اختلاط النساء بالرجال وتأثيره على تنمية المجتمع

0 487

السؤال

السلام عليكم.

أستاذي بالجامعة يقول: "إن عدم حب الاختلاط وحكاية وجوب وجود المحارم عند التنقل لدى الشعوب المسلمة - وبالذات العربية - عبارة عن عادات وتقاليد إسلامية عاشت وقتها", وإن عدم اختلاط النساء بالرجال بالمراكز التعليمية يعيق تنمية المجتمع.

والعجيب أني رأيت بعض اليهوديات بلندن والقبطيات بمصر يغطين شعورهن! وعندما سألت أخبروني أن هذا من الطهارة، فما تعليقكم؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبيد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلابد أن تدرك أن هذا الدين المبارك - دين الإسلام – دين يقوم على أن الوقاية خير من العلاج، ولذلك عندما يربي المسلم نفسه على عدم اختلاط الرجال بالنساء واختلاط النساء بالرجال لابد أن ندرك أن القضية ليست عادات وتقاليد إسلامية بقدر ما هو دين في الحقيقة، فهي ليست عبادات وعادات وتقاليد إسلامية حتى نفكر أن هذا الزمن قد ذهب وقد ترامت به الأطراف.

ولذلك لما أمر الله عز وجل المرأة فقال: ((وقرن في بيوتكن))[الأحزاب:33] أعقب ذلك بقوله: ((ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى))[الأحزاب:33]، فنهى عن التبرج، بل إن الأمر لا يكون في ذلك فقط، بل حتى إنه يرتبط بأولاد الإنسان في بيت.

وأنا أود أن أسأل هؤلاء الذين يدعون إلى الاختلاط، أقول لهم: هل أولادكم وبناتكم تركتموهم في غرفة واحدة، أم أنكم رددتم دائما (وفرقوا بينهم في المضاجع)، وأن اختلاط الأولاد في المضاجع ذكورا وإناثا مذموم وهو مباح عندما يكونون في ميادين عامة أو في ميادين العمل؟!

الأمر الآخر وهي مسألة هامة: لا يظن الإنسان منا أن هذا الدين فرط في شيء، بل قال الله: ((ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم))[محمد:26]. نعم، تلك الأقلام الجائرة والألسنة الكاذبة والمقالات الخاطئة التي بدأت تشن شنا عظيما من واقع ذلكم الأمر، والله إنه لمؤسف جدا ومؤلم،، فلابد من تربية النفس على أن هذا الإسلام دين الوقاية ودين التحصين، لابد أن ندرك أيضا تلك الآثار التي بدأت تعج من وراء ذلك الأمر.

إن هذا الأستاذ الجامعي مسكين، نقول له بكل صراحة، لم تدرك رعاك الله حقيقة الإسلام وكيف أن هذا الدين دين مبارك، دين حمى الأعراض وحفظها وصانها وكرمها، بل كرم هذه المرأة وأعطاها حقوقها وأعطاها أمورها وأشياءها، ولذلك لابد أن ندرك نحن أن عدم اختلاط الرجال بالنساء في المرافق التعليمية لا يعني تنمية المجتمع.

والدليل انظر إلى آثار الاختلاط على الواقع الاجتماعي الحقيقي، بكل صراحة انظر حقيقة آثار الاختلاط، عندما ندرك أن هذا الدين دين عظيم القدر، دين حريص على أهله، والمحافظة على المرأة والمحافظة على فلذات الأكباد، لا نظنه والله عبثا أو من نسج الخيال بقدر ما هو في الحقيقة أن هذا الدين قائم على الرعاية.

ليعلم كل مسلم ومسلمة أن هذا الدين قائم على سد الذرائع ودرء المفاسد، ومقدم على جلب المصالح، بالله عليكم أيأمر الله عز وجل نساء الرسول ويترك عامة النساء؟ لما قال: ((يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين))[الأحزاب:59].

لابد أن ندرك أن واقع ما نراه وشعاره (((ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم))[البقرة:120]، فهم الذين يريدون ذلك، ولذلك لاحظ الآن ما يريده الغرب منا، فلو ضربنا مثالا الآن مثلا: الحافلات الآن للنساء فقط أصبح في إيران، والمكسيك تخطط وتخصص حافلات للجنس اللطيف فقط، وفي دلهي أصبحت حافلات للنساء فقط، وفي بانكوك الرجال يمتنعون من ركوب الحافلات التي بها نساء، وهذه عناوين واردة في بعض وسائل الإعلام المختلفة، حتى وصل الأمر في بعض شبكات النقل العام مثلا في المكسيك تعلن أنه حافلات فقط للنساء، وذلك لكي يحدوا من مسألة التحرشات الجنسية.

هيئة المواصلات في بانكوك تعلن أنها ستوفر خدمة للراكبات لتوفر لهن الراحة والأمان بالإضافة لحمايتهن من كل ذلك. كذلك من المعلوم أن نظام الحافلات والقاطرات الميترو المخصص للنساء فقط معمول بها الآن في البرازيل وفي اليابان ودول أخرى.

أقول: ينبغي عليك أن ترسل رسالة إلى هذا الأمر، تخيل أن نسبة التلميذات الحوامل من الزنا في المدارس والجامعات ثمانية وأربعين بالمائة تقريبا في بعض المدن الأمريكية، فكيف يكون الواقع إذن؟ قدمت مذكرة لوزير الدفاع الأمريكي تحتم خطورة الاختلاط بين الجنسين بين القوات الأمريكية، كل ذلك من آثار الاختلاط.

إذن نحن بحاجة إلى أن ندرك هذا الأثر الذي بدأ ينبض في حياتنا، فقد نشرت جريدة الأهرام في 8/12/1995 استطلاعا للرأي أظهر أن ستة وتسعين بالمائة من الأمريكيين يرون أن البلاد أصبحت تواجه هبوطا أخلاقيا وروحيا كبيرا، كل ذلك من آثار الاختلاط التي بدأنا نقطف جزءا من آثارها السيئة، آثار عظيمة لضحايا الاختلاط.

وبذلك ينبغي أن ندرك أثر ذلك، ففي صحيفة الشرق الأوسط تعلن أن خمسة وثمانين بالمائة من الأزواج يخونون زوجاتهم في أوروبا، وأن نسبة أقل من المتزوجات يفعلن الشيء ذاته، لماذا ذلك كله؟ البيوت بدأت تنهدم.

نقول لهذا الأستاذ: كيف أنت وأنت تجد زوجتك تخالط؟ بالله عليك إلا إذا كنت ترضاه لنفسك ولأهلك، وأقول كما قال صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريبا، وسيعود غريبا كما بدأ، فطوبى للغرباء).

نسأل الله أن يبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعته ويذل فيه أهل معصيته، وأن يردنا إلى دينه مردا جميلا، وأن يصلح شبابنا وبناتنا وأخواتنا وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأن يقسم لنا من خشيته ما يحول به بيننا وبين معصيته، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

مواد ذات صلة

الاستشارات