السؤال
مشكلتى منذ عام ونصف أني أصبحت أقرأ عن الأمراض والأزمات القلبية، فأصبح قلبي يؤلمني وذهبت للطبيب فقال: لا يوجد داع لرسم قلب وأن قلبي سليم، ولكن جاءني ألم في مؤخرة الرأس، ليس ألما ولكن ثقل في الرأس وكسل وخوف، ولم أهدأ حتى عملت رسم قلب، وعند الاطمئنان على القلب فكرت في أمراض أخرى كالسرطان، فأصبحت أقرأ عنه، وعملت تحاليل للدم والخوف منه يزيد ورأسي كما هو، وأحيانا أرى ميلا في الأرض، ذهبت منذ حوالي 7 أشهر لطبيب مخ وأعصاب، وقال أنه لا داعي لعمل أي أشعة، وأنها حالة اكتئاب.
وكتب لي الطبيب بوسبار ودبرياتين 20 مج، فشعرت بتحسن بسيط وذهبت استشارة وجدد لي الدواء وقال لي: إن كيمياء المخ غير مضبوطة، وهذا يسبب الحالة النفسية، أنا الآن لا أشكو من أي شيء سوى رأسي، فهو دائما ثقيل ولا أستطيع التركيز، في أيام تتحسن حالتي مع وجود ثقل في الرأس وأحيانا ثقل مع رؤية ميل في الأرض، ماذا أفعل؟ وهل أذهب إلى أي طبيب؟ وهل هذا مرض نفسي أم عضوي؟ لا أستطيع إكمال صلاة القيام في رمضان.
علما بأني أعاني من أي وضع نوم خاطئ أحس بوجع لكنه يزول مع أخذ مسكن، وأعاني أيضا من أنيميا الفول، أرجو المساعدة والله تعبت، ماذا أفعل؟
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد س حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك على ثقتك في موقعك إسلام ويب، وإن شاء الله يظل هذا الموقع عامرا بك وبأمثالك من الإخوة الأفاضل.
فإن حالتك من الحالات الشائعة جدا، وأنت تعاني من قلق المخاوف المرضية أو ما يسمى بـ (المراء المرضي)، وهذه الحالات أصبحت الآن كثيرة ونشاهدها وسط الناس من جميع الأجناس والخلفيات الإثنية وكذلك الأعمار، لا يعرف سبب أساسي لهذه الحالات، وبصفة عامة النظريات تشير أن القلق النفسي يكون هو الأساس في مثل هذه الحالات، وبعض الناس لديهم استعداد وقابلية أكثر للقلق وهؤلاء يكونون أكثر عرضة للمراء والخوف المرضي.
ومن العوامل البيئية المهمة أيضا هو أن الأمراض كثرت وتبدل الزمان وتحول أوضاع الناس والمشاكل الاجتماعية والاقتصادية كلها ربما تكون عوامل ساهمت في حدوث مثل هذه الأعراض.
بعض الناس يكون الخوف المرضي نشأ لديهم كنتيجة مباشرة لخبرة أو تجربة خاضها الإنسان، بعض الناس يكون لديهم عزيز لديهم أو صديق أو من يعرفون قد أصيب بمرض معين وكان لهذا الشخص علاقة وثيقة بهذا المريض، هذا قد يؤدي إلى نوع مما يسمى بالتوحد مع المريض، وهذا التوحد يؤدي إلى مخاوف مرضية.
الخوف من أمراض القلب هو شائع جدا لأن الأزمات القلبية تكثر وسط الناس، ولا شك أن هذا الخوف يؤدي إلى انقباضات عضلية في الصدر، وهذه الانقباضات العضلية تظهر في شكل ألم، وهذا بكل أسف يزيد من قناعات بعض الناس من أنه فعلا مصاب بمرض القلب ويتنقل من طبيب إلى طبيب، ومهما أكدت له وطمأنته بأنه لا يوجد مرض عضوي، إلا أنه يستمر في هذا التجوال ما بين طبيب وآخر.
أنا حقيقة أنصحك بالآتي:
(1) يجب أن تقتنع بأن هذا قلق نفسي وليس أكثر من ذلك، ولا أعتقد أبدا أنك تعاني من اكتئاب نفسي حقيقي.
(2) الكثير من الدراسات أشارت أن الذين يعانون من مثل حالتك من الأفضل لهم أن يكون لديهم تواصل ومراجعة طبيب الأسرة، ونعني بطبيب الأسرة هو الطبيب المختص في الأمراض الباطنية والجراحة وكل الأمراض الشائعة، وهذا النوع من الأطباء الآن أصبح بفضل الله تعالى متوفر، وهم دائما يكونون أكثر قربا من مرضاهم والأسر، وإذا لم يكن هناك طبيب للأسرة فيمكنك التواصل مع طبيب للأمراض الباطنية، راجعه مرة واحدة مثلا كل ستة أشهر، وذلك للقيام بفحوصات عامة، هذا ربما يكون هو المنهج الأفضل والذي وجد أنه يساعد في زوال الخوف أو المراء المرضي.
(3) أنصحك بممارسة الرياضة؛ لأن الرياضة جيدة جدا وتساعد على القضاء على الطاقات النفسية السلبية، وتولد طاقات إيجابية تجعلك تحس بأنك فعلا في صحة نفسية وجسدية ممتازة وليس هنالك ما يدعوك للقلق.
(4) يجب أن تركز جهدك وتفكيرك نحو عملك وأن تتواصل اجتماعيا، وألا تترك مجالا للفراغ ليشغلك وتأتيك الأفكار القلقية، وهذه الأفكار يسترسل فيها الإنسان؛ لأنه لم يشغل نفسه بما هو أهم، هذا أمر ضروري جدا.
(5) كن حريصا على صلواتك وكن قريبا من الله تعالى، وحافظ على قراءة القرآن -الورد اليومي- والأذكار والدعاء، كلها تبعث على الطمأنينة فكن حريصا على ذلك.
(6) سوف أصف لك بعض الأدوية التي اتضح الآن أنها مفيدة جدا خاصة في مثل حالتك، والدواء متوفر الحمد لله في مصر، ويسمى تجاريا باسم (زولفت Zoloft) أو يسمى تجاريا أيضا باسم (لسترال Lustral) وله أسماء تجارية أخرى، واسمه العلمي هو (سيرترالين Sertraline)، يمكنك أن تسأل عنه تحت مسماه العلمي، أريدك أن تتناوله بجرعة حبة واحدة وقوة الحبة هي خمسون مليجراما – تناولها ليلا بعد الأكل لمدة تسعة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة إلى حبة يوما بعد يوم لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء، هذا علاج جيد وبسيط ومزيل للقلق والمخاوف ومحسن إن شاء الله تعالى للمزاج.
بجانب السيرترالين هنالك دواء آخر يعرف تجاريا باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علميا باسم (سلبرايد Sulipride)، أرجو أن تتناوله أيضا بجرعة كبسولة واحدة في الصباح، وقوة الكبسولة خمسون مليجراما، تناولها يوميا لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله، السيرترالين سوف يكون هو العلاج الدوائي الرئيسي والأساسي، والسلبرايد سوف يكون هو العلاج المساعد أو الداعم.
ليس لدي ما أقوله أكثر من ذلك، وأنا مطمئن لحالتك فأرجو أن تطمئن، وأسأل الله تعالى أن يحفظك ويديم عليك وعلينا نعمة الصحة والعافية، ويجعلنا من الشاكرين له على نعمه المثنين بها.
وبالله التوفيق.