الرهبة من مواجهة الآخرين والتحدث معهم وكيفية التخلص منها

0 439

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعاني من الرهاب الاجتماعي -كما قرأت عنه في إحدى المرات- حيث أميل إلى العزلة ولا أخرج من البيت أغلب الوقت، لأني لا أحب الاختلاط كثيرا، حتى الصلاة أصليها في البيت ولا أذهب للمسجد إلا مرات أؤديها مع الجماعة، وكل ذلك لأني لا أستطيع أن آخذ راحتي في الصلاة عند الاختلاط بالناس، وأنزعج من أي حركة بسيطة.

والمشكلة الثانية أني لا أجيد التواصل، قد أجيده ولكن لا أستطع تنفيذه بالشكل المطلوب، يعني عندما أتكلم مع أحد حتى لو مع الأقارب أحس أني أتكلم مع الغريب، والأقارب أقصد بهم أعمامي وأخوالي، يعني أمامهم وأمام غيرهم لست طليق اللسان، فكيف أكون جريئا وأتحدث بشكل أكثر جرأة وبطريقة مناسبة أمام الجميع، ولا يحسون أن لدي نوعا من الخوف وعدم الجرأة؟

علما أننا إخوة ولا نتكلم مع بعض إلا في الأمور الرسمية فقط؛ لأن أخي الكبير عنيد جدا وطبيعته غريبة، وأيضا علاقتنا مع والدنا نتحدث في الأمور الرسمية فقط؛ لأنه كان شديدا علينا في الصغر، أنا أحفظ -ولله الحمد- 15جزءا، وأحيانا قد أضطر لإمامة الناس.

ماذا أفعل حتى أتخلص من جميع هذه الأمور والخوف الاجتماعي؟ وأرجو وصف علاج إرشادي وسلوكي والابتعاد عن الأدوية، لأني أتناول أدوية كافية عافانا الله جميعا.

السؤال الثاني: من فترة إلى أخرى أشعر بقشعريرة ويرتجف جسمي كله، وأحيانا عندما أكون متعبا وأحتاج للنوم أغمض عيني وفجأة أحس أني سقطت من مكان مرتفع وجسمي يهتز مرة واحدة فقط، كأني بالفعل وقعت على الطبيعة، لماذا يحدث هذا؟ فما ردكم وجزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنك تعاني من درجة بسيطة إلى متوسطة مما يسمى بالاضطراب الفزعي، أو ما يسمى بالرهاب أو الخوف الاجتماعي، وهو نوع من القلق النفسي وليس أكثر من ذلك، والعلاج يتكون من ثلاثة أجزاء: الجزء الأول هو أن تتفهم الحالة، والجزء الثاني هو أن تطبق العلاج السلوكي، والجزء الثالث هو أن تتناول الدواء.

بالنسبة لتفهم الحالة، أعلم أنها نوع من القلق وليس أكثر من ذلك، وعليك أن تتفهم جيدا أن الآخرين لا يقومون بمراقبتك، والأمر الآخر والضروري جدا هو أن أداءك أفضل كثيرا مما تتصور وتتخيل، فعلى سبيل المثال ذكرت أنك لست طليق اللسان، فليس هنالك ما يثبت قطعا أنك غير طليق اللسان، ولكن التصور السلبي عن الذات وتقليل قيمة الذات ووجود القلق هو الذي يجعلك تحس بمثل هذا الشعور، فمن الضروري أن تحسن من مفاهيمك وأن تغيرها وأن تعيد تقييم ذاتك، فالإنسان يجب أن يفهم ذاته على حقيقتها، يجب أن يكون منصفا في تقييم ذاته، ويجب ألا يترك السلبيات تسيطر عليه.

ثانيا: العلاج السلوكي الرئيسي يتمثل في المواجهة، وعلماء النفس والسلوك يقولون أن أهم علاج للخوف والرهاب وكذلك الوساوس هو أن تواجه، فأنا أقول لك أكتب كل هذه المخاوف في ورقة، ضع برنامجا يوميا لمواجهة كل واحدة منها، وتكون المواجهة في الخيال ثم بالتطبيق، ونعني في الخيال أن تتخيل نفسك أنك في الموقف الذي ترهبه وتخافه، تأمل بتركيز وعمق هذا التعرض لهذا الموقف، ويجب أن يستمر الخيال لمدة عشرة دقائق إلى ربع ساعة على الأقل، وفي اليوم الثاني تنتقل إلى الموضوع الآخر وهكذا، ثم بعد ذلك ترجع من أول موضوع بدأت في علاجه وتعيدها مرة ومرة وهكذا، وجد علماء السلوك أن تطبيق خمسة عشرة جلسة متواصلة لكل خوف يعاني منه الإنسان تؤدي إلى زوال هذا الخوف، ولكن بالطبع الأمر يتطلب الجدية ويتطلب الثقة بالنفس، ويتطلب أن تعرف أن الخوف والرهاب هو نوع من القلق ويمكن علاجه.

