السؤال
السلام عليكم.
تقدم لي شاب للزواج يصغرني بأعوام وهو حسن الخلق والدين والعشرة، وبيننا حب وود؛ لأننا نعمل سويا في نفس المكان.
ليس لديه مشكلة في فرق السن، لكن عندما فاتح أهله بالموضوع رفضت والدته رفضا قطعيا بحجة فارق العمر، وأنه لا يوجد في الدين ما يسمى الحب قبل الزواج.
وهددته في حال إصراره على رغبته بالزواج بي فإنه سيكون عاقا لوالديه ومطرودا من العائلة ومقطوعا منها، كما هددته بأنها ستطقع صلة أي من إخوانه فيه والعائلة جميعا، سببها في الرفض أنها لا تريد شماتة المجتمع بها أن ابنها تزوج أكبر منه.
علما أن الأم إصرارها على موقفها مجرد عناد وليس له أساس من الدين، فقط المجتمع ونظرته لها وهي متمسكة برأيها ولا تريد أن تغيره، وأثرت على الوالد بأن يكون موقفه معها، في كل يوم محاولات للإقناع بدون جدوى وتنتهي بغضب الأم وعدم حديثها مع ابنها.
الشاب يريدني، وأنا أريده، ونريد أن نجتمع بالحلال، ونقي أنفسنا من مداخل الشيطان، والشاب قادر على فتح بيت، وتكوين أسرة.
لكنه يحب عائلته وأنا أيضا ليست في نيتي أن أتسبب بقطيعة بينه وبين أهله، وإنما سأسعى جاهدة في كل وقت وحين أن أكسب رضا والديه وحبهما لي،الشاب يريد من يشير عليه فيما يفعل.
هل الأيام كفيلة بأن يرق قلب الأم إذا تزوجنا بدون رضا الأهل؟
الشاب في حيرة من أمره ويخشى أن يفقد عائلته للأبد بسبب تزمت والدته على رأيها، بماذا تنصحوه يفعل لإقناعها، علما أن والدته مزاجها صعب جدا جدا وليست من الناس الذين يغيرون ما في عقولهم؟ كما إن عندي موضوع توسيط أناس من الخارج مرفوض تماما، وممكن أن يؤدي إلى زيادة التعنت من الأم والإصرار أكثر على الرفض، ومشاكل أخرى مع هذا الشاب.
أرشدوني سريعا ما الحل مع والدته المصرة على الرفض؟ لا نريد سوى الستر بالحلال ومباركة الله والوالدين في الزواج..
الإجابــة
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mawada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
عزيزتي! الزواج تعاقد وتفاهم ومحبة وألفة وتقارب بين أسرتين، يصبحون أسرة واحدة، ففي البداية نسب، وتتحول بوصول أول مولود إلى العائلة، وتكثر الأدوار ويكون الجد والجدة والعم والعمة، والخال والخالة، وهلم جرا.
وتلتقي العائلتان عند هذا المولود المبارك، ويبدأ الاتصال المحكم بقدر الله سبحانه وتعالى وحكمته.
ليس غريبا أن تتزوجي شخصا أكبر منك، فعدم التكافؤ في السن يمكن أن يتغلب عليه الزوجان إذا تم التفاهم والود بينهما.
كذلك رفض الوالدة لابنها زوجة أكبر منه (لم تبيني الفارق العمري بينكما) شيء طبيعي يتكرر دائما في المجتمعات؛ لأن بعض الأمهات هداهم الله يريدون زوجة الابن كاملة من جميع الجوانب كأنها ليست من البشر، فالكمال لله وحده.
وكونكم تريدون أن تجتمعوا بالحلال، فهذا من حقكم ويقره الشرع والمجتمع.
وكونك ستسعين جاهدة في كل وقت وحين لتكسبي رضا والديه وحبهما، فهذا رائع جزاك الله خيرا.
وسؤالك إذا تزوجتم دون رضا الأهل، هل يرق قلب الأم؟ فهذا في علم الله، نعم حصل لأسر كثيرة بأن رفضوا زواج الابن من زوجة تكبره سنا ولكن بعد فترة تم التآلف بينهم، وأصبحت عزيزة عندهم، هذا لمسناه لبعض الأسر، ولكن لا نستطيع أن نعمم الظاهرة على الجميع خاصة وأنك ذكرت أن والدة الشاب صعبة المزاج جدا جدا، وليست من الناس الذين يغيرون ما في عقولهم، وأنا لا أعرف دليلك على هذا ولكن يا عزيزتي كيف تبدئين حياة بدايتها قطيعة رحم؟!
نعم ليس من العقوق أن يتزوج الشاب على سنة الله ورسوله بمن يراها تصلح زوجة له ويعف نفسه، ولكن ماذا بالنسبة لهذا الخلاف، وهذه القطيعة؟
وخاصة كما لمست منك أن الرفض ليس من والدته فقط، فالوالد له الموقف، وأن والدته يمكن أن تسيطر كما ذكرت على إخوته وأفراد الأسرة.
مع أنك قلت إنه ليس في نيتك أن تتسببي بقطيعة بينه وبين أهله ؟
وأن توسيط أيا من الخارج مرفوض، فكيف ستوفقين بين هذا كله؟
أنت تعيشين في صراع من الآن، فكيف بك إذا حصل ما حصل؟
وهل الشاب الذي تقدم لك مصر على موقفه ؟ هل عنده الاستعداد أن يقاطع أهله ويستغني عنهم جميعا؟
لا تنسى أن المشاكل ستمتد إلى الإخوة والأهل، فلو تواصل مع إخوته أو أحد أفراد الأسرة ستزداد القطيعة بين الأسرة.
حبيبتي : استخيري الله أنت وهو وكرروا الاستخارة ولا تتعجلوا، فإن الله جل وعلا كفيل بأن يختار لكم ما فيه الخيرة من أمركم.
ليس هناك شيء يرغمك بأن تصممي على هذا الشاب رغم كل هذه التحديات؛ لأن أجمل وأحلى ما في الزواج فرحة العروسين بفرحة والديهم، وأنهم استطاعوا أن يحققوا لهم أملهم المنشود بالنسبة للوالدين، ودعاءهم المستمر لهم.
إضافة أن هناك غضب من الوالدين وقطيعة للرحم، فلماذا تبدأون حياة كلها مصاعب وتحديات، فليس هناك حاجة إلى هذا التصميم، وثقوا أنه إذا هناك نصيب بينكما فسيتم الموضوع بكل بساطة ويسر، وقد تكون هذه المعوقات رسائل لكم بأن هذا الزواج ليس في صالحكم.
أكرر عليكم: استخيروا ولا تتعجلوا، فإن تيسر الأمر ففيه الخير لكما، وإن تعسر فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا.
ارضوا بما كتبه الله لكم وتيقنوا أن الخير فيما يقضيه، فقد يخلف عليكما خيرا لكما، وما ذلك على الله بعزيز.
أسأل الله تعالى أن يسكن الرضا قلوبكما وأن يكتب لكما السعادة في الدارين.
وبالله التوفيق والسداد.