حالات الرهاب والوسواس القهري وتأثيرها على الوضع النفسي

0 517

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا بطبيعتي، قد أكون إنسانا حساسا ودقيقا جدا، وأحاول أن أتقن ما أفعله، وأخاف أن أخطئ، لكني لا أنتج بسبب إعاقة الوساوس ثم القلق ثم أفقد الدافع الذي لدي.

أعاني منذ أن كنت في المتوسطة من الوسواس القهري في النظافة وغيره، ونوبات اكتئاب شديد، وتأنيب ضمير، ومزاج هابط، وقلة تركيز أحيانا لدرجة أنني فكرت في الانتحار أكثر من مرة في ذلك العمر، ولكن اختفت أو خفت بعضها مع بلوغي سن المراهقة، خاصة في مرحلة الثانوية، إلا أنني كنت أوسوس في المذاكرة لذلك تساقط بعض شعر رأسي لكني تعافيت منها ولله الحمد.

وبسبب نفسيتي لا أنجز وسببت لي مشاكل دراسية في الثانوية لأني استسلمت للقلق والوسواس، ومنذ ذلك الحين وأنا على نفس المنوال، أرفع معنوياتي، أجتهد، يهزمني القلق والوسواس ثم أكتئب ومن ثم أستسلم.

كنت أعتقد بمجرد دخولي الجامعة وبلوغي العشرين أني سأتخلص من مشاكلي، لكن لم يتبين لي إلا أنني في انحدار، خاصة في آخر ثلاثة أعوام، حيث أنني سافرت للخارج للدراسة ولكن تفاقمت الأمور، وصرت أفقد أعصابي أكثر من ذي قبل وتركت الدراسة، ومجرد التفكير في الدراسة أحس بألم في البطن وأرق في النوم، والآن بدون هدف ولا أدري في أي مجال تعليمي أدرس، أنا في حيرة من أمري.

وللمعلومية فأنا أعاني من رهاب ولكن ليس دائما (حسب الموقف وشدته) فأحيانا يزعجني ويحرجني ولا أستطيع الشعور بالذات من ضعف تركيزي في مواقف مثل أن أصلي مع الناس جماعة، ونظرات الناس تزعجني في المسجد والأماكن العامة، والتفكير في المواقف تأخذ يومي وراحة بالي.

حاليا أنا أستخدم Cipralex 10 mg منذ أسبوعين - ولله الحمد - أشعر بتحسن كبير، فأعصابي في هدوء بعض الشيء، والمزاج أقرب للطبيعي، ولكني لم أتخلص من الوسواس في أذكاري اليومية مثلا، وأحيانا في وقت الانفعال أو المشادة مع أحد أحس بأنه لا يدعمني بمعنى أنه لا يساعد في جميع المواقف فهناك ثغرة ما، فهل العقار Xanax يساعد في مثل حالتي أو هناك غيره من المهدئات؟!
مع أني لم أجرب المهدئات من قبل.

أعذروني على الإطالة يا إخوان ولكني أحتاج إلى مساعدتكم وتشخيصكم بعد الذي لا شفاء إلا شفاؤه سبحانه، فأنا أريد أن أدخل الجامعة وأدرس وأمشي في طريقي بدون مشاكل، وتقبل الله منكم صالح الأعمال وجعلها في موازين حسناتكم، دمتم بصحة وعافية.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فبارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب، وأنت وصفت حالتك بكل إتقان ودقة، ومن الواضح أنك تعاني من قلق نفسي عام، والجزئيات الأساسية لهذا القلق العام هي: الوساوس القهرية، وما نسميه أيضا بالاكتئاب القلقي، وهو درجة بسيطة من الاكتئاب تتمثل في عسر المزاج، وهذه كثيرا ما تكون مصاحبة للوساوس القهرية، والأعراض الجسدية مثل آلام البطن وكذلك عرض أرق النوم، لا شك أنها أيضا جزء من حالة القلق التي تعاني منها، وكذلك ضعف التركيز.

أنت ذكرت أيضا أن نظرات الآخرين تزعجك، خاصة في المسجد والأماكن العامة، وهذا ناتج أيضا من القلق، حيث إن القلق يؤدي إلى شيء من الرهاب وشيء من المخاوف وافتقاد الثقة بالنفس.