بعد ذلك يجب أن تبدأ في التطبيق الفعلي، مثلا: أنت ذكرت أنك بفضل الله تعالى تحفظ عشرة أجزاء من القرآن، هذا رصيد عظيم وهذا يؤهلك تماما أن تصلي بالناس، فتذكر هذه الإيجابية العظيمة، وأنت في المنزل تخيل أنك تصلي بالناس، ثم بعد ذلك ابدأ بالتطبيق، وتذكر عشرات بل مئات بل آلاف الأئمة الذين يقومون بإمامة الناس في الصلاة دون أي مشكلة، وأنا أؤكد لك أن ما تعتقد أنه تلعثم يأتيك في أثناء الكلام هذا مبالغ فيه وليس حقيقيا أبدا، فعليك بالتطبيق وعليك بعدم التراخي في التطبيق لهذه التمارين السلوكية.

يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، وأنت قلت أنك لا تريد أن تأخذ الأدوية، ولكني أنا أؤكد لك حقيقة علمية أن الأدوية تساعد بنسبة ستين بالمائة والعلاج السلوكي يساعد بنسبة أربعين بالمائة، إذن الأدوية مهمة جدا والأدوية هي التي تمهد الطريق لتطبيق التمارين السلوكية، لأنها تؤدي إلى الاسترخاء، تؤدي إلى زوال القلق، والعلماء أفادوا أن الرهاب والقلق الاجتماعي أحد أسبابه وجود خلل كيميائي بيولوجي داخلي في المخ لمجموعة من المواد تسمى الموصلات العصبية.

الأدوية بفضل الله تعالى غير إدمانية وغير تعودية، ونحن سوف نصف لك دواء واحدا وليس أكثر من ذلك، والدواء الذي نفضله في مثل هذه الحالات يعرف تجاريا باسم (زيروكسات Seroxat) ويعرف علميا باسم (باروكستين Paroxetine)، تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة (عشرة مليجرام) ليلا، بعد الأكل، وتستمر عليها لمدة أسبوعين، ثم ترفع الجرعة إلى حبة كاملة وتستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم تخفض الجرعة إلى نصف حبة ليلا وتستمر عليها لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء، فأرجو ألا تحرم نفسك من نعمة العلاج.

هنالك تطبيقات سلوكية أخرى تتمثل في ممارسة الرياضة الجماعية، وتتمثل في حضور حلقات تلاوة القرآن، وأنت بفضل الله تعالى رجل تحفظ نصف القرآن، وهذه نعمة عظيمة، وثالثا الانخراط في الجمعيات الشبابية والأعمال التطوعية والخيرية، هذه كلها وجد أنها تقدم دفعا كبيرا للإنسان لمواجهة القلق وتطوير مهاراته الاجتماعية التي تساعده على المواجهة،.

العلاقة بينك وبين أهلك وأرحامك كالوالد والأخ يجب أن تكون علاقة حميمة، وأنت حاول أن تتقدم دائما وتأخذ المبادرات الخيرية، هنا أنت سوف تحس بالرضا وسوف تصلح ما بينك وبين أهلك، هذا مهم وضروري جدا.

المشكلة الأخيرة التي ذكرتها وهو ما يحدث لك في بداية النوم، هذا يسمى بشبه الهلاوس الكاذبة، ويوجد دائما مع أصحاب القلق أو الذين يعانون من الإجهاد النفسي أو الجسدي، وحقيقة ممارسة الرياضة هي من أفضل الطرق لعلاجها، وكما أن الدواء سوف يساعدك بصورة فعالة في علاج هذه الأعراض.

نسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، ونشكرك كثيرا على تواصلك مع إسلام ويب، وبالله التوفيق.

مواد ذات صلة

الاستشارات