعد ذلك إذا بدر منه أي شيء إيجابي يتم تحفيزه على ذلك.
اضطرابات النوم عند الأطفال دائما تكون مرتبطة بالساعة البيولوجية، بمعنى أن الطفل يكون قد تعود على نمط خاص، وهذا النمط الخاص لا يمكن تغييره إلا بعد مرور مدة من الزمن، فأنا أنصحك حقيقة أن تركزي على النوم الليلي؛ لأن ذلك هو الذي يساعد في نمو الطفل من الناحية النفسية والجسدية وكذلك المعرفية.
حاولي أن تشدي انتباهه في أثناء النهار إلى الألعاب وإلى أي محفزات ومنبهات أخرى، وركزي على النوم الليلي؛ لأنه هو النوم الصحي.
بالنسبة للأطعمة التي يتناولها فأعتقد أنه لا بأس بها، وبالرغم من أنه لا يتناول أي خضروات ولا فاكهة، إلا أن الغذاء الذي يتناوله في رأيي متوازن لدرجة كبيرة، وما دام يتناول اللبن وشيئا من اللحم والفراخ فهذا شيء إيجابي محفز، وحاولي أن تعطيه بعض عصير البرتقال الطازج وسوف يتقبله بالتدريج مع شيء من التحفيز وشيء من التشجيع، أعتقد أنه سوف يتقبل، وأرجو أن أنبه أن الطفل يتطور ارتقائيا بصورة سريعة جدا في بعض الأحيان، بمعنى أن الطفل قد يرفض شيئا اليوم ولكنه قد يقبله غدا، أي نحاول أن نخرج أطفالنا من النمطية ولا نيأس أبدا، نقدم لهم الشيء مرة ومرتين وأكثر من ذلك، والطفل قد يرفض اليوم وقد يتقبل غدا.
أرجو أن تطمئني، أنا أقدر مستوى انزعاجك وحرصك على ابنك، نسأل الله تعالى أن يجعله من الصالحين، وكما ذكرت لك قومي بالمتابعة مع أخصائي الأطفال المختص في أمراض الأعصاب، وواصلي نفس المناهج التدريبية التي تقومين بها الآن، وتجاهلي التصرفات السلبية.
أسأل الله تعالى أن يجعله من الصالحين ومن الموفقين، وإن شاء الله تعالى يستمر في الدراسة، ومع مرور الأيام سوف يتقبل المحيط الدراسي بإذن الله تعالى، والآن المدارس أصبحت كثيرة وذات مستويات ومناهج مختلفة، وإن شاء الله يكون في مدرسة عادية، وإذا احتاج الأمر لمدرسة من نوع خاص فهذا إن شاء الله ينظر ويفاد في لحظته.
نسأل الله تعالى أن يجعله من الصالحين، وأن يجعله قرة عين لكم، وكل عام وأنتم بخير.