أنا حقيقة سعيد جدا أن أعرف أنك قد استجبت للسبرالكس في فترة قصيرة جدا، وهذا الدواء يتميز بأنه دواء فعال وممتاز، وهو يعالج القلق والتوتر والوساوس والاكتئاب وحتى المخاوف، فأعتقد أن الاختيار كان اختيارا صحيحا واختيارا سليما، وأنا أقول لك أن فعالية هذا الدواء سوف تصل قمتها بعد ثمانية أسابيع من تناوله، بشرط أن يكون هنالك التزام قاطع بتناول الجرعات في وقتها، والذي أود أن أقترحه لك هو أن ترفع الآن الجرعة إلى عشرين مليجراما؛ لأن كل الأبحاث تشير أن هذه هي الجرعة الأفيد خاصة في علاج الوساوس القهرية.

يجب أن تستمر على هذه الجرعة (عشرين مليجراما) لمدة تسعة أشهر على الأقل، وهذه ليست مدة طويلة أبدا، هي مدة متوسطة في حساب الزمن بالنسبة لعلاج الوساوس القهرية عن طريق الأدوية، وبعد انقضاء التسعة أشهر خفض الجرعة مرة أخرى إلى عشرة مليجرام، وهذه يجب أن تستمر عليها لمدة عام كامل على الأقل كجرعة وقائية، وبعد ذلك خفض الجرعة إلى خمسة مليجرام لمدة شهر، ثم يمكن أن تتوقف عن الدواء.

بالنسبة للزاناكس فحقيقة أنا لا أنصح به كثيرا، فأنت لست في حاجة لهذا الدواء، نعم هو دواء جيد للأرق والقلق والتوتر، ولكن يعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى التعود وإلى الإدمان، ويضطر الإنسان أن يرفع جرعة هذا الدواء حتى يتحصل على فعاليته، أعتقد أن السبرالكس سيكون كافيا، وهو دواء سليم وغير إدماني وغير تعودي.

أنصحك أيضا بممارسة التمارين الرياضية، وتجنب النوم في أثناء النهار، وعدم تناول الشاي والقهوة بعد الساعة السادسة مساء، هذا سوف يحسن كثيرا من صحتك النومية.

بالنسبة للعلاج السلوكي للوساوس، فأعتقد أن التحسن الذي لمسته من تناول الدواء سوف يمهد كثيرا لأن تنجح في التطبيقات السلوكية لعلاج الوساوس القهرية، وهذه التطبيقات السلوكية تقوم على مبدأ أن يعرض الإنسان نفسه لمصدر وساوسه دون أن يقوم بالاستجابة السلبية، بمعنى آخر: عليك أن تحقر الوساوس، عليك أن تستبدلها بأفعال وأفكار مضادة لها تماما، أي وسواس يزعجك حاول أن تربطه أيضا بفكرة أو فعل منفر، مثلا: فكر في الفكرة الوسواسية وفي نفس الوقت قم بالضرب على يدك بشدة حتى تحس بالألم، الهدف هنا أن تزاوج أو تربط بين الوسواس القهري – فعلا كان أو فكرا – وإدخال الألم على النفس، بتكرار هذا التمرين عشر مرات متوالية يوميا ولمدة أسبوعين وجد أن معظم الوساوس قد تضعف كثيرا وسوف تنتهي بإذن الله تعالى.

أنا حقيقة أقول لك أن حالتك إن شاء الله يمكن أن تعالج، وهنالك بوادر كبيرة جدا للتحسن، وإن شاء الله تستطيع أن تدخل الجامعة، وسوف توفق في دراستك، يجب أن تكون لك أهداف واضحة، يجب أن تكون هنالك دافعية وإصرار على الإنجاز، هذا مهم وضروري جدا.

بالنسبة لضعف التركيز فإن شاء الله سوف يتحسن تماما بعد انتهاء القلق والتوتر، وتمارين الرياضة التي نصحناك بها والنوم الليلي هي من أفضل الوسائل التي تحسن التركيز.

بالنسبة لما ينتابك من مخاوف اجتماعية حينما تكون في المسجد، هذه يجب ألا تهتم بها، يجب أن تتجاهلها، وأنا أؤكد لك أن الآخرين لا يقومون بملاحظتك أو النظر إليك بسخرية أو استهزاء، أعتقد أن هذا كله ناتج من القلق الذي تعاني منه، ومن حساسية حيال الأمور.

أسأل الله لك العافية والشفاء، وأقدم لك الشكر والتقدير على ثقتك فيما يقدمه موقعك إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